ضرورة عقد قمة عربية طارئة

أخبار البلد-

تمر الأمة العربية بأزمات وتحديات خطيرة غير مسبوقة. أزمات تهدد أمن المنطقة واستقرارها، ‏وتنذر بمزيد من الانقسام والتشظي العربي المخطط له. وفي أكثر الحالات تقف هذه الأوضاع ‏حائلاً دون كل محاولات التنمية والتطور والتحديث المأمولة، وتقود إلى بناء تحالفات غير ‏متكافئة، وضارة على المدى القريب والبعيد. يرافقها التنازل المذل عن مقدرات الأمة، وثرواتها، ‏وتجاوز كل الخطوط الحمراء المبدئية التي تمس قلب وروح كل عربي حر مؤمن بقضايا امته، ‏وفي مقدمة هذه الخطوط الحمراء القدس الشريف.‏


لا يكاد يمر أسبوع منذ بدء الأحداث في أوكرانيا، إلا وتعقد القمم والاجتماعات الأوروبية ‏والعالمية على أعلى المستويات، كي تناقش الأزمة، وتحلل أبعادها، وتضع الخطط والقرارات ‏الموحدة، للحد من النتائج السلبية من وجهة نظرها. تطرح تلك اللقاءات كافة الخيارات للحفاظ ‏على مصالح أوروبا، وتحالفاتها، وتعقد تحالفات جديدة قائمة على المصالح المشتركة التي يراد ‏منها الحفاظ على مقدرات الأطراف المتحالفة، وثرواتها، لمواجهة ما تعتبره تعدٍ، أو عدوان ‏خارجي.‏


يراقب المواطن العربي تسارع الأحداث في الوطن العربي بعيون يملؤها الحزن. يرى كذلك ‏ازدواجية المعايير الدولية، والضمير الإنساني الذي بات يعترف بحق القوة، ولا يناصر قوة ‏الحق، ويصافح القاتل، ويقاطع الضحية، وما يزيد سواد المشهد الانسياق الصاعق خلف الباطل ‏ضد الذات، لذا يتساءل المواطن هل اتخذ العرب خطوات حقيقية لتغيير ما يحدث؟


لا يكاد يختلف أحد على وصف المشهد العربي البائس والمؤلم، فالدمار في سوريا واليمن ‏والعراق، والكوارث الاقتصادية والسياسية في لبنان والسودان وليبيا، والأزمات المتلاحقة في ‏المغرب العربي، وحالة عدم الاستقرار في جزيرة العرب التي باتت تهدر مواردها وأموالها في ‏مواجهة رهاب إيران النووي. يضاف إلى ذلك فلسطين التي تركت ليواجه أطفالها بإرادة وحجارة ‏دبابات ورصاص كيان نووي.‏


يعلم زعماء الأمة العربية أن لا طائل من التعويل على نهضة وتقدم العرب دون الوحدة، كما ‏يعلمون تماماً أن التحالف مع الأعداء استسلام لن يبرره التاريخ. يوقن زعماء الأمة أن المشاريع ‏الأميركية في العالم العربي وجواره ستجعلهم أكثر تبعية، وستفقدهم حتى القدرة على إدارة دولهم ‏منفردة، ولن يكونوا بعيدين عمّا حلّ بالقذافي، وصدام، وحسني مبارك.‏


نعلّم أبناءنا أن الاعتماد على الذات سر النجاح. نعلمهم كذلك أن تعاوننا وتكاتفنا وتعاضدنا ‏يحمينا من بطش الأعداء، ونقول لهم أن مواردنا وحضارتنا أعظم بكثير مما يوصف، وهي ‏حقيقة، لكننا نمارس عكس ما نعلّمه أولادنا. إننا نرفض وحدتنا، ونمد يدينا للأعداء، ونقاتل ‏بعضنا، ونكرم المسؤولين عن نكباتنا، وعن قهر العروبة في العروق، وما أبخلنا في رؤية ‏مستقبلنا والأحفاد.‏


مثلث القوة العربية "مصر، السعودية، الجزائر". لماذا الانتظار؟ فلتدعوا إلى قمة عربية طارئة ‏لتقدم حلاً عاجلاً لقضايانا الداخلية، وتحدد أولوياتنا كأمة عربية إسلامية مسيحية بضرورة ‏استقرار كل أقطارنا العربية، وتقديم ما يلزم لبناء جسور الوحدة العربية. يجب بناء القوة العربية، ‏ودعوة من يرغب من الدول الإسلامية لتحالفات دفاع تجنبنا ما نحن فيه من انقسامات مموّلة، ‏وحروب تهدر مقدراتنا، واعتداءات ليس بمقدورنا ردها منفردين، وأطماع تلتهم عواصمنا دون ‏توقف.‏


يجب صناعة قرارات عربية تلتزم وتدعو للشرعية الدولية ككل، دون تقطير، أو الكيل بمكيالين.‏


قرارات عربية تمنع عقد الأحلاف مع عدو متربص لا يعلن خطاً لحدوده. عدو يقصف دون ‏رقيب قلب حضارتنا، ويعلن ليل نهار استغباء العالم.‏


قرارات عربية فيها الدعم والتأكيد على حق الشعوب جميعاً في الحرية والاستقلال، والحق الثابت ‏بمقاومة المستعمر والمحتل بكل وسيلة.‏
قرارات عربية تجرّم معاهدات سرية تبيع حقوق الغير بثمن بخس، أو وعود حماية وهمية