من الذي يريد تشويه صورة مجلس النواب؟

لتسمحوا لي ايها السادة النواب بتوجيه هذا السؤال اليكم وانتم من اخترناكم لتمثيلنا ، والحديث باسمنا تشريعا ورقابة. وجلكم ممن كانت وما زالت له بصمات واضحة في البناء الوطني الذي نحن احوج ما نكون ـ في هذه الايام ـ الى التمسك به، والاسهام في الحفاظ عليه.
والسؤال ينطلق من حيثيات يجري تداولها هذه الايام بخصوص العلاقة ما بين بعضكم والناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الدولة للاتصال والاعلام، وعلى خلفية تصريحات نسبت للسيد الوزير وتتعلق ببعض الملفات الداخلية. ومنها موضوع الانتخابات البرلمانية.
ويستند السؤال الى جملة معطيات ابرزها ـ في قناعتي الشخصية ـ اننا جميعا ـ ونحن في خندق واحد اعلاميين ونواب ـ لم نعتد على التعامل مع جرعات مرتفعة الوضوح والصراحة من وزراء سابقين مع الاحترام والتقدير العاليين لكل من اشغل هذا الموقع سابقا. ومنهم البعض من زملاء المهنة.
لندخل في التفاصيل كسبا للوقت، وابدأ بقضية الانتخابات البرلمانية والتي نقل عن الوزير القول بانها ستجري قبل نهاية العام. والتي فهمت بانها « موقف او قناعة» للسيد الوزير بخصوص المجلس.
فهل يعقل هذا؟ وكيف يمكن ان « نمنطق» هذه الفرضية في ضوء معرفتكم جميعا بان الامر باجراء الانتخابات حق ملكي لا ينازع جلالة الملك فيه احد. وكيف يمكن ان نتعامل جميعا مع المعلومة في ضوء تصريحات جلالة الملك التي اعقبت ما قاله الناطق الرسمي والتي اكد جلالته خلالها انه يريد اجراء الانتخابات بالسرعة الممكنة.
هذا من حيث المبدأ، اما في تفاصيل هذا الملف فالتدقيق في تصريحات السيد الوزير تشير الى تأكيداته بان الحكومة تقوم بما عليها من واجب. وتعمل على ضمانة نزاهة الانتخابات من خلال ارسال قانون هيئة الاشراف على الانتخابات. ومن ثم ارسال قانون الانتخابات الى مجلس النواب الذي هو صاحب الولاية في القبول بالتصورات الحكومية او رفضها او تعديلها. واستمزاج من يراه مناسبا، وبالتالي اخراج القوانين بالصيغة التي تكون نافذة.
ومن نفس الزاوية، اتساءل وارجو ان نتساءل جماعة عن مدى منطقية ان يكون لدى الحكومة رغبة في حل البرلمان. ما دام مصير السلطتين واحدا. وما دام حل البرلمان يعني استقالة الحكومة، وعدم جواز تشكيل رئيسها لحكومة جديدة.
فهل يمكن ان تسعى الحكومة الى التسريع باستقالتها؟
 في الوقت نفسه ومن خلال تتبع تصريحات الوزير في كل المناسبات لم يكن هناك ما يشير الى انه تحامل على المجلس. أو على اي من شخوصه، فالتصريحات تؤكد احترامه للنواب. وان الغالبية العظمى من السادة النواب هم من الحكماء الذين يوثق بهم وبحسهم الوطني.
لن اطيل عليكم سادتي .. وارجو ان اقدم لكم تصوري الذي آمل ان يكون مجال تدقيق من قبلكم. فلست اكثر حرصا منكم على الهم الوطني او تقدير حساسية الظرف الذي يفترض ان تتكاتف جميع الجهود للخروج من مأزق نعلم جميعا تفاصيله. وحيثياته.
وعلى الرغم من انني لست من انصار نظرية المؤامرة ، الا انني اقرا ما حدث بالتفصيل التالي:
بدأت المعركة ضد السيد الوزير بعد ان شارك في البرنامج الحواري « الرأي الثالث» في التلفزيون الاردني الذي يعده ويقدمه الزميل جهاد المومني. حيث كانت مشاركته جريئة وغير مسبوقة. وقال فيها ان برنامج الخصخصة « نزل بالباراشوت» . حيث تحرك اصحاب راس المال المتضررين، من فتح بوابة الخصخصة، مدعومين من توجهات سياسية وامنية سابقة انتم تعرفونها جيدا،
مع العلم بان ملف الخصخصة واحد من الملفات التي قمتم بفتحها، واثرتموه ـ لاحقا ـ تحت القبة، واتفق راي الحكومة معكم بشكل كامل.
وكانت له تصريحات مماثلة فيما يخص موضوع محاربة الفساد الذي ترفعونه الى مقدمة اولوياتكم. وتضعه الحكومة في مقدمة اهتماماتها.
وتواصل الوزير مع الفعاليات الحراكية من زاوية الرغبة في تقريب وجهات النظر وتفهم كل طرف للآخر وصولا الى تعزيز مبدأ سلمية الحراك، وبلوغ رؤية اصلاحية متكاملة ، قد نتفق على عناوينها. ونختلف على بعض تفاصيلها. وهي ـ باعتقادي ـ رؤية حكومية متقدمة تستبعد مخاصمة الحراك وتعمل على احتواء الازمات بما فيها الازمة التي كان من الممكن ان تشكل ثغرة امنية في ساحة النخيل قبل اسبوعين.
واعتقد هنا انه لولا حكمة الحكومة، لتطورت المسالة الى ما لا تحمد عقباه.
واستغل البعض من المتضررين هذا الموقف للتحريض ضد الوزير، بما في ذلك محاولة نقل التصريحات على غير حقيقتها. وصورت القضية على اساس انها ازمة بين النواب والوزير. مع ان قراءتي لتصريحاته تشير دوما الى احترامه لكم واعترافه بدوركم. وبان السلطتين التشريعية والتنفيذية في مركب واحد وتحت يافطة كبرى اسمها الوطن.
الوطن الذي يحتاج هذه الايام الى التكاتف ورص الصفوف بدلا من تشتيت الجهد في امور اعتقد ان ساحتها خارج القبة. وهي ساحة الحرب ضد الفساد.
ومع هذا فاسمحوا لي ايها السادة ان اسأل في ضوء كل ما سلف: من الذي يريد تشويه صورة السادة النواب؟
وسؤال آخر ارجو ان تتسع صدوركم له .. ويتمثل بمدى قبول حجب الثقة عن وزير لانه ادلى بتصريحات معينة. وعلى افتراض ان تلك التصريحات تقاطعت مع قناعاتكم؟
فما نعرفه ان حجب الثقة يكون مقبولا فيما اذا تم بناء على فعل معين انطوى على خروج عن المألوف دستوريا او قانونيا او نظاميا. وليس قولا. فانتم بيت الديمقراطية، ونفترض انكم انتم حماة التعددية في الرأي والفكر. ونؤكد انكم اكبر بكثير من الوقوع في هذا الموقف.
وجوابي على هذا السؤال هو : هناك متضررون من النهج الحكومي هم من يسيئون الى صورة المجلس. ويفتعلون المعارك في هذا الصدد. وكلي ثقة بكم ان تطوى تلك الصفحة في هذا الظرف الحساس.