"مقابر الأرقام" تبحث عن أسماء شهدائها

أخبار البلد-

 
ممارسات تعيد استنساخ جميع سلوكيات وجرائم النازية والفاشية، من يزعمون أنهم ضحايا المحرقة يعيدون إنتاج محرقة خاصة بالفلسطينيين بشكل يومي، لن نتحدث عن عمليات الإعدام اليومية التي يمارسها جيش الاحتلال وزعران الاستيطان بحق الفلسطينيين أو غيرها من جرائم فهي تحتاج إلى مجلدات وموسوعات ضخمة لحصرها.

لكن أثيرت أخيرا قضية احتجاز سلطات الاحتلال لجثامين مئات الشهداء الفلسطينيين في الثلاجات ومنع تسليمهم إلى ذويهم لدفنهم، بينما دفن الاحتلال العشرات في مقابر حملت أرقاما دون أسماء في مقابر تعرف باسم "مقابر الأرقام".

المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين، ومركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، خاطبا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن جثامين الشهداء الفلسطينيين التي يواصل الاحتلال الإسرائيلي احتجازها.

جاء ذلك بناء على طلب 8 عائلات فلسطينية، يحتجز الاحتلال جثامين أبنائهم، وسلمت الرسالة إلى كل من المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، والمقرر الخاص المعني بحرية الدين والمعتقد، والمقرر الخاص في مجال الحقوق الثقافية، والمقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين.

وسياسة حجز الجثامين هي سياسة عنصرية ترقى إلى جرائم الحرب، وهي سياسة تستند إلى قرار سياسي إسرائيلي على أعلى المستويات، وإلى تأمر الجهاز القضائي الإسرائيلي بشكل كامل وممنهج في تنفيذ هذه السياسة ورسم سيناريو قانوني من أجل الإفلات من العقاب، وحتى يومنا هذا، منعت هذه السياسة العنصرية البغيضة العائلات الفلسطينية من دفن أحبائهم بطريقة لائقة وفقا لمعتقداتهم الدينية وبما يحترم كرامة الموتى.

وما أعاد فتح هذا الملف المطروح أمام العالم منذ سنوات، نشر تقرير إسرائيلي حول دفن عشرات الجنود المصريين الذين استشهدوا في حرب العام 1967 في قبور جماعية تقع تحت ما يعرف الآن باسم "إسرائيل المصغرة"، وهي حديقة بنيت على أراض وفوق أنقاض قرى اللطرون الفلسطينية المدمرة.

ولا يمكن تقدير أعداد الجثامين المحتجزة على مر السنوات بشكل دقيق.

وتشير التقديرات إلى أن أعداد جثامين الشهداء الفلسطينيين المحتجزة منذ عام 1967 بلغ المئات، في حين تم الإفراج ما بين عامي 1991 و2007 عن جثامين 405 شهداء بعد مفاوضات، فيما تم توثيق احتجاز 254 جثمانا في مقابر الأرقام و104 جثامين في الثلاجات.

وأرفقت المنظمات الحقوقية قائمة بأسماء 104 شهداء تعتقد عائلات بعضهم أنه تم إخفاؤهم قسرا، فيما تتهم عائلات أخرى سلطات الاحتلال بإعدامهم خارج القانون.

وكانت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة قد طالبت سلطات الاحتلال "اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة الجثامين المحتجزة، التي لم يتم إعادتها بعد إلى أقاربها في أسرع وقت ممكن، حتى يتمكنوا من دفنهم وفقا لعاداتهم ومعتقداتهم الدينية، وتجنب تكرار مثل هذه السياسات في المستقبل".

لكن الاحتلال اعتبر أن الكلام لا يخصه، ووكان الأمر لا يعنيه وواصل سياسة حجز الجثامين ودفن بعضهم في "مقابر الأرقام"، وعمليات الإعدام اليومية على مرأى من العالم دون أن يحاسب، وتقف قضية اغتيال الشهيدة شيرين أبو عاقلة مثالا على الصلف والعنجهية الصهيونية وعلى العجز العربي والدولي أمام النسخة الجديدة من النازية.