الصورة اتضحت بعد حرقها

يقودنا حرق صورة جلالة الملك للغوص في مكنونات التربية البيتية والتلقين المجتمعي والتغذية التقدمية الناصرية منها والشيوعية والبعثية التي يتنشأ عليها بعض الناكرين للحق والحقيقة ويسكثرون على أبناء تراب الأردن حبهم لترابهم الذي يمشون عليه الهوينا حتى لا يتناثر فلا يختل توازنهم.
فحرق الصوره "الورقة" لا يعني الكثير بقدر ما تعنينا الدوافع والأسباب والتشئة المريضة التي تقف خلف هذا الإفراز الذي لايمت بصلة للأردنين وتربيتهم وأخلاقهم وعاداتهم الأصيله وعشقهم لقيادتهم الهاشميه التي جُبلت على البعد عن إراقة دم الأردنيين بل تقدم دمها لبعث الحياه فيمن يراق دمهم بفعل الأقدار وبفعل الأيادي الدخيلة.
لا يُقدم على هذا الفعل إلا من رضع الحقد والكره ونشأ في بيئة وبين أناس توارثوا الكراهية والبغض على مدار سنين طويلة حتى صار الحقد لهم شعار يفاخرون به.
بيئة كهذه لا نتوقع منها إنتاج أجيال غير الذي رأيناه يقوم بفعلته التي آلمت كل الشرفاء من أبناء الأردن. تصرف كهذا لا يكون وليد ساعته بل هو خلاصة تنشئة وتربية لايسمع فيها أفرادها إلا كلمات الإتهام والتخوين وقلب الحقائق. كلمات بغيضة تعج بالكراهية الشديدة النابعة من أوهام وفهم خاطئين لمجريات الأمور وردود الأفعال التي من شأنها الحفاظ على كرامة الأردن وبقائه. هذه التنشئه استمرت تغذي وتسمم أفكارهم حتى خلقت لديهم عقيدة بأنهم على رأس أولويات كل العرب ولا يحق لنا وليس مقبول منا حتى حقنا التفاخر برموزنا وأوطاننا بل يعتبرون ذلك انتقاصا لحقوقهم وطمسا لوجودهم بل مطلوب من أن تهون علينا كل الأوطان أمام حقهم .
باعتقادي هناك الكثير الذين يباركون فعلة ذلك الحاقد وقد تربوا وترعرعوا على مثل تلك الأفكار المسمومه. ولا ننكر أن هناك الكثير أيضا الذين يستنكرون هذا الفعل ويقيّمون الأمور بعقلانية وموضوعية تضعهم بصف المحايدين.
ألم تصل حدود نكران الجميل وإنكار الحقائق بشخصية سياسية "رفيعة" تقلدت مناصب عديدة في الدولة وكانت من أقرب الشخصيات للمرحوم الملك حسين، إلى مقولته المشهورة " أصحاب الحقوق المنقوصة؟"
إنه المدعو عدنان أبو عوده الذي كان من صناع القرار الأردني وموضع ثقة الحسين والمؤتمن على أسراره وأسرار الدولة . ألم يكن أحد المشاركين بقرار كيفية معالجة تغوّل المنظمات الفلسطينية المسلحة التي كانت دولة داخل دولة معتبرة الأردن طريقا لتحرير فلسطين بل حجر عثرة يجب التخلص منه؟ ألم يقلها المرحوم ياسرعرفات "ألطريق إلى القدس يمر من قصر بسمان؟" وعندما كان في لبنان قال : "ألطريق الى القدس يمر من جونيه ؟"
ألم يكن أبو عوده ضابطا في المخابرات العامه الأردنية ومديرا للإذاعة ووزيرا للثقافة ووزيرا للبلاط ومرافقا دائما ومستشارا للحسين ومندوبا للأردن في الأمم المتحدة؟ فأين حقوقك المنقوصة يا أبا عوده ؟ وإن رُدّت "حقوقكم المنقوصة" تقولون ذلك تفريغ لفلسطين من أهلها. فما الذي يرضيكم؟ ألم يكن معظم رؤساء الوزارات من أصول فلسطينية ونسبة كبيره من الوزراء كذلك؟ أليس رئيس مجلس الأعيان الحالي من أصل فلسطيني وكذلك من سبقه ؟ وغير ذلك الكثير من الشواهد التي تدحض مقولتك يا أبا عوده . ألستم أنتم وبقية العرب من طالب بفك الإرتباط وكان الحسين ببصيرته الثاقبة يتباطأ بتنفيذ ذلك لاسشعاره ما ستؤول إليه الأحوال؟ وعندما تطبق بنود هذا الإنفكاك يقال هناك ظلم وانتقائية. عجبا !! ماذا نحن فاعلون لتقتنعوا؟
أرجو أن تسمحوا لي بسرد الملاحظة التالية من خلال اغترابي في السعودية عندما كنت ألتقي بالفلسطيني من سوريا وهو يحمل وثيقة سفر وليس جواز سفر سوري وتسأله من أين أنت يجيبك أنا سوري . والفلسطيني من لبنان والذي يحمل وثيقة سفر أيضا وليس جوازا لبنانيا يجيبك أنا لبناني فينسبون أنفسهم لمن لا يعطيهم حق المواطنة والأردنيون من أصول فلسطينية والذين يحملون جواز سفر أردني ورقما وطنيا أردنيا يجيبك وللأسف أنا فلسطيني متنكرا لمن أعطاه حق المواطنة. ألا يجعل ذلك المرء يضيق ذرعا بهؤلاء؟ وأقسم على ذلك بالله العظيم أنني وغيري الكثير واجهنا ذلك الواقع مرات عديدة .
