سي إن إن: مصائب جونسون تتوالى

أخبار البلد -  لم يكد رئيس الوزراء البريطاني يستفيق من فضيحة "بارتى جيت" حول إنتهاكاته وفريقه لإجراءات الإغلاق الحكومى

 

إبان أزمة تفشي فيروس كورونا وما لحق بها من تصويت على الثقة فى حكومته، حيث إنفجرت أزمات حادة كانت طرفا فيها بروكسل.

 

هذه الأزمات تتعلق بالخلاف مع الاتحاد الأوروبي على خلفية "بروتوكول أيرلندا الشمالية"، وكذلك حظر محكمة حقوق الإنسان الأوروبية أول رحلة جوية لترحيل المهاجرين إلى رواندا، في آخر دقيقة.

ويرى تحليل نشرته "سي إن إن" عن المعارك السياسية التى يخوضها جونسون فى نفس الوقت، تحت عنوان "رغبة جونسون فى اختيار الاقتتال مع أعدائه القدامى يهدد بجعل بريطانيا منبوذة" أن رئيس الوزراء وفريقه قد أمضوا الأسبوع الماضي تقريبا فى صراع مع أعضاء الاتحاد الأوروبي وكذلك المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وحاولوا قدر المستطاع نفي التهم بخرقهم القانون الدولي والاستسلام لميول أنصار حزبه.

أزمتان جديدتان كشفت وزيرة خارجية جونسون، ليز تراس، يوم الإثنين الماضي، عن مشروع قانون بروتوكول أيرلندا الشمالية الذي طال انتظاره، وهو تشريع من شأنه، إذا تم إقراره، أن يسمح للحكومة البريطانية -من جانب واحد- بإلغاء أجزاء من اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التي تم التوافق عليها في عام 2019.

وبعد يومين، رد الاتحاد الأوروبي ببدء إجراءات قانونية ضد المملكة المتحدة بسبب فشلها في تنفيذ أجزاء من الاتفاق حتى الآن، في حين قال ماروش شيفوفيتش، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، إنه "لا يوجد أي مبرر قانوني أو سياسي من جانب واحد على الإطلاق لتغيير اتفاقية دولية".

ورد مسؤولو الحكومة البريطانية بغضب وإصرار على أن مشروع القانون، في حالة إقراره، سيكون قانونيًا تمامًا.

ويوم الثلاثاء، وجدت حكومة جونسون نفسها فى تلاسن مع مؤسسة أوروبية أخرى، وهي المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بعد أن أُجبرت لندن على وقف أول رحلة جوية لنقل طالبي اللجوء إلى رواندا.

وكانت المملكة المتحدة قد أعلنت عن اتفاق في أبريل/نيسان يمكن بموجبه إعادة توطين طالبي اللجوء في البلاد ومنحهم حق اللجوء في رواندا.

وسبق أن حذرت وكالة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة - المملكة المتحدة من أن هذه السياسة قد تكون غير قانونية، لأنها قد تعرض هؤلاء اللاجئين لانتهاكات فى رواندا.

وانتقدت منظمات حقوق الإنسان هذا المخطط على نطاق واسع، وتم قبول طعونها على العديد من عمليات الترحيل الفردية، لكنها فشلت في محاولتها إصدار أمر قضائي بتعليق الرحلة ككل.

مع ذلك، عندما تدخلت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، مساء الثلاثاء، قائلة إن آخر طالبي لجوء من المقرر أن يكونوا على متن الطائرة لم يستنفدوا خياراتهم القانونية في المملكة المتحدة، وتم إيقاف الطائرة.

ومرة أخرى، رد وزراء الحكومة بالإصرار على أن الخطة كانت قانونية، واقترح نائب رئيس الوزراء دومينيك راب منذ ذلك الحين أن تصيغ المملكة المتحدة ميثاق الحقوق الخاص بها والذي يمكن أن يسمح لها فعليًا بتجاهل الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

معارك مقصودة؟ وقال تحليل "سي إن إن" إن رغبة رئيس الوزراء البريطاني في خوض خلافات عامة مع المؤسسات الدولية الكبيرة يبدو وكأنه يتماشي مع موضة جديدة لدى حزب المحافظين.

وخاض كل من جونسون وسلفه، تيريزا ماي، معارك مع القضاء والاتحاد الأوروبي خلال أصعب أيام الخلاف حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وأعطت تلك المعارك للقائدين دفعة بين مؤيديهم الأساسيين الذين رأوا فيهما حائط صد أمام "الهيئات النخبوية التي كانت تعيق إرادة الشعب".

لكن جونسون تعرض لفضيحة تلو الأخرى وشهد معدلات شعبية منخفضة فى استطلاعات الرأي الوطنية لحزبه المحافظ، حسبما قال وزير سابق في الحكومة لـ"سي إن إن".

وأضاف التحليل: "لقد اضطر إلى محاربة تصويت بين حزبه لإقالته، وفي ليلة الخميس استقال مستشاره الأخلاقي كريستوفر جيدت، قائلاً إن حكومة جونسون وضعته في "وضع مستحيل وبغيض".

لذا، فإن القتال مع النخب في بروكسل وستراسبورج حول قضايا المحافظين مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والهجرة يمكن أن يكون بالضبط ما يحتاجه جونسون لاستعادة شعبيته ومكانته السياسية وإعادة الأمور إلى مسارها الصحيح.

دولة منبوذة في كل مرة تصبح فيها حكومة جونسون شديدة التركيز على السياسة الداخلية، فإنها تخاطر بنسيان أن الحلفاء والأعداء في جميع أنحاء العالم يراقبون أفعالها.

وقال دبلوماسي أوروبي لـ"سي إن إن": "لقد تضررت الثقة بشكل كبير.. وبالنسبة لقضية أيرلندا الشمالية فمن جانبنا ، نعلم أن هناك حلولاً للبروتوكول. لكن تلك الحلول تعتمد على الثقة. لماذا يجب أن نثق به في عدم تمزيق أي اتفاق جديد في المستقبل؟".

ولدى المحافظين في وستمنستر آراء متباينة حول مدى سوء الوضع السياسيى. فإن البعض يشعر بالقلق من أن الفضائح والخطابات المستمرة لجونسون تجعل المملكة المتحدة منبوذة.

والأسوأ من ذلك ، أنهم يخشون أن دولة مثل المملكة المتحدة - عضو منذ فترة طويلة في النظام الدولي القائم على القواعد تناور مع القانون الدولي لتضع سابقة رهيبة في وقت تتعرض فيه الديمقراطية للتهديد في أجزاء كثيرة من العالم.

وفي النهاية، من المرجح أن تدور الخلافات الدولية بين جونسون على الساحة السياسية المحلية. وفى حين سيحب البعض أنه يتخذ موقفا متشددا، سيشعر الآخرون بالحرج لأن هذا الرجل هو رئيس وزرائهم.