موسى الصبيحي يكتب عزوفة الهيكلة والأنظمة.. أين العدالة..؟!



يُعبر رئيس ديوان الخدمة المدنية عن سعادته بكون عدد الاعتراضات التي وصلت الديوان إلكترونياً على مشروع هيكلة الرواتب الجديد قليل، إذْ بلغت (8) آلاف اعتراض، من أصل (200) ألف موظف عام شملتهم الهيكلة العتيدة، وينسى رئيس ديوان الخدمة أنه يستخدم ذات المعزوفة التي استخدمتها وتستخدمها بعض الأنظمة العربية التي سقطت وتلك الآيلة للسقوط في تقليلها من حجم الاحتجاجات المناوئة لها في الشارع، بقولها أن المحتجين لا يشكّلون سوى نسبة قليلة لا تكاد تُذكر من أعداد الشعب، وبالتالي فإن الغالبية راضية بأوضاعها، وهي معزوفة ممجوجة مضللة لا تعكس سوى محاولة إقناع يائسة بشرعية أنظمة مستبدة فاسدة، ومرفوضة إما بالاحتجاج العلني وإما بالاحتجاج الضمني..!! وهكذا الهيكلة فهي مرفوضة وممجوجة كونها لم تحقق العدالة التي يطمح إليها الجميع، ويرضى بها الجميع..!

وإذا كانت الحكومة ممثلة بوزير تطوير القطاع العام ورئيس ديوان الخدمة تقول بأن الاحتجاجات الرافضة للهيكلة قليلة، إلاّ أننا نزعم أنها ليست كذلك إطلاقاً، فالمشروع الذي لم تتم دراسته بشكل وافٍ، بحيث يحقق العدالة المنشودة بأفضل وجه ممكن، جُوبه بموجة عارمة من الرفض والاحتجاج، وقد نسي رئيس الديوان اعتراضات النقابات المهنية، مع ما تشكّله من أعداد بعشرات الآلاف على هذا المشروع، إضافة إلى المعلمين وهم بعشرات الآلاف أيضاً، وأكثر من أحد عشر ألف موظف يعملون في مؤسسات مستقلة طالتها يد الخدمة المدنية، وسوف تؤدي إلى عرقلة جهودها وإضعاف كفاءتها في خدمة المجتمع والاقتصاد الوطني، إضافة إلى تعطّل أو ربما توقيف نظام الاحتساب الإلكتروني للرواتب الجديدة على موقع الديوان.. فماذا تبقّى إذن من رضى يا رئيس ديوان الخدمة المدنية السعيد بقلة أعداد المحتجين..!!؟

إن منْ يسعى إلى تحقيق العدالة يجب أن يكون عادلاً بنفسه وعلى نفسه أولاً، ومن هذا الباب، كانت دعوتنا إلى ضرورة أن تسعى الحكومة لهيلكة رواتب وزرائها سواء أكانوا عاملين أو متقاعدين، وكذلك هيكلة رواتب كبار مسؤولي الدولة ومختلف الأجهزة المنضوية تحت ولاية الحكومة، وإلاّ فإن العدالة تظل ناقصة، ومجتزأة، ومبتورة، وانتقائية.. وبالتالي فإنها لن تكون مُرضية ولن تكون مقنعة لأحد، فهل الحكومة ممثلة بوزير التطوير ورئيس ديوان الخدمة قادرة على توسيع مظلة الهيكلة لتشمل هذه الفئات والقطاعات، بحيث تطبق الهيكلة على الجميع وبمسطرة واحدة دون انحراف أو انحياز أو تطفيف..!!؟؟

نؤمن بأن العدالة لا يمكن أن تتحقق بوجود استثناءات غير مبررة، فأنْ تجترح الحكومة استثناءات بحجج غير مقنعة، وتركب رأسها في عدم استثناء جهات أخرى ذات حجج واضحة ودامغة، فهذا يعني أن العدالة التي سعت الحكومة إلى تحقيقها لا تحمل إلاّ الاسم فقط، وأن مشروعها الكبير الذي تعتقد بأنه سيحقق لها نصراً مؤزراً، لن يُكتب له النجاح، لأن نظرة النجاح المنشودة، لا تكمن في القدرة على التطبيق والإلزام بالقوة، وإنما بمدى ما يحققه المشروع من خدمة للمجتمع ولاقتصاد الدولة على المديين المتوسط والبعيد..!!

جميعنا مع العدالة، وقناعتنا أن العدالة لن تتحقق إلاّ بتشريعات عادلة، وكثيراً ما نشاهد حالات ظلم وقعت على أناس، لم تسعف التشريعات في رفعه عنهم، فأحياناً تكون العلة في التشريعات نفسها، وعلى أصحاب القرار في الحكومة أن يعوا هذه المسألة، حتى لا يصبح الظلم تراكمياً ومؤلماً..
الهيكلة باعتقادنا تحتاج إلى إعادة دراسة ومراجعة.. وليس عيباً أن تتراجع الحكومة عن مشروع قُدّم على عجل ولمّا ينضج بعد..!!

Subaihi_99@yahoo.com