التعادل بين اليورو والدولار من الرابحون والخاسرون؟

أخبار البلد-

 
تشير البيانات التاريخية لسعر الصرف ما بين اليورو والدولار الأميركي الى تعادل سعر صرف اليورو والدولار الأمريكي تقريبًا، لأول مرة منذ 20 عامًا. فقد انخفض سعر اليورو، العملة الأوروبية الموحدة، بشكل حاد لعدة أيام وفقدت حوالي 13٪ مقابل الدولار خلال العام الماضي.

بشكل عام، كان سعر اليورو أعلى من الدولار. ولكن كان هناك ضعف وأصبح اليورو الآن أكثر عرضة للخطر بسبب الحرب الروسية الاوكرانية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي وأسعار المنتجات الزراعية.

في حين أن هذا قد يبدو وكأنه أخبار سيئة للوهلة الأولى، لكنها في الواقع مفيدة للبعض وسيئة للبعض الاخر. فهو بمثابة سلاح ذي حدين. فمن الرابح والخاسر في هذا الوضع النقدي الجديد؟

من الناحية العملية، ان انخفاض قيمة العملة يحفز عمومًا النشاط التجاري، حيث تصبح المنتجات المباعة بالعملة التي ينخفض سعرها أكثر قدرة على المنافسة في الاسواق المحلية والعالمية، وبذلك تزيد الصادرات.

وسيجد المستهلكون الأميركيون أن المواد الاستهلاكية المستوردة، مثل النبيذ الفاخر والجبن من فرنسا وإيطاليا، أصبحت اقل تكلفة. وستصبح السيارات الألمانية، بما في ذلك «مرسيدس وفولكفاحن والاودي والبي ام دبليو» وغيرها، أقل تكلفة في صالات العرض في الولايات المتحدة.

كما أن ارتفاع قيمة الدولار قد يضر الأعمال التجارية للشركات الأميركية، لأن سلعها تصبح أغلى ثمناً بالنسبة للمشترين الأجانب. وإذا انخفضت مبيعات الصادرات الأميركية، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة اتجاه الاقتصاد الأميركي للتباطؤ.

في منطقة اليورو، يجب أن تكون الصناعة التحويلية هي الرابح الرئيسي لأنها ستكون قادرة على تصدير المزيد. ومن بين الشركات الأكثر تفضيلاً الشركات العاملة في قطاع السلع الكمالية وشركات الطيران مثل إيرباص. فهذه الشركات تبيع الكثير من منتجاتها في منطقة الدولار وسيستفيدون من ضعف اليورو مقابل الدولار. قطاع مفضل آخر هو صناعة الأغذية وهو قطاع مُصدِر رئيسي آخر.

الشركات العالمية التي تستخدم الأجزاء الأوروبية كمدخلات ستجد سلاسل التوريد الخاصة بها متيسرة اكثر. وستستفيد شركات النقل التي تشتري السيارات والشاحنات الأوروبية من خلال إضافتها إلى أسطولها بتكلفة مخفضة. وبالمثل، فإن شركات الطيران التي تشتري طائراتها من شركة إيرباص أو شركات تصنيع الطائرات الأوروبية الأخرى ستفعل ذلك بأسعار أفضل من المعتاد. يمكن أن يساعد هذا في تعزيز هوامش الربح لهذه الشركات.

كما ان ارتفاع سعر صرف الدولار يفيد قطاع السفر، لان ذلك يعني زيادة القوة الشرائية للمواطنين الأمريكيين ومواطني بعض دول الشرق الأوسط التي ترتبط عملتها المحلية بالدولار الأمريكي، مثل الأردن أو قطر. لذلك من المرجح أن يفضلوا أوروبا (قبرص وتركيا، واليونان، وايطاليا والبرتغال) لقضاء عطلاتهم وقضاء المزيد من الوقت هناك. وهذه أخبار جيدة لقطاع الفنادق، وهو أحد أكثر القطاعات التي عانت من الاغلاقات اثناء اندلاع جائحة كوفيد (19).

أما الخاسرون الرئيسيون من انخفاض قيمة اليورو مقابل الدولار هم الشركات الصغيرة غير المصدرة والأفراد والأسر التي ستنخفض القوة الشرائية لدخلها الثابت.

من المرجح أن تعاني الشركات المعرضة لتقلبات أسعار النفط أكثر من انخفاض قيمة العملة الأوروبية الموحدة. ارتفع سعر النفط بنحو 46 بالمئة بالدولار منذ بداية عام 2022، بينما ارتفع سعره باليورو بنحو 60 بالمئة. هذا بسبب أسعار الصرف الأقل ملاءمة حيث يتم تداول النفط بالدولار. في حين أن الشركات الكبيرة معتادة على حماية نفسها من مخاطر العملات، فمن المرجح أن تجد الشركات الصغيرة صعوبة أكبر في التعامل معها.

من المحتمل أيضًا أن تتأثر الأسر في ميزانياتها اليومية. وبصرف النظر عن سعر النفط، يمكن أن تشهد المنتجات الأخرى ارتفاعًا في تكاليفها. وقد ترغب شركات في زيادة سعر منتجاتها للتعويض عن خسارة الإيرادات الناتجة عن انخفاض قيمة العملة الأوروبية.

كما أن التضخم المرتفع بالفعل في منطقة اليورو، والذي وصل إلى 8.6 بالمئة في حزيران/ يونيو الماضي، من المرجح ان يرتفع أكثر بسبب تحركات أسعار الصرف.

أخيرًا، سيصبح السفر إلى الولايات المتحدة أكثر تكلفة بالنسبة للأوروبيين ومن المحتمل أن يصبح رفاهية. وبالعكس سيكون اقل تكلفة بالنسبة للأميركيين وخاصة المتجهين إلى أوروبا.

خلاصة القول، أدى ضعف اليورو مقابل الدولار إلى ظهور رابحين وخاسرين في أمريكا وفي أوروبا، وهناك احتمال أن تستمر قيمة اليورو في الانخفاض. بينما سيستفيد مستوردو ومستهلكو السلع الأوروبية، سيخسر المصدرون الأمريكيون إلى أوروبا. سيجد المسافرون من الولايات المتحدة إلى أوروبا أن دولارهم يذهب إلى أبعد من ذلك، لكن الأوروبيين قد يتجنبون السفر إلى أمريكا لأن عملاتهم باليورو ستشتري كمية دولارات أقل. وستشهد الشركات المحلية التي تمارس قدرًا كبيرًا من الأعمال التجارية في أوروبا ربحية أقل لمستثمريها، في حين أن الشركات الأورو?ية التي تمارس أعمالًا كبيرة في أمريكا قد تشهد ارتفاعًا في أسعار الأسهم.