متابعة «المقال القديم»!
أخبار البلد-
ظروف عابرة ضيّقت عليّ في تجهيز مقال الأسبوع الماضي فاضطررت لاستلال بديل قديم يتحدث عن محاولات تيسير اللغة العربية منذ أواخر القرن التاسع عشر، ولم يدُرْ بخلدي انه سيحظى بكل هذا الاهتمام من لدن بعض القراء المحيطين بما يواجه لغتهم من تحديات، وضرورة إصلاح قواعدها لتسهيل استخدامها في تأدية الهدف المنشود منها كأي لغة اخرى في نشر المعرفة وتبادلها، بيد ان قارئة من عمان هاتفتني وأنكرت بكل لطف وكياسة ما فهمتْ اني نسبْتُه في مقالي لعبد المجيد التاجي الفاروقي (١٩١٢-١٩٨٦) فهو خالها الذي كان مسؤولًا عن قسم اللغة العربية?في جامعة ديرهام في بريطانيا، ولديها ما يثبت بانه لم يطالب باستعمال الحروف اللاتينية بدل العربية بل قدم للمجمع اللغوي المصري عام١٩٦٠مشروعه الخاص به لاستبدال حركات التشكيل بحروف تضاف للكلمة المكتوبة، فمثلًا الفتحة بالألف والضمة بالواو والكسرة بالياء، وذلك لتبسيط قراءتها وبالتالي فهمها، كما ابلغتني بانها سوف تتصل بشقيقاتها في الولايات المتحدة وكندا والقدس من اجل تأمين نسخة من كتابه، فجاءتني من شقيقتها في كندا صورة عن رسالته لصحيفة التايمز اللندنية الصادرة في 8/7/1960 يشرح فيها طريقته، وفي اليوم التالي كان ابن?اللغوي الفلسطيني الراحل يتصل من بلفاست حيث يقيم ثم يرسل على الايميل صفحات بخط اليد تشرح المقترح الذي قدمه والده الى مجمع اللغة العربية في القاهرة، (يا ربُّ كم تشتت ابناء وبنات الشعب الفلسطيني في أصقاع الأرض إثر النكبة ١٩٤٨) !ويقتضيني الانصاف الآن ان أوضح ان كتاب «الخط العربي» للدكتور أميل يعقوب «عن تاريخ الدعوات الى اصلاح الكتابة العربية» والذي كان مرجعي في مقالي ذكر بان الذي تقدم باقتراح تغيير الحروف العربية الى اللاتينية (بعد ثلاث محاولات بريطانية فاشلة في الاعوام ١٨٨٠و١٨٩٠ و١٩٠١) كان عبد العزيز فهمي أسو? بما فعل كمال أتاتورك في إصلاح اللغة التركية ثم تبعه علي الجارم بمشروع آخر، وتلقى المجمع أكثر من مائتي اقتراح مختلف كان اسم عبدالمجيد التاجي الفاروقي بين مقدميها ولم ينسب له انه كان يرى تغيير الحرف العربي الى اللاتيني، كما قمت باستقصاء موقف الاب انسطاس الكرملي الذي ورد اسمه بين المقترحين فتبيّن انه كان من اشد المعارضين للتحول الى الحروف اللاتينية!
وأنا اذ أعرب عن سعادتي بهذه التعليقات والمعلومات الجديدة عن تاريخ محاولات اصلاح اللغة العربية فإني أعود للقول بان مجمع اللغة العربية في القاهرة آنذاك اغلق الموضوع بعد ان شكّل لجنة فنية درست لعدة سنوات الاقتراحات المقدمة دون ان تتوصل الى شيءٍ!
وبعد.. ففي رأيي المتواضع أن إصلاح لغتنا ما زال ممكناً على أيدينا وبقيادة مجامع اللغة في بلادنا العربية، وعلينا ان ننجزه بدون ابطاء قبل ان تقوم به، كما نبهت أكثر من مرة، شركات الإنترنت العالمية بالتعاون أو التواطؤ آو التآمر مع حكومات ومؤسسات استعمارية ذات أهداف مشبوهة، وهذا الإصلاح ممكن عمليًا في وقت قصير إذا تخلصت المجامع من عقدة الخوف على قدسية اللغة من تطويرها، وإذا لم تتدخل جهات خارجية لا تريد الخير لهذه الأمة ولغتها..!