يا إخوتي لاننكرعليكم فلسطينيتكم ولا نطمع منكم بالتلفظ بأردنيتكم ، لكن اتخذوا من الذين يعيشون بسوريا ولبنان العبرة وأنتم ونحن نعلم المهانة والحرمان اللذان يرسما حياتهم والمئات من الوظائف محرمة عليهم بحكم القانون وتحركهم مراقب ومقيد من قبل السلطات وليس بالسهل عليهم التنقل والسفر.
البعض يروج أن ذلك الشاب ليس سويّ العقل للتخفيف من وطأة فعله على الرأي العام الأردني. وأكرر هنا أن فعلا كهذا ليس ابن لحظتة بل هو نتاج تربية معينة واجترارلأوهام ماض دفنته السنين ووضعناه خلفنا لكنهم ما زالوا يعيشون به ويبنون عليه ويذكرونا به بكل حوار أو نقاش وبكل مباراة كرة قدم ناهيك عن مجالسهم وأدبياتهم, ماض نُقل وغرس بعقول الأبناء من الآباء والأجداد والسلسلة تطول.
فحتى لا يتجرأنّ أحد على تكرار فعلة كهذه, على الجهات المعنية الإقتصاص من ذلك الحاقد مع عدم إغفال البيئة التي شكلت له تفكيره. فحرق الصورة يعني الرغبة بحرق صاحبها وكل من يرغب بوجودها ووجود صاحبها . فالوقوف يجب أن لا يكون عند عملية الحرق فقط بل الدلالات و الدوافع والمناخ والأهداف التي دفعت به لفعلته المشينة التي حاولت أن تنال من رأس الدولة ورمزها الذي هو صورة من علم الأردن فمن يحرق العلم يحرق الوطن ومن يحرق الوطن يجب أن يُعزل ويقيّد حتى لاتعبث يداه باللعب بالنار.
وحتى نضع النقاط فوق حروفها نقول أن من لا يشعر أنه جزء من الوطن يهون عليه الوطن وعلى الوطن رفضه ولفظه بعيدا. وليكن ما حدث مدعاة للحذر وتكثيف الرقابة حتى يكون بالمستطاع منع التصرفات التي تعكر صفو الأردن وتذر الغبار على صورته أمام العالم الخارجي وجلالته خلال أيام سيكون في البيت الأبيض ولا شك أن على جدوله البحث بالحق الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية والحوار الفلسطيني الإسرئيلي فرب سائل عن أسباب حرق صورته من أحد "مواطنيه" فجلالته لن يعدم الجواب لكن نكون قد عرضنا صورة الأردن وجلالته عنوانها لما لا نحب أو نرضى.
فذلك الشاب تصرف بدافع تربيته وتلقينه وتعريضه لفايروس خطيرإذا انتشرلاسمح الله سيكون القضاء عليه مكلف جدا ، ولنأخذ العبرة ونستوعب الدرس ولانستهين بالأمر ودرهم وقاية خير من قنطار علاج . اللهم اشهد قد بلغت.
وحمى الله الأردن والغيارى على الأردن . والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com