مجرفة صاحب المعالي

 
هكذا كدت أنسى يوم الشجرة لهذا العام، نظرا للموجات المطرية المتلاحقة التي (تمحننا) على الثلج، ثم تبتعد عنا كأي مراهقة لعوب.....هذه الأجواء الشتوية ربما تؤجل أو ربما تلغي احتفالات هذا العام، وتحرمنا بالتالي من مشاهدة صورة معالي وزير الزراعة ، أو من ينوب عنه، وهو(منحنٍ) وفي يده مجرفة يحاول جاهدا زراعة غصن ما أخضر ، فيما يرمقه بعض موظفي الوزارة والعديد من الاطفال بنظرات الاعجاب والتقدير.

لا اعتقد ان معالي الوزير؛ اي وزير ، يكمل غرس الشجرة بعد مغادرة كاميرا التلفزيون والمصورين .. اذ على الاغلب في هكذا احتفالات أن يتم تصوير المسؤول في عدة اوضاع ، مع المجرفة ،ثم يترك الامر للعمال أو الأهالي ومن لف لفّهم .وهكذا يتم اهمال الشجرة حتى عيدٍ قادم .

لهذا السبب فان شعار: ( اردن اخضر عام الفين) تحوّل الى واقع وحقيقة: ( اردن اغبر عام الفين وثلثطعش، وربما الى : (اردن اصفر عام الفين وستة عشر) إذا بقينا ع هالرشة، وظلت علاقتنا مع التشجير علاقة يومٍ في السنة؛ ندفن فيه غرسة ونستريح حتى العام القادم.!

احتفال عيد الشجرة الوحيد الذي حضرته، ربما كان في بدايات السبعينيات ، حين كنت طالبا ، وكان المسؤول المناوب آنذاك هو مدير تربية وتعليم المنطقة؛ والذي لم يكن يملك اي فكرة حول الموضوع، وربما جلبوه من البيت على عجل ليقومَ بالواجبِ . وقد بدأ كلمته المرتجلة قائلا:

- نحتفل اليوم بعيد الشجرة... الشجرة؛ التي تنمو لتأكل منها الاغنام والماعز ؛التي تعطينا الحليب الذي نصنع منه الجميد والمخيض واللبن ؛ كما انها تعطينا اللحم ، ومن جلودها (...).

وهكذا نسي الرجل جميع ميزات الشجرة وطفق يمتدح الاغنام والماعز حتى ظننته مديرا للثروة الحيوانية وليس للتربية والتعليم في المنطقة.

اعتقد ان ذات اهتمام مدير تربيتنا آنذاك بالشجرة ما زال يتحكم بتوجهاتنا الوطنية تجاهها. فيما تفرغت الحكومات «بتطليع» الاشجار في رؤوسنا، على سبيل التسلية حتى عيدِ الشجرةِ القادم.

ghishan@gmail.com