رحلة البحث عن اليوان والروبل

أخبار البلد - ارتفع معدل التضخم في أمريكا لشهر مايو/ أيار الى 8.6%، متجاوزاً التوقعات المتفائلة بتباطؤ التضخم؛ نتيجة الرفع المتكرر لأسعار الفائدة، والذي رفع بدوره أعباء المديونية على الدول النامية والفقيرة

ما تقدمه الولايات المتحدة واوروبا من مساعدات وقروض ميسرة للدول الشريكة والحليفة تسترده باليد الاخرى؛ من خلال رفع الفائدة والتسبب في ارتفاع الفائدة والطاقة والغذاء في الآن ذاته

المفاجأة ان ارقام التضخم الاخيرة في الولايات المتحدة كشفت عن زيادة كبيرة في أسعار الطاقة والغذاء بلغت 34%؛ ما يعني انها تتحمل المسؤولية المباشرة عن ارتفاع معدلات التضخم في امريكا اسوة بأوروبا، فرفع اسعار الفائدة لم يكبح جماح التضخم بل فاقم إشكالية إمدادات الطاقة والغذاء

فالأرقام المعلنة لشهر ايار/ مايو الفائت تؤكد ان سياسة الاحتياطي الفدرالي الامريكي والخزانة الامريكية فاشلة؛ فالتضخم بات معضلة معقدة يصعب معالجتها بأدوات مالية كالفائدة والسندات، وأن العلاج الحقيقي يكمن في رفع حجم المعروض والمنتج من النفط والغذاء، وتخفيض كلف سلاسل التوريد، خصوصا ان الحاويات في امريكا التي كانت تكلف 1300 دولار فأصبحت تكلف 11 الف دولار. وهي معضلة لن تعالجها الفائدة المرتفعة، وإنما تزويد الموانئ بمزيد من الحاويات الفارغة، وبأسعار منخفضة، والتوقف عن مزاحمة الفقراء في إفريقيا وآسيا على الطاقة والغذاء.

الارقام الاخيرة التي تم الكشف عنها مؤخرا تؤكد ان الازمة الاوكرانية والعقوبات على روسيا ارتدت بقوة على القارة الاوروبية والامريكية التي نقلت أثرها الى الدول الفقيرة والنامية؛ عبر رفع الفائدة؛ او عبر مزاحمتها على السلع الاساسية كالطاقة والغذاء، وحرمانها في الآن ذاته من الحصول على النفط والغاز والغذاء الرخيص من روسيا

منافسةٌ لا يمكن معالجتها إلا بالتوجه الى السوق الروسية والصينية للحصول على النفط والغذاء الرخيص، والأهم إضافة الروبل واليوان الى سلة عملاتها، خصوصًا ان حجم التداول بالروبل واليوان الصيني ارتفع خلال الاسابيع القليلة الماضية الى 1067%؛ ما يجعل منهما عِمْلتي تداول جاذبة، فضلًا عن ارتباطهما بالسلع الرخيصة التي يمكن الحصول عليها من روسيا والصين

اليوان عملة تزداد جاذبية في العالم العربي بعد ان بلغت صادرات الصين إلى العالم العربي 135 مليار دولار، تحتل دول الخليج فيها المرتبة الاولى؛ إذ تحظى بحصة الاسد من صادرات الصين بما يعادل 60% من حجم الصادرات، تليها مصر بنسبة 12%، ثم العراق بنسبة 7%، في حين احتل الاردن المرتبة السادسة بنسبة بلغت 2.6%؛ ما يعني ان جدوى التعامل باليوان اصبحت مرتفعة، والمردود المتوقع عال إذا ما قُورن بالدولار الامريكي مرتفع الكلفة



الإعلان الاخير عن ارقام التضخم في امريكا ومسبباته الحقيقية الأجدر أن يدفع الدول العربية التي تعاني صعوبات اقتصادية إلى التفكير الجدي لإضافة العملة الصينية (اليوان) الى سلة عملاتها؛ فحجم الواردات من الصين مرتفع، وإذا ما أضيف الروبل الى سلة العملات فإن الحصول على الغذاء والنفط بأسعار رخيصة يصبح أكثر يسرًا، مبعدًا شبح الغلاء والفوضى والاضطرابات السياسية عن العالم العربي في الآن ذاته

ختامًا

بالإمكان استيراد النفط الروسي الرخيص، بل الإيراني، وتكريره وإعادة تصديره الى الدول الإفريقية والاوروبية، وتحقيق عائدات جيدة لدولة مثل الاردن، وهو أمرٌ على الارجح ستتفهمه وتتقبله امريكا واوروبا بل دول الخليج؛ فأوروبا وأمريكا عاجزة عن علاج الاختلالات الكبيرة في أسعار الطاقة والغذاء والتضخم والمديونية كعجزها عن إقناع الشعوب العربية بالقتال ضد روسيا، ودفع أثمان باهظة للمغامرة الامريكية الاوروبية في أوكرانيا، لا ناقة للعرب فيها ولا جمل، في حين تحظر على الدول والشعوب العربية قتال الإسرائيليين لاسترداد أرضهم ومقدساتهم في فلسطين!