حتمية التاريخ والتغير في الاستراتيجية الغربية




على امتداد التاريخ البشري وحتمية التغيير الكوني وسنن الابتلاء والتداول تفعل فعلها وبحركة دوران لا تعرفها القواميس البشرية ، لقد ظهرت أمم واختفت أمم وسادت حضارات ثم بادت حتى ذو القرنين الذي جاب الأرض من مطلع الشمس إلى مغربها لم يدم ... لم أسوق هذه المقدمة كي اثبت فرضية الدوران أو بديهية التدافع والتتابع ، بل القصد موجه لمن يعتقد أن الأحوال باقية وإنها لا تدور إلا بإرادة ولي الأمر ، لقد شاء القدر أن تظهر احد دورات التاريخ ونحن أحياء على وجه المعمورة .
لم يشهد التاريخ قوة كونية كما هي قوة الولايات المتحدة الأمريكية بما وفره لها المخزون البشري من التراكم العلمي ، إن قرأه الخبراء والاستراتيجيين في أمريكا وأوروبا تقولان أن حتمية التاريخ قد بدأت بين قوة عالمية صاعدة وقوى مقهورة ومنكوبة ناهضة ، أما القوة الصاعدة فهي الصين وأما المقهورة فهي نحن معشر أمة العرب ، أن من حق أمريكا أن تناضل ومعها الغرب الأوروبي كي تبقى القوة المهيمنة على الكون حتى أطول فترة زمنية ممكنه .
لهذه القراءات التي يسهر عليها خبراء نجد أن الغرب قد غير من إستراتيجيته العالمية من كون منطقة الشرق الأوسط هي الأهم إلى التوجه نحو جنوب شرق آسيا حيث المحيط الهادي وحيث الصين ليتم محاصرتها هناك وتكون هي الأهم.
لقد كانت أهمية الشرق الأوسط تكمن في ثلاثة محاور قد فقدت أهميتها كي تبقى الإستراتيجية الأولى للغرب، وهي الاتحاد السوفيتي والمد الشيوعي سابقا والنفط وإسرائيل ،أما الاتحاد السوفيتي فقد انتهت الحرب الباردة لصالح أمريكا وأما النفط فان التوجه إلى وسائل ومصادر الطاقة البديلة قد قلل من اعتماد أمريكا على بترول الشرق الأوسط بشكل رئيسي وأما إسرائيل، فهي قوة ولكنها لا تستطيع أن تستخدم قوتها في احتلال أراض جديدة ، ولن تكون مقبولة عالميا ودوليا ما دامت تحت الجناح الأميركي ، وهنا جاء مشروع الفوضى الخلاقة ليفتت دول المنطقة ويقسمها إلى كتل متناحرة تبدو إسرائيل فيها القوة الوحيدة الآمنة عن أي هجوم معادي .
أما بالنسبة إلى إيران فإنني اعتقد أن عام 2012 هو عام الملف الإيراني ومحور ما سمي بالممانعة،بغض النظر هل تنجح خلخلة النظام من الداخل آم باستخدام القوة في ضربات نوعية تعيد إيران الىعدةعقود قد مضت .
أن من يعتقد انه ناج من حركة التغيير وينام على ريش النعام والحرير فهو واهم جدا.لأن دوام الحال من المحال ، ستأخذ دول المنطقة عدة عقود كي تقوم ببناء نفسها من جديد لتأخذ شكلا جديدا من أشكال التكوين الحضاري والإنساني ، لن يكون في المنظور القريب أي شكل من أشكال الإستراتيجية لدى العرب، حتى تكتمل حلقات الربيع العربي وتشمل كافة أقطار الوطن مع الاستعداد إلى هزات ارتدادية متعددة ، ويستقر الموقف على نحو يكون فيه أجيال قد كبرت وساهمت في صياغة مستقبلها .
هل نحن في الأردن بمنأى عن حتمية التاريخ وسنن الكون ، طبعا لا ولكن النظام وقوى الشد العكسي والمغفلين غير راغبين في الاستفادة من تجارب الآخرين .