سياسات بلمسات إنسانية وأخلاقية

أخبار البلد-

 
تشير غالبية السياسات والتحركات السياسية والعسكرية المؤثرة التي تتخذ على المستوى العالمي الى افتقادها للمعايير الانسانية والأخلاقية، لذا فان النتيجة الحتمية التي سيقاد العالم اليها هي تعاظم احتمالية دخول الاقتصاد العالمي الى حالة الركود التضخمي؛ أي استمرار ارتفاع معدلات التضخم المصحوب بركود كبير. والمستمع لنشرات الاخبار العالمية سيصل الى نتيجة ترتفع عندها احتمالية استمرار النمو الضعيف طوال العقد المقبل بسبب ضعف الاستثمار الانتاجي التنموي المستدام في معظم أنحاء العالم، وبنفس الوقت طول فترة ارتفاع الاسعار بسب? النزاعات ونقص العرض وزيادة النفقات العسكرية والحربية على حساب الانتاج التنموي المستدام الزراعي منه والسلعي الضروري.

فقد كثر الحديث في الاونة الاخيرة عن مخاطر انزلاق الاقتصاد العالمي نحو ما يعرف بالركود التضخمي وهذا أمر غير مستغرب وبات قريبا على الابواب بسبب تبعات جائحة كورونا والتي ضاعفتها الحرب الروسية الاوكرانية وباقي النزاعات في مختلف اقاليم العالم. وهذا ما دفع العديد من المؤسسات الدولية الى خفض توقعاتها للنمو العالمي، وكان أخرها البنك الدولي الذي خفض توقعاته للنمو العالمي بحوالي 1.2 نقطة مئوية إلى 2.9 بالمئة لعام 2022، محذراً من أن الصراع الروسي في أوكرانيا قد ضاعف من الضرر الناجم عن جائحة كوفيد-19، فيما قد يدفع الع?يد من الدول نحو الركود. وهذا يشير من قريب إلى تضاعف احتمالية زيادة التباطؤ في الاقتصاد العالمي، الذي يدخل الآن ما يمكن أن يصبح فترة طويلة من النمو الضعيف وارتفاع التضخم. واذا ما حصل ذلك فان الاقتصاد العالمي سيشهد أقوى تباطؤ يأتي بعد انتعاش، منذ أكثر من ثمانين عاماً، وينجم عن ذلك خطر متعاظم بحصول ركود تضخمي.

والجميع يعي أن النمو الاقتصادي العالمي تضرر بسبب الحرب وعمليات الإغلاق الجديدة بسبب فيروس كوفيد-19 في الصين، واضطرابات سلاسل التوريد، وخطر الركود التضخمي، وهي فترة من النمو الضعيف والتضخم المرتفع شهدها العالم آخر مرة في السبعينات من القرن الماضي. وخصوصا وصول التضخم الآن إلى أعلى مستوياته منذ عدة عقود في العديد من البلدان وتوقعات بأن ينمو العرض ببطء، فهناك خطر أن يظل التضخم مرتفعا لفترة أطول.

وما يعزز ذلك أن السياسات التي تتبعها الدول ترتكز أكثر على محاربة التضخم وليس تحفيز النمو الاقتصادي. فالعديد من البنوك المركزية سارعت الى رفع معدلات الفائدة بدءًا من بنك الاحتياط الفيدرالي الاميركي وانتهاء بالبنك المركزي الاوروبي الذي رفع أسعار الفائدة لديه بخمسين نقطة مئوية لاول مرة منذ أكثر من 11 عاما. وهذا الاتجاه من رفع الفائدة سيؤدي بلا شك الى تقليل الطلب على الائتمان وهذا بدوره سيضغط باتجاه ابطاء النمو الاقتصادي.

العالم بحاجة للجوء الى مختلف أنواع السياسات لكبح معدلات التضخم، ومنها تخفيض معدلات الضريبة وخاصة الجمركية والمبيعات، ولكن بنفس الوقت بحاجة لسياسات اقتصادية وتجارية واستثمارية مصحوبة بلمسات انسانية واخلاقية تدفع بمعدلات النمو الاقتصادي للاعلى وتحارب الفقر والبطالة التي تصيب أكثر القطاعات المؤثرة في النمو المستدام وهي الطبقة المتوسطة وخاصة قطاعات الشباب والمرأة.

الاستثمار بالمشروعات الريادية والابداعية والابتكارية التي يقوم بها الشباب وتقوم بها المرأة من أهم الوسائل المتوفرة لتحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة ومستدامة. فهل يعي العالم ذلك ويستفيق من غفلته ويوقف النزاعات والحروب ويتجه للتنمية المستدامة؟!