زواج الضحية من مغتصبها يثير ضجة في مصر.. نقاش قانوني وديني
أخبار البلد - "زواج المغتصِب من المغتَصَبة" موضوع لاقى تفاعلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر خلال الفترة القليلة الماضية، بين مؤيد ومعارض.
يفرض قانون العقوبات المصري في جرائم الاغتصاب عقوبات تصل إلى السجن المؤبد أو الإعدام متى اقترنت جريمة الاغتصاب بجريمة الخطف.
رأي القانون أكد المستشار أحمد عبدالرحمن، النائب الأول الأسبق لرئيس محكمة النقض في مصر، أن قانون العقوبات المصري الحالي لا ينص في حالات انقضاء الدعوى بالتصالح حتى لو أتم المغتصب زواجه على المغتصبة.
وأضاف لـ"العين الإخبارية": "حتى عام 1984، كان قانون العقوبات ينص على جواز إصدار حكم بانقضاء الدعوى بالتصالح متى تزوّج المغتصب ممن اغتصبها، غير أن المشرع ارتأى أن هذه المادة أدت إلى انتشار مزيد من حالات الاغتصاب وهتك الأعراض فحذف هذا النص من القانون".
ويعتبر أحمد عبد الرحمن أن غاية المشرع من هذا التغليظ الوارد في المادة 267 وما بعدها من قانون العقوبات هي تحقيق الردع العام والخاص، سواء للجاني أو من سواه ممن يستحلون لأنفسهم ارتكاب جرائم تؤدي إلى عواقب وخيمة لا يمكن تداركها.
ويفسر محمد حسين المحامي بالنقض، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، كيفية نجاح بعض الجناة في الإفلات من العقوبة، وذلك من خلال التصالح أثناء وجود القضية قيد التحقيق من قبل النيابة العامة.
والدارج أن يضغط أهل الجاني على أهل المغتصبة للتنازل عن القضية، والعدول عن الأقوال لا سيما وأن جرائم الاغتصاب تعرف قانوناً بجرائم الإبلاغ، التي لا يجوز للنيابة العامة أو الشرطة أن تتصدى لها من تلقاء نفسها متى لم تتلق بلاغاً من المجني عليها نفسها.
وخلال مرحلة التحقيق وقبل الإحالة للمحاكمة، وعن طريق الضغط، تغير المجني عليها أقوالها وتعدل عنها كلياً، بعد إتمام الزواج، الأمر الذي لا يجد وكيل النيابة بداً من حفظ البلاغ المقدم ضده.
تغليظ العقوبة من جانبها، ترى دينا الجندي المحامية بالنقض، وعضو لجنة المشاركة السياسية بالمجلس القومي للمرأة، أنه لا بد من تغليظ العقوبة وعدم التسامح مع مثل هذه الجرائم، وإلا سيفتح الباب أمام انتشار تلك الجريمة الشنعاء في المجتمع دون أي خوف من عقوبة.
كما سيفتح المجال أمام الإضرار بسمعة العائلات، وسيترتب على ذلك آثار جنائية واجتماعية متراكمة فضلاً عن