الشيعة في العراق يحيون عاشوراء على وقع انقسام داخل بيتهم السياسي
اخبار البلد - أحيا المسلمون الشيعة في العراق الثلاثاء يوم العاشر من محرم مع توافد مئات الآلاف من الزوار من العراق وخارجه إلى مدينة كربلاء حيث مرقد الإمام الحسين حفيد النبي محمد، والتي تحمل زيارتها رمزية كبرى في هذه الذكرى.
ويتزامن إحياء هذه الذكرى مع انقسام داخل البيت السياسي للشيعة يثير القلق من تحوله إلى حرب أهلية، في ظل تمسك الفرقاء بموقفهم.
ويتركز الخلاف بين رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر ورئيس حزب الدعوة الإسلامية نوري المالكي، ويرفض كلا الطرفين تقديم أي تنازل قد يظهرهما في ثوب الضعيف أمام أنصارهما، الأمر الذي يجعل الأزمة مفتوحة على سيناريوهات مخيفة.
ويحيي الشيعة ذكرى مقتل الإمام الحسين في العاشر من شهر محرّم العام 680 هجرية على يد جنود الخليفة الأموي يزيد خلال معركة في كربلاء منذ قرون بمواكب وشعائر تجري في بلدان عدة، لكن لها رمزية كبرى في كربلاء.
وفي محيط مرقدي الإمام الحسين والعباس في المدينة الواقعة في وسط العراق، تجمّع مئات الآلاف على السجادات الحمراء المحيطة في المبنى ذي القبب الذهبية منذ ليلة الاثنين، من رجال ونساء وأطفال.
وجلس بعض الزوار المتشحين بالسواد صباح الثلاثاء على الأرض في داخل مرقد الإمام الحسين، وسالت دموعهم تأثراً بصوت القصائد الندبية المغنّاة التي تشيد بالحسين وتستذكر واقعة مقتله، فيما افترش آخرون الأرض في الخارج تحت الشمس الحارقة، وضرب آخرون على صدورهم تعبيراً عن الحزن.
وامتلأت شوارع كربلاء كذلك بالمواكب الخدمية التي تقدّم الطعام والماء للزوار.
في الأثناء، أعلنت الأجهزة الأمنية عن "تعزيز التواجد في المحافظة والطرق المؤدية إليها، حيث أسهمت التشكيلات الأمنية المختلفة في فرض عملية تأمين مراسم الزيارة وفرض أطواق حماية”، وفق بيان صادر عن خلية الإعلام الأمني نقلته وكالة الأنباء العراقية.
ويقول يوسف كاظم العرداوي البالغ من العمر خمسين عاماً والذي يعمل موظفاً في العتبة العباسية "البيت الشيعي منقسم”، مضيفاً من كربلاء أن "ذلك أثر على الشارع من ناحية الاقتصاد والعمل (…) لم نكن نتأمل ذلك من السياسيين الشيعة”.
وجاء حسين ثامر البالغ من العمر 25 عاماً من الناصرية في الجنوب للمشاركة في الزيارة. وقال الشاب "الظروف السياسية صعبة جداً، ونحن نتمنى أن نتعلم الدرس من الإمام الحسين الذي انتفض على الظلم وعلى السياسيين”. ويضيف "المفروض هذا الشعب كله ينتفض. نحن في عام 2022 وبدون كهرباء”.
ويواجه العراقيون ظروفا صعبة في ظل ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، والانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، وفي المقابل لا يبدو أن ساسة البلد مبالين، حيث ينصب تركيزهم على الانتصار في معركة لي الذراع التي يمارسونها.
وأطلق التيار الصدري اعتصاماً منذ أواخر يوليو احتجاجاً على اسم مرشح الإطار التنسيقي لرئاسة الوزراء. وطالب مقتدى الصدر بعد ذلك بحلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، ليرد المالكي الاثنين بالقول إنه "لا حل للبرلمان ولا انتخابات مبكرة إلا بعودة مجلس النواب إلى الانعقاد”.
وقال المالكي في كلمة له إن "العراق بلد مكونات، وشعبه يتشكل من مكونات ومذاهب وقوميات، ولا يمكن أن تفرض عليه إرادة إلا بإرادة الشعب بالكامل عبر مؤسساته الدستورية التي يمثلها البرلمان المنتخب”، مشددا على أن "لا حلّ للبرلمان ولا تغيير للنظام، ولا انتخابات مبكرة، إلا بعودة البرلمان إلى الانعقاد، وهو الذي يناقش هذه المطالب، وما يقرره نمضي به”.
ويصر المالكي على تشكيل حكومة جديدة يقودها مرشحه محمد شياع السوداني، تتولى هي التحضير لانتخابات مبكرة، وهذا الأمر يعارضه بشدة زعيم التيار الصدري، ويعتبره، بحسب مقربين منه، محاولة التفاف جديدة من قبل الإطار التنسيقي، الذي بات الآن الكتلة الأكبر داخل البرلمان بعد انسحاب التيار منه في يونيو الماضي.
ويرى مراقبون أن الموقف الصادر عن المالكي يعكس أن الأمور تتجه نحو المزيد من التصعيد، وأن الأمر قد يدفع باتجاه عقد جلسات البرلمان في مكان آخر، وهذا ما قد يقود إلى صدام بين الطرفين في الشارع.
وفجر الثلاثاء، أحيا المئات من مناصري زعيم التيار الصدري يوم العاشر من محرم في ساحة التحرير في العاصمة بغداد التي خلت شوارعها من المارة.
وارتدى هؤلاء الأكفان البيضاء التي تلطخ بعضها بالدماء، بعدما قاموا بالتطبير تعبيراً عن التأثر بمقتل الإمام الحسين، قبل العودة إلى موقع الاعتصام في محيط البرلمان العراقي.