الزيارة الغامضة لبايدن

أخبار البلد-

 
الغموض لا زال يحيط بزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المنطقة؛ فالمبررات التي كشفها مسؤول أمريكي لشبكة /NBC/ الإخبارية، حول تأجيل الرئيس الأمريكي زيارته إلى المنطقة نهاية الشهر الحالي (حزيران)؛ لم تكن مقنعة أو موفقة، بعد أن ربط الزيارة بانعقاد قمة مجلس التعاون الخليجي.

فسياق تأجيل الزيارة يملك قوة تفسيرية أكبر بكثير من المبررات التي نقلتها شبكة "إن بي سي نيوز" الأمريكية على لسان المسؤول، ذلك أن الإعلان عن تأجيل الزيارة جاء بعد ساعات قليلة من إقرار دول اتفاقية أوبك+ زيادة إنتاجها بـ200 ألف برميل عن المقررة مسبقاً، والمقدرة بـ450 ألف برميل، ليبلغ مجموع الزيادة للمرحلة المقبلة 650 ألف برميل في اليوم.

زيادة لا تعادل قيمة النقص المتوقع في السوق الأوروبية بعد فرض حظر على مليون ونصف برميل من النفط الروسي إلى أوروبا، وبعد الإعلان عن تراجع مخزونات النفط الأمريكية بأكثر من خمسة ملايين برميل عما كان متوقعاً، وهو مليون ونصف برميل، ما أدى إلى زيادة 1 بالمئة في أسعار النفط عالمياً، مفاقماً من إشكالية التضخم أوروبياً وأمريكياً وعالمياً.

تأجيل الزيارة تفاعل بقوة مع إعلان الكونغرس الأمريكي إطلاق تحقيقات حول الاستثمارات السعودية في شركات جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، والمقدرة بملياري دولار، في رسالة لا تصنف في سياق حسن النوايا الأمريكية تجاه السعودية.

فالنائبة الديمقراطية كارولين مالوني، رئيسة لجنة مجلس النواب للإشراف والإصلاح قالت يوم الخميس الفائت، إن لجنتها "تحقق فيما إذا كانت المصالح المالية الشخصية للسيد كوشنر قد أثرت بشكل غير لائق على السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط في ظل إدارة (الرئيس السابق دونالد ترامب)".

أجندة زيارة بايدن إلى المنطقة وجدول أعماله كان شديد الاضطراب منذ اللحظة الأولى التي تم الكشف فيها عن الزيارة من قبل الصحافة العبرية، فالتجاذبات كانت قوية بين أقطاب الحزب الديمقراطي حول أجندة الزيارة ودوافعها، والتسريبات لم تنقطع من كافة الأطراف والجهات داخل أمريكا وخارجها حول أجندة الزيارة وطبيعتها.

النقاش حول الزيارة أصبح أحد أهم الملفات التي تناقشها الصحافة الأمريكية، إذ يعكس حجم وعمق التجاذبات في السياسة الداخلية الأمريكية، كما يعكس حجم المساومات والمناورات المتبعة لرسم معالم السياسة النفطية في الخليج العربي، والتي تواجه صعبات متزايدة يوما بعد الآخر.

ختاماً.. زيارة بايدن إلى المنطقة تحولت إلى الزيارة الأكثر غموضاً منذ اللقاء الأول الذي جمع الرئيس الأمريكي روزفلت بالعاهل السعودي حينها الملك عبدالعزيز بن سعود على ظهر البارجة الأمريكية " كوينسي" في البحيرات المرة بمصر العام 1945.

فالرئيس الأمريكي بايدن تتجاذبه الملفات والمصالح الأمريكية في الإقليم بشكل غير مسبوق، سواء كان الأمر يتعلق بالكيان الاسرائيلي والملف النووي الإيراني، أو بأسعار النفط والموقف من اتفاق أوبك بلس، أو حرب اليمن وجهود التهدئة ووقف القتال.. ملفات لم تتمكن إدارته من ترتيبها بعد، كما لا يتوقع لها أن تفعل ذلك الآن، أو حتى بعد انتخابات الكونغرس المقبلة نهاية العام الحالي.