فاقد الشئ لايعطيه





اراهم كالعناكب تتسلق وتتحرك بخفة ورشاقه ملساء ناعمةلكن قطرةواحده من سمها كفيله ان تقتل فيلا نشاهدها اليوم على شاشات التلفزه تفوح منها رائحة الخباثة ومع هذا فان البعض يستسيغ طعمه سمها أنَّ هذه الفئة من الناس لاتستحي أبداً ولايعرفُ الحياء طريقاً إلى وجهها، بل على العكس فإنها كلما صفعت وتكشفت مراميها الدنيئة ونواياها الخبيثة، ازدادت حيوية وشراسة وظهوراً فجاً ووقحاً بين الناس، وبدلاً من أن تدفن رأسها في التراب وتختفي عن الساحات، تراها مختالةً كالطاووس، تتنقل بين المكاتب

تظهر تلك العناكب على شاشات التلفزة شخصيات معروفة بتاريخها الأسود وسيرتها المليئة بالصور الداكنة من ارتكابات وافتراءات واعتداءات وتعصب، يعتريك الحزن ويعصف بك الألم، خاصة عندما يبدؤون بالحديث عن أفكارهم القيّمة، وآرائهم البنّاءة، وطروحاتهم الفريدة، وتحليلاتهم السياسية العميقة، انتقالاً إلى تقديم أنفسهم كواعظين وقديسين وأصحاب رسالة في الأخلاق والعفة وإنكار الذات، أمام مصلحة الوطن، ورفعته ومنعته، ومستخفين بذاكرة الناس التي لايمكن لها أن تنسى مُنكر أعمالهم، وقبيح أقوالهم وأفعالهم، معتقدين أنهم بتبديل جلودهم يستطيعون أن يغيّروا أو يبدّلوا نظرة الناس إليهم أو يجمّلوا وجوههم المشوهة ويبيّضوا أياديهم الملطخة بالأذية والإضرار بالناس،
مثلهم في ذلك مثل الحرباء التي تبدل جلدها إلا أنها تزداد سمية وشراسة ومكراً وغدراً.. وكما تتحفز الأفعى للفتك بمن تصادفه، تراهم متحفزين للإساءة والغدر والخيانة، ومن سخرية القدر أنَّ هؤلاء المنقلبين على أصدقائهم الفاسدين هم ذاتهم المدّاحون، الناصحون، المتسابقون لنيل الرضا وكسب الثقة، حتى ولو كلفهم ذلك التخلي عن الكرامة وتحمّل الإهانة، والعجيب وكأنها من الفاتحين الذين كتبوا على جبين المجد أناشيد الفخار والسؤدد والرفعة والانتصار، وما يثير الاشمئزاز تلك الألقاب والدرجات العلمية التي يقدمهم بها مقدّم البرنامج وكأن شاشات التلفزة أضحت جامعات وأكاديميات تخرّج مختصين وباحثين وأساتذة في السياسة والفلسفة والتاريخ..إلخ‏
أما مايدعو للغرابة والاستهجان، فهو الفهم الخاطئ لإيصال الرسائل الإعلامية التي تريد هذه القناة أو تلك إيصالها سواء إلى الجمهور أم إلى جهات معيّنة تقصدها، عن طريق شخصيات موتورة قزمة ليس لها أي قاعدة شعبية ولافكرية، بل على العكس تماماً منبوذة من قبل الجميع، مكروهة حتى ممن يدعي صداقتها خوفاً من غدرها وأذيتها، ومجرد ظهورها في هذا البرنامج أو ذاك يثير الريبة من القناة ذاتها ويؤثر على مصداقيتها وحب الناس لها، لأنَّ المصداقية لاتأتي على ألسنة هؤلاء الكذابين الذين يظهرون مالايبطنون. ويبطنون مالايظهرون.‏
وباختصار شديد نقول: فاقد الشيء لايعطيه، ومن يرد المسك والعطور، فعليه بالورود والأزاهير النضرة لأنها الأقدر على الفوح من الأشواك اليابسة والمريضة