الناتو ودول السبع... خطوط الصدع وخيوط الاشتباك
أخبار البلد-
في وقت لاحق من شهر يونيو (حزيران) الحالي، سوف تشهد القارة الأوروبية قمة للدول الأعضاء في حلف الناتو، في إسبانيا، ثم تليها قمة أخرى لـ«مجموعة دول السبع» في ألمانيا، وبين الأولى والثانية علامات استفهام حول حال العالم، وهل بلغت خطوط الصدع آخر حدودها، ولم يتبق سوى الانفجار بعد غياب رؤى تصالحية تسامحية، لا تعرفها السياسات البراغماتية، غربية كانت أو شرقية؟!
يبدو التساؤل الأول الأكثر إثارة على طاولات قادة الناتو وأعضاء الدول السبع الكبار؛ إلى أين تمضي الحرب الروسية – الأوكرانية؟ وهل من نهايات على الأبواب؟
الشاهد أنه لا تبدو في الأفق نهاية قريبة، وربما لا نعلي من طروحات وشروحات الفكر التآمري عند البعض إن قلنا إن هناك إرادة ما لأن تطول المواجهات، ومن ثم خلق مستنقع أوكراني لروسيا، شبيه بنظيره الأفغاني.
على أن الذين استمعوا إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قبل نحو أسبوع، ومناشدته الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقف إطلاق النار بصورة فورية، يكاد يظن العكس، خاصة للتكاليف الباهظة التي تدفعها الولايات المتحدة في الحال والاستقبال من جراء استمرار المواجهات، وانعكاسات الحرب على الاقتصاد الأميركي.
المثير في المشهد أن أوروبا باتت تابعاً للسياسات الأميركية بشكل غير مسبوق، وها هي عوضاً عن رؤى أوراسية كادت تحقق من خلالها تقارباً روسياً - أوروبياً، باتت تزايد على «الملك» الأميركي، وعند عقلاء القارة أن الأوروبيين هم من سيدفع الثمن العالي والغالي، قبل أميركا المتمترسة من وراء محيطين.
في الأسابيع الأخيرة بدأ العالم يتابع دخول أسلحة روسية نوعية في ميدان الوغى الأوكراني، ما يعني أن «القيصر» لا نية له لأن يهزم، وربما يمكن للمرء أن يقرأ تصريحات «بطريرك» السياسة الأميركية هنري كيسنجر عن تنازل أوكرانيا عن جزء من شرق أراضيها، كنوع من السياسات الواقعية، ولا سيما أن فكرة هزيمة دولة نووية كبرى غير واردة، وهذا ما لمح إليه بوتين أكثر من مرة.
هل يعني ذلك للمجتمعين في إسبانيا وألمانيا، أن شبح المواجهة النووية قائم، وربما قادم؟
هذا هو خط الصدع الأكثر هولاً، الذي تجنبه «الأطلسي» من جهة، و«وارسو» من جهة ثانية طوال 4 عقود ونيف، من عمر الحرب الباردة، غير أن أفكار القرن الأميركي، واستراتيجية الاستدارة نحو آسيا، ربما تقود العالم إلى القارعة.
والثابت أن خطوط الصدع لم تعد تتوقف عند المواجهة الروسية - الأوكرانية، فهناك خط آخر بات قابلاً للانفجار بدوره في لحظة من سخونة الرؤوس، ذاك المتعلق بأزمة جزيرة تايوان، فالتصريحات الأميركية الأخيرة عن نية واشنطن إرسال جنود أميركيين إلى الجزيرة المتنازع عليها، وردّ الصين بالقول إنها في انتظار «ابن آوى»، ببندقية الصيد، يؤكد أن كرة الثلج تتدحرج يوماً تلو آخر، وتكاد تتحول إلى انهيار جبل ثلج.
ضمن حوارات الناتو والسبعة الكبار، حكماً ستكون هناك قراءات معمقة عن طرق فك التحالف الروسي - الصيني، وعدم السماح لهما بالمضي قدماً على الطريق، ففي هذا خطر كبير، والعهدة هنا على الجنرال مارك ميلي رئيس أركان الجيش الأميركي، الرجل الذي أقر مؤخراً بالحقيقة المؤكدة، وهي أن أميركا لم تعد القوة التي لا تنازع، وأنه خلال الخمس وعشرين سنة المقبلة ستتغير الأوضاع وتتبدل الطباع، ومؤخراً ارتفع صوته منذراً ومحذراً من مولد حلف آسيوي جديد لا يصد ولا يرد، يبدأ من موسكو إلى بكين، وغالب الأمر سيتمدد عبر دول آسيوية وأفريقية وربما لاتينية في أقصى الغرب من الكرة الأرضية، وبالقرب من الخلفية الجغرافية الاستراتيجية التقليدية للولايات المتحدة.
