تسويات مسبقة تعجل بولادة الحكومة اللبنانية الجديدة
اخبار البلد - يعكس تقديم رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نجيب ميقاتي لتشكيلة حكومته المرتقبة إلى الرئيس ميشال عون الأربعاء وجود تفاهمات مسبقة ذللت العقبات التي عادة ما تكبل ولادة الحكومات اللبنانية المتعاقبة.
وسلم ميقاتي الرئيس عون تشكيلة حكومية تضم 24 وزيرا قال إنه يراها مناسبة وينتظر الردّ عليها قبل عرضها على البرلمان للمصادقة.
وكشفت مصادر سياسية لبنانية أن ميقاتي استند في تشكيلته الحكومية الجديدة إلى حكومة تصريف الأعمال، مع تعديل في خمسة أسماء من بينهم ممثلون لقوى سياسية فقدت تمثيلها النيابي في الانتخابات الأخيرة ومن دون المس بالحقائب السيادية.
ألان عون: نقبل بالتخلي عن وزارة الطاقة، فهي ليست حكرا علينا
وقالت المصادر إن تشكيلة الحكومة المرتقبة لم تحمل تغييرا سوى على مستوى الأسماء، بحيث تم "استرضاء” النواب الجدد (التغييريين) وضم وزراء محسوبين عليهم مع الحفاظ على النصاب الطائفي والمذهبي لحكومة تصريف الأعمال.
وكان الرئيس اللبناني كلف الخميس الماضي ميقاتي بتشكيل الحكومة بناء على استشارات نيابية نال فيها الأخير 54 صوتاً، مقابل 25 صوتاً لصالح نواف سلام، سفير لبنان السابق لدى الأمم المتحدة، فيما امتنع 46 نائباً عن تسمية أحد.
وكان ميقاتي ترأّس الحكومة الأخيرة منذ سبتمبر 2021 بعد فراغ دام 13 شهراً، قبل أن تتحول إلى حكومة تصريف أعمال في مايو الماضي عقب الانتخابات البرلمانية.
ويرى محللون أن تشكيلة الحكومة الجديدة التي عرضها ميقاتي على الرئيس عون تبقي على التوازنات السياسية الحالية قائمة، وبالتالي من غير المرجح رفضها والذهاب في إقرارها في أقرب الآجال.
ويدعم هذا السيناريو صراحة حزب الله وحركة أمل وبدرجة أقل التيار الوطني الحر الذي تضمن له التركيبة المقترحة حصة وازنة.
ورغم معارضة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل علنا لإعادة تكليف ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة والتلويح بعدم المشاركة فيها، تفند تصريحات النائب في التيار ألان عون هذا التوجه.
وقال النائب عون في تصريحات إعلامية الأربعاء "نقبل بالتخلي عن وزارة الطاقة، فهي ليست حكرا علينا، وقلنا لميقاتي إنه ليس لدينا أي شروط”.
وكان النواب المستقلون عبروا عن استعدادهم للمشاركة في الحكومة الجديدة خلال الاستشارات النيابية التي قادها ميقاتي خلال الأيام الماضية.
وأكد النائب نبيل بدر أنهم في تكتل النواب المستقلين سيشاركون في الحكومة الجديدة بوزيرين وسيختارون حقيبتين من بين الحقائب الثلاث التالية: الداخلية، الاقتصاد والصحة. وردا على سؤال عما إذا كان ميقاتي وافق على هذه المطالب، أجاب بدر "في المبدأ تأكد هذا الشيء. وميقاتي طرح أن تُضاف إلى الحكومة المرتقبة المكونات الجديدة التي دخلت إلى الحياة السياسية نتيجة الانتخابات النيابية”.
وأشار إلى أن الطائفة الدرزية الممثلة بشخصيتين داخل حكومة تصريف الأعمال لن يتم تغييرهما بالمبدأ في الحكومة الجديدة. ومن بين شروطهم تغيير الجهة التي تتسلم وزارة الطاقة.
ويدرك الأفرقاء السياسيون أنّ المرحلة الفاصلة عن انتهاء الولاية الرئاسية، التي تنتهي في الحادي والثلاثين من أكتوبر القادم، لن تسمح بولادة حكومة وفق الشروط والمواصفات من دون تنازلات.
ويرجح مراقبون حدوث فراغ رئاسي بعد انتهاء ولاية الرئيس عون نتيجة الخلافات بين الأفرقاء المسيحيين بشأن الشخصية التي ستتولى رئاسة الجمهورية وضبابية الصورة الإقليمية التي لم تتضح بعد والتي تكون مؤثرة في تزكية الرئيس اللبناني.
ميقاتي يتقدم خطوة
ميقاتي يتقدم خطوة
وتخدم تركيبة الحكومة الجديدة التيار العوني الذي سيحتفظ بحصة وازنة داخل حكومة سيعهد لها تولي مهام رئاسة الجمهورية في حالة الفراغ الرئاسي المحتمل وبالتالي فإن مصالحه السياسية مؤمنة. ولا يصب سيناريو عدم التعديل في تشكيل الحكومة الجديدة في صالح الأفرقاء السياسيين الذين تنتظرهم خطة إصلاح اقتصادي يطالب بها المانحون الغربيون لتمويل خطة التعافي.
وتلفت مصادر نيابية إلى الخطورة المترتبة على هدر الوقت في حال لم تشكل الحكومة قريبا لإنجاز الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، خصوصا أن مندوبه يقيم حاليا لفترة طويلة في لبنان، وعلى لبنان أن ينتهز فترة وجوده لإعداد كل ما هو مطلوب من الحكومة للوصول معه إلى اتفاق نهائي يتيح الانتقال إلى مرحلة التعافي.
وأدى الانهيار الاقتصادي المستمر منذ نحو ثلاث سنوات إلى فقدان الليرة لأكثر من 90 في المئة من قيمتها وزيادة الفقر وشلّ النظام المالي وتجميد أموال المودعين جراء أسوأ أزمة منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990.
ودعت مجموعة الدعم الدولية أفرقاء لبنان إلى الإسراع بتشكيل حكومة تستطيع تنفيذ الإصلاحات، والالتزام بالمهل الدستورية لإجراء الانتخابات الرئاسية.
وأصدرت المجموعة مؤخرا بيانا جاء فيه "تأخذ مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان علماً بتكليف رئيس لمجلس الوزراء وتدعو جميع الأفرقاء السياسيين إلى تشكيل حكومة بسرعة”.
وأضافت "لا يستطيع لبنان ومواطنوه تحمل الشلل السياسي نظراً إلى التحديات الاقتصادية والاجتماعية القاسية”.
وحثّت مجموعة الدعم الدولية "الأطراف اللبنانية المعنية، بما في ذلك السلطات التنفيذية والتشريعية، على العمل بسرعة على تشكيل سريع لحكومة تستطيع تنفيذ إصلاحات مهمة ومؤجلة لتخفيف معاناة الشعب اللبناني”.