دمج إداري أم مجرد فك ولصق؟
اخبار البلد-
منذ أكثر من نصف قرن إلى اليوم، وكل حكومة أردنية جديدة تجري تعديلات أو تبديلات او حذف أو إضافة في الإدارة العامة للدولة. كانت الحكومة الجديدة إذا طال عمرها وما تزال تلغي ترتيبات إدارية لحكومة أو حكومات سابقة أو تعدلها أو تضيف إليها بحجة تصحيحها. وكان العمل في كل مرة مجرد دمج أو فك ولصق.
أما المحصلة التاريخية لذلك فهي ما نشهده اليوم في الإدارة العامة من ترهل وفساد إداري ومالي يشكو منه الجميع على حد سواء: الرسميون والمواطنون. أما الدليل عليه فإنشاء إدارة / وزارة لتطوير القطاع العام، وإدارة خاصة لمكافحة الفساد.
وكأمثلة سابقة على الدمج والفك واللصق نذكر تعيين وكيلين لوزارة التربية والتعليم، تم إلغاء هذا الترتيب بعد أن ثبت فشله لمخالفته مبدأ إداريا معروفا وهو وحدة القيادة. وأنشأت حكومة سابقة وزارة للتعليم العالي، ثم جاءت حكومة لاحقة وألغتها، ثم جاءت حكومة ثالثة وأعادتها، ثم جاءت أخرى ودمجتها في وزارة التربية والتعليم، وهكذا كان الدمج والفك واللصق يفشل في كل مرة في تأدية المهام.
لماذا؟ لعل الجواب الصحيح موجود في البيولوجيا أو في علم وظائف الأعضاء، وهو أصل النظم الإدارية التي تقوم بمحاكاتهما، والباقي تفاصيل. فحسب هذه البيولوجيا أو علم وظائف الأعضاء فإن لكل وظيفة (Function) ضرورية للكائن الحي ينشأ عضو (organ) يختص بها ويديرها. فحاجة الإنسان والحيوان الماسة إلى الإبصار ادت إلى نشوء العين، وحاجته الماسة إلى السمع أدت إلى نشوء الأذن، وحاجته الماسة إلى الشم أدت إلى نشوء الأنف، وهكذا.
وهذه وتلك يديرها الدماغ الذي يماثله الفكر الإداري ممثلاً بالقائد أو الرئيس أو الوزير أو المدير. وبموجبه لا تستطيع العين ولا مطلوب منها ولا لزوم له الجمع – مثلاً – بين الإبصار والسمع، أو بين الإبصار والشم… فحيث تنشأ وظيفة أو حاجة ماسة ينشأ عضو يختص بها ويديرها، ومثله في المجتمع او الدولة، فحيث تنشأ وظيفة أو حاجة فيهما تنشأ إدارة تختص بها وتديرها. وتفشل هذه الإدارة أو تلك إذا انحرفت عن وظيفتها، أو نشأت إدارة لا وظيفة واضحة أو محددة لها. نعم، يمكن ان تضاف إليها وحدات فرعية أو أقسام إدارية تعمل جميعاً في خدمة الوظيفة الأساسية أو الهدف الخاص بالعضو أو الإدارة.
يبدو أن لجنة تحديث القطاع الكريمة وخبراء الإدارة المحترفين الذين طلعوا علينا بالفك والدمج واللصق لم يبنوا عملهم على هذا الأساس، فقد قرروا دمج وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في وزارة التربية والتعليم ومؤسسة التدريب المهني المضافة بالدمج إليها، على اختلاف الوظائف الخاصة بكل منها عن الأخرى، مما سيجعل إحداها تبتلع الأخرى. هذا عدا عن زيادة الترهل والبيروقراطية والروتين وربما الفساد الإداري والمالي. (The Badness of bigness. Small is beautiful.)
لو توقفت اللجنة قليلاً وانتبهت إلى ما يقوله علم وظائف الأعضاء لألغت وزارة التعليم العالي، دون البحث العلمي، واكتفت بمجلس التعليم العالي لإدارته. وربما كان أفضل بكثير لو ألغت جميع مجالس أمناء الجامعات بوجوده، لأنها تقليد أميركي لا ينطبق على الأردن، فالجامعات في أميركا مستقلة حتى وإن كانت حكومية، ويدير كل منها مجلس أمناء لا سلطة لأحد عليه. أما الجامعات في الأردن فتابعة للوزارة أو لمجلس التعليم العالي، فما الحاجة إلى وجود مجلس أمناء تلمع فوق ظهر كل منها. إن مجلس الجامعة يكفي. ولكننا للأسف أخذنا المغلف من أميركا، وألقينا الرسالة التي في داخله في سلة المهملات.
