دوائرنا الحكومية مصابة بالشلل

أغلبية دوائرنا الحكومية تكاد لا تخلوا من فئة مرتشية من موظف يُعتبر بمثابة المفتاح الذي من خلاله تصل إلى كل الموظفين وعبره تسير أمورك بما هو أهون من شربة الماء, وكي تمتلك هذا الموظف المرتشي و تمضي مسرعاً ومعاملتك بيدك على أكمل وجه, دون طول انتظار كباقي المواطنين "المعترين", ما عليك سوى تقديم هدية صغيرة باعتقاد الموظف, ورشوة باعتقادنا واعتقاد كل شريف, فمن خلال الرشوة يُفتح لك ما كان قد غُلّق, ويبتسم لك الوجه الذي كان قد عَبس قبل أن تضع يدك في يد الموظف وفيها من المال ما يجعلك مُجاب المطلب .

ويُخطأ من يعتقد أننا نتعدى على أحد أو نرميه جزافاً وظلماً, بل هو الواقع الذي وجدنا أنفسنا تحته, فالرشوة في أغلبية دوائرنا قد أصبحت متفشية كتفشي النار في الهشيم, فلا ضمير الموظف يرحم المواطن ولا عين المسئول تراقب الموظف, البعض من الفئة المرتشية يبحث عن مصلحته والمواطن " الغلبان" هو الخاسر الوحيد و عليه أن يتحمل سواء بالانتظار الطويل, أو بالكلام المؤذي الذي يخرج من الموظفين, و بات من لا يدفع الرشاوى في دوائرنا أكان ذلك لعجز مالي أو لصحوة ضمير ك"المنبوذ", فيتقاذفه الموظفين من مكان إلى مكان ومن دائرة إلى أخرى, ويتعاملون معه على مبدأ "معك ليرة تسوى ليرة.. معك ألف تسوى ألف" , في الوقت الذي يحظى دافع الرشوة بمعاملته جاهزة زائد فنجان قهوة ضيافة !

عجباً لما آلت إليه حالنا, فنحن أبناء وطن واحد ونفعل بأنفسنا ما يفعله الغرباء, والموظف ليس سوى شخص عادي وضعته الدولة لتسيير أمور الناس, لا ليزيد هماً فوق همهم, ولا ليشعرهم بأنه يتفضل عليهم عند تسير أمورهم, ومدراء المؤسسات والدوائر الحكومية, وظفتهم الدولة ليديروا شؤون الموظفين ويتابعوا أعمالهم لا لأن يتخذوا من مكاتبهم سكناً لا يخرجون منه إلا في نهاية الدوام متغاضين عن كل ما يجري في الدائرة مقنعين أنفسهم بأن الأمور على ما يرام.
لكن هذا لا يعني من خلو النزاهة والشفافية في بعض الدوائر الحكومية هدفها الأول والأخير خدمة الوطن والمواطن.

و أخيراً يقول قائل : لولا أن الصغير يُطعم الكبير لما وصلت دوائرنا إلى ما هي عليه !

kifahok@yahoo.com