لا يمكن للمرء أن يغفل ضمن خطوط الصدع الكفيلة بإشعال العالم ما يجري في مياه المحيط الهادي، وقد كان آخرها المناورات العسكرية الروسية، ومن قبلها التحركات الصينية، وقد جاءت جميعها رداً على قيام واشنطن بتشكيل تحالفات سياسية وعسكرية جديدة، بدأت من عند «أوكوس»؛ حيث أستراليا وبريطانيا وأميركا، ثم «كواد»، الذي تدثر بغطاء الديمقراطية، ليضم الهند واليابان وأميركا وأستراليا، فيما الحقيقة التي يدركها القاصي والداني أن جميعها ليست سوى محاولات لحصار الصين وقطع طريق القطبية الدولية عليها.
على طاولات الكبار ملفات تمثل قنابل موقوتة، وغالب الظن أن الأمر قد خرج من بين أياديهم، ومنها على سبيل المثال أزمة الغذاء العالمي، تلك التي باتت مرهونة بإرادة «القيصر» بوتين تارة، وبإنهاء الحرب مع أوكرانيا تارة أخرى، مع ضرورة رفع العقوبات عن روسيا، حتى تسمح بإعادة تصدير الحبوب إلى بقية أرجاء العالم.
أزمة الغذاء مرتبطة جذرياً بأزمة الطاقة، وفي ظل ارتفاع غير مسبوق لأسعار النفط والغاز ونقص المعروض في الأسواق العالمية، خاصة في فترة أشهر الصيف، من الآن حتى سبتمبر (أيلول) المقبل، أي فترة التخزين، يتوقع المرء اضطراباً اقتصادياً عالمياً لم تعرفه البشرية منذ فترة الكساد العالمي في ثلاثينات القرن الماضي.
وفي الوسط من كل ما هو مخيف، مما تقدم، يطل علينا تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الذي تمت إعادة انتخابه من جديد، ليقود منظمة الصحة العالمية بتهديدات حول احتمالات ظهور متحور جديد من فيروس «كوفيد 19»، لن تصلح معه الأمصال الحالية، وسيتجاوزها.
أما الصدع الأكبر الذي لا يلتفت إليه أحد وسط صخب الأزمات، فهو الخطر البيئي؛ حيث البشرية ماضية عبر هاوية مناخية لا شك في ذلك.
هل فات موعد استنقاذ كوكب الأرض وسكانه؟ الله أعلم.
يبدو التساؤل الأول الأكثر إثارة على طاولات قادة الناتو وأعضاء الدول السبع الكبار؛ إلى أين تمضي الحرب الروسية – الأوكرانية؟ وهل من نهايات على الأبواب؟
الشاهد أنه لا تبدو في الأفق نهاية قريبة، وربما لا نعلي من طروحات وشروحات الفكر التآمري عند البعض إن قلنا إن هناك إرادة ما لأن تطول المواجهات، ومن ثم خلق مستنقع أوكراني لروسيا، شبيه بنظيره الأفغاني.
على أن الذين استمعوا إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قبل نحو أسبوع، ومناشدته الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقف إطلاق النار بصورة فورية، يكاد يظن العكس، خاصة للتكاليف الباهظة التي تدفعها الولايات المتحدة في الحال والاستقبال من جراء استمرار المواجهات، وانعكاسات الحرب على الاقتصاد الأميركي.
المثير في المشهد أن أوروبا باتت تابعاً للسياسات الأميركية بشكل غير مسبوق، وها هي عوضاً عن رؤى أوراسية كادت تحقق من خلالها تقارباً روسياً - أوروبياً، باتت تزايد على «الملك» الأميركي، وعند عقلاء القارة أن الأوروبيين هم من سيدفع الثمن العالي والغالي، قبل أميركا المتمترسة من وراء محيطين.
في الأسابيع الأخيرة بدأ العالم يتابع دخول أسلحة روسية نوعية في ميدان الوغى الأوكراني، ما يعني أن «القيصر» لا نية له لأن يهزم، وربما يمكن للمرء أن يقرأ تصريحات «بطريرك» السياسة الأميركية هنري كيسنجر عن تنازل أوكرانيا عن جزء من شرق أراضيها، كنوع من السياسات الواقعية، ولا سيما أن فكرة هزيمة دولة نووية كبرى غير واردة، وهذا ما لمح إليه بوتين أكثر من مرة.
