اللاجئون السوريون.. ملف مهمل

أخبار البلد-

 

الدول الكبرى وغير الكبرى التي أنفقت عشرات مليارات الدولارات وجلبت جيوشا وميليشيات من كل الأنواع الى سورية لم تعد معنية بملايين السوريين المهاجرين في بلاد العالم ولا بالدول الفقيرة التي استضافت ملايين منهم، فسورية اليوم ملف لا يريد احد ان يكون له نهاية شبه سعيدة، فاللاجئ عليه ان يبقى لاجئا، والدول المستضيفة عليها ان تدبر نفسها، وسورية البلد والدولة في دمار يحتاج عشرات السنين ومئات المليارات للتخلص منه والعودة الى الحد الأدنى، والمواطن السوري في بلده يواجه تردي الاوضاع الاقتصادية والمعيشية، والنظام عليه تسديد الفواتير السياسية والامنية والعسكرية والاقتصادية للدول التي وقفت معه.

ونحن في الأردن من الدول التي استقبلت اكثر من مليون وربع من الأشقاء المسجلين وغير المسجلين في سجلات المنظمات الدولية، علينا ان نتعامل مع هذا الملف باعتباره ملفا منسيا من العالم، فحتى المساعدات المالية الهزيلة التي تقدمها المنظمات الدولية للسوريين لتأمين الغذاء تتراجع بل وتختفي بالتدريج، ومخيم الزعتري الذي انهى عشر سنوات من عمره قد يصبح جزءا من التقسيمات الإدارية للدولة وليس حالة مؤقتة، فالعالم ليس معنيا بشيء في سورية سوى ما كان من تدمير البنية التحتية والانسان، أما بقاء النظام ورحيله وملف اللاجئين والنازحين السوريين فهذا أمر للحديث لدى بعض الجهات، ويصبح الحديث شيئا فشيئا عن بقاء المساعدات وصيانة المخيمات وليس عن عودتهم الى بلادهم.
ومثل كل الخيام التي تحولت إلى مدن ليس لدى العالم مانع من تحول مخيمات اللجوء السوري الى مدن، وليس مهما توطين السوري سياسيا حيث يعيش اليوم بل توطينه اقتصاديا دون قرار بل بحكم الواقع ومقتضياته.
لا ألوم الأشقاء السوريين إلا من هو قادر منهم على العودة ولا يفعل، او من يزور سورية كل فترة لكنه يبقى خارجها لاجئا، لكن العالم الذي صنع الاونروا لإغاثة ابناء فلسطين المهجرين من بلادهم بشكل مؤقت الى حين العودة لم يعد يقبل ان تبقى الاونروا بشكل دائم، فلا العودة ولا الاونروا، وهو ذات العالم الذي كان نشيطا في إغاثة السوريين يترك السوري ومن يستضيفه يواجهان الازمة.
في بلد مثل لبنان هنالك اصوات مرتفعة في الاعلام والسياسة وبين الناس تقول ان لبنان في ازمة اقتصادية كبرى لا يمكنه معها قبول وجود السوري شريكا في فرصة العمل ولمبة الكهرباء وكأس الماء، وفي بلد آخر هنالك اصوات تعلن كراهية السوريين وتتعامل معهم بعنف من قبل بعض الناس.
التجارب تقول ان كل الازمات التي نعتقد أنها مؤقتة تتحول إلى دائمة وعلينا دفع ثمنها سياسيا واقتصاديا وامنيا، والعالم الذي يقفز عن اي ازمة الى اخرى يقفز اليوم عن ازمة اللجوء السوري، وعلى اللاجئين ومن يستضيفهم ان يبحثوا عن حل او الذهاب الى توطين اقتصادي كمرحلة اولى.