أما المحصلة التاريخية لذلك فهي ما نشهده اليوم في الإدارة العامة من ترهل وفساد إداري ومالي يشكو منه الجميع على حد سواء: الرسميون والمواطنون. أما الدليل عليه فإنشاء إدارة / وزارة لتطوير القطاع العام، وإدارة خاصة لمكافحة الفساد.
وكأمثلة سابقة على الدمج والفك واللصق نذكر تعيين وكيلين لوزارة التربية والتعليم، تم إلغاء هذا الترتيب بعد أن ثبت فشله لمخالفته مبدأ إداريا معروفا وهو وحدة القيادة. وأنشأت حكومة سابقة وزارة للتعليم العالي، ثم جاءت حكومة لاحقة وألغتها، ثم جاءت حكومة ثالثة وأعادتها، ثم جاءت أخرى ودمجتها في وزارة التربية والتعليم، وهكذا كان الدمج والفك واللصق يفشل في كل مرة في تأدية المهام.
لماذا؟ لعل الجواب الصحيح موجود في البيولوجيا أو في علم وظائف الأعضاء، وهو أصل النظم الإدارية التي تقوم بمحاكاتهما، والباقي تفاصيل. فحسب هذه البيولوجيا أو علم وظائف الأعضاء فإن لكل وظيفة (Function) ضرورية للكائن الحي ينشأ عضو (organ) يختص بها ويديرها. فحاجة الإنسان والحيوان الماسة إلى الإبصار ادت إلى نشوء العين، وحاجته الماسة إلى السمع أدت إلى نشوء الأذن، وحاجته الماسة إلى الشم أدت إلى نشوء الأنف، وهكذا.
وهذه وتلك يديرها الدماغ الذي يماثله الفكر الإداري ممثلاً بالقائد أو الرئيس أو الوزير أو المدير. وبموجبه لا تستطيع العين ولا مطلوب منها ولا لزوم له الجمع – مثلاً – بين الإبصار والسمع، أو بين الإبصار والشم… فحيث تنشأ وظيفة أو حاجة ماسة ينشأ عضو يختص بها ويديرها، ومثله في المجتمع او الدولة، فحيث تنشأ وظيفة أو حاجة فيهما تنشأ إدارة تختص بها وتديرها. وتفشل هذه الإدارة أو تلك إذا انحرفت عن وظيفتها، أو نشأت إدارة لا وظيفة واضحة أو محددة لها. نعم، يمكن ان تضاف إليها وحدات فرعية أو أقسام إدارية تعمل جميعاً في خدمة الوظيفة الأساسية أو الهدف الخاص بالعضو أو الإدارة.
يبدو أن لجنة تحديث القطاع الكريمة وخبراء الإدارة المحترفين الذين طلعوا علينا بالفك والدمج واللصق لم يبنوا عملهم على هذا الأساس، فقد قرروا دمج وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في وزارة التربية والتعليم ومؤسسة التدريب المهني المضافة بالدمج إليها، على اختلاف الوظائف الخاصة بكل منها عن الأخرى، مما سيجعل إحداها تبتلع الأخرى. هذا عدا عن زيادة الترهل والبيروقراطية والروتين وربما الفساد الإداري والمالي. (The Badness of bigness. Small is beautiful.)
لو توقفت اللجنة قليلاً وانتبهت إلى ما يقوله علم وظائف الأعضاء لألغت وزارة التعليم العالي، دون البحث العلمي، واكتفت بمجلس التعليم العالي لإدارته. وربما كان أفضل بكثير لو ألغت جميع مجالس أمناء الجامعات بوجوده، لأنها تقليد أميركي لا ينطبق على الأردن، فالجامعات في أميركا مستقلة حتى وإن كانت حكومية، ويدير كل منها مجلس أمناء لا سلطة لأحد عليه. أما الجامعات في الأردن فتابعة للوزارة أو لمجلس التعليم العالي، فما الحاجة إلى وجود مجلس أمناء تلمع فوق ظهر كل منها. إن مجلس الجامعة يكفي. ولكننا للأسف أخذنا المغلف من أميركا، وألقينا الرسالة التي في داخله في سلة المهملات.