هل يعني ذلك للمجتمعين في إسبانيا وألمانيا، أن شبح المواجهة النووية قائم، وربما قادم؟
هذا هو خط الصدع الأكثر هولاً، الذي تجنبه «الأطلسي» من جهة، و«وارسو» من جهة ثانية طوال 4 عقود ونيف، من عمر الحرب الباردة، غير أن أفكار القرن الأميركي، واستراتيجية الاستدارة نحو آسيا، ربما تقود العالم إلى القارعة.
والثابت أن خطوط الصدع لم تعد تتوقف عند المواجهة الروسية - الأوكرانية، فهناك خط آخر بات قابلاً للانفجار بدوره في لحظة من سخونة الرؤوس، ذاك المتعلق بأزمة جزيرة تايوان، فالتصريحات الأميركية الأخيرة عن نية واشنطن إرسال جنود أميركيين إلى الجزيرة المتنازع عليها، وردّ الصين بالقول إنها في انتظار «ابن آوى»، ببندقية الصيد، يؤكد أن كرة الثلج تتدحرج يوماً تلو آخر، وتكاد تتحول إلى انهيار جبل ثلج.
ضمن حوارات الناتو والسبعة الكبار، حكماً ستكون هناك قراءات معمقة عن طرق فك التحالف الروسي - الصيني، وعدم السماح لهما بالمضي قدماً على الطريق، ففي هذا خطر كبير، والعهدة هنا على الجنرال مارك ميلي رئيس أركان الجيش الأميركي، الرجل الذي أقر مؤخراً بالحقيقة المؤكدة، وهي أن أميركا لم تعد القوة التي لا تنازع، وأنه خلال الخمس وعشرين سنة المقبلة ستتغير الأوضاع وتتبدل الطباع، ومؤخراً ارتفع صوته منذراً ومحذراً من مولد حلف آسيوي جديد لا يصد ولا يرد، يبدأ من موسكو إلى بكين، وغالب الأمر سيتمدد عبر دول آسيوية وأفريقية وربما لاتينية في أقصى الغرب من الكرة الأرضية، وبالقرب من الخلفية الجغرافية الاستراتيجية التقليدية للولايات المتحدة.
لا يمكن للمرء أن يغفل ضمن خطوط الصدع الكفيلة بإشعال العالم ما يجري في مياه المحيط الهادي، وقد كان آخرها المناورات العسكرية الروسية، ومن قبلها التحركات الصينية، وقد جاءت جميعها رداً على قيام واشنطن بتشكيل تحالفات سياسية وعسكرية جديدة، بدأت من عند «أوكوس»؛ حيث أستراليا وبريطانيا وأميركا، ثم «كواد»، الذي تدثر بغطاء الديمقراطية، ليضم الهند واليابان وأميركا وأستراليا، فيما الحقيقة التي يدركها القاصي والداني أن جميعها ليست سوى محاولات لحصار الصين وقطع طريق القطبية الدولية عليها.
على طاولات الكبار ملفات تمثل قنابل موقوتة، وغالب الظن أن الأمر قد خرج من بين أياديهم، ومنها على سبيل المثال أزمة الغذاء العالمي، تلك التي باتت مرهونة بإرادة «القيصر» بوتين تارة، وبإنهاء الحرب مع أوكرانيا تارة أخرى، مع ضرورة رفع العقوبات عن روسيا، حتى تسمح بإعادة تصدير الحبوب إلى بقية أرجاء العالم.
أزمة الغذاء مرتبطة جذرياً بأزمة الطاقة، وفي ظل ارتفاع غير مسبوق لأسعار النفط والغاز ونقص المعروض في الأسواق العالمية، خاصة في فترة أشهر الصيف، من الآن حتى سبتمبر (أيلول) المقبل، أي فترة التخزين، يتوقع المرء اضطراباً اقتصادياً عالمياً لم تعرفه البشرية منذ فترة الكساد العالمي في ثلاثينات القرن الماضي.
وفي الوسط من كل ما هو مخيف، مما تقدم، يطل علينا تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الذي تمت إعادة انتخابه من جديد، ليقود منظمة الصحة العالمية بتهديدات حول احتمالات ظهور متحور جديد من فيروس «كوفيد 19»، لن تصلح معه الأمصال الحالية، وسيتجاوزها.
أما الصدع الأكبر الذي لا يلتفت إليه أحد وسط صخب الأزمات، فهو الخطر البيئي؛ حيث البشرية ماضية عبر هاوية مناخية لا شك في ذلك.
هل فات موعد استنقاذ كوكب الأرض وسكانه؟ الله أعلم.