من "سيف القدس" الى "سيف البحر"

أخبار البلد-

 
خطاب حسن نصر الله بشأن السفينة اليونانية العائمة ، والاقرب الى التهديد المباشر منه الى اي شيء آخر ، يعيد الى الذهن بشكل تلقائي خطاب "حماس" التهديدي إزاء ما عرف بمسيرة الاعلام اليمينية الصهيونية في القدس العتيقة والمسجد الاقصى قبل حوالي اسبوعين، اجتاحوا المدينة بعشرات الاف المستوطنين ، ودنسوا الاقصى على مدار اربع ساعات ، دون ان تطلق المقاومة صاروخا واحدا ، ولا حتى بالونا حارقا، وكعادة العرب ، كادوا ان يحولوا خيبتهم الى انتصار ، حتى ظهر نفتالي بينيت يباهي بما حققته حكومته مقارنة بكل حكومات اسرائيل السابقة ويهنيء "جماهير المسيرة" بهذا الانجاز وهذا الانضباط .
وبالرغم من ظهور اشارات بعدم ارتياح حزب الله ازاء غرفة عمليات غزة بعدم الرد، و ربما اكتشف انها تقاد من تميم بن حمد او من عبد الفتاح السيسي ، الا أن التهديد الذي نحن بصدده ، قد لاقى ملايين الآذان العربية الصاغية في الوطن العربي ، لا يقل عنها في الاهتمام والخشية ملايين الاسرائيليين وحلفائهم في المنطقة والعالم .
أوحى حسن نصر الله الى ان قرار قصف السفينة العائمة ، قد اتخذ ، واوحى ان القبة الحديدية المائية التي نصبت للذود عنها لن تتمكن من منع اصابتها ، وحدد زمن انسحابها بكلمة "فورا" ، والتي يمكن ان تترجم الى بضعة ايام لا أكثر ، وسيعرف خلالها ان كان اصحاب السفينة قد قرروا الانسحاب ام المماطلة والمخاتلة ، وفي خلال اسبوع واحد في الحد الاعلى ، إما ان نرى السفينة المعتدية تلملم معداتها و تنسحب ، وإما نراها تتشظى وتغرق في مياه المتوسط المقدسة.
لا تقتصر القدسية على الاماكن الدينية ، وكل مكان يعنى بالانسان ورزقه وقوته و حياته هو مقدس ، بل ان قدسيته تمتد الى ما قبل تاريخ الدين ، فالبيت الذي يوجد به أطفال مقدس ، والسوق الذي فيه أقوات الناس مقدس ، والمدرسة التي ينتظم فيها التلاميذ لتلقي العلم مقدسة، والشارع الذي تشرع الدولة قوانينه للحفاظ على حياة الناس فيه مقدس، والمياه التي تختزن في جوفها حقول النفط والغاز مقدسة.
لم يبق حسن نصر الله شاردة ولا واردة بشأن الحقل، الا وأتى عليها ، بما في ذلك ان الحقل الذي تحفر فيه السفينة داخل حدود اسرائيل، انما هو حقل واحد يمتد من شمال البحر حتى جنوبه ، وتقدر قيمة ثروته بترليوني دولار ، وانه بالتالي لا يعرف الحدود البرية ولا يعترف بها ، وانك بمجرد ان تبدأ بنضحه من اي مكان ، فإنك ستأتي عليه بالكامل .
اسرائيل رسميا وفعليا بدأت بالشفط ، وأغلب الظن انها بدأت بالبيع عبر رساميل واتفاقيات مع المنطقة العربية وغرب اوروبا عبر تركيا ، فهل يعيد نصر الله تفعيل "سيف القدس" الذي اغمد في مسيرة الاعلام عبر "سيف البحر"، ام تراه يغمده بجوار شقيقه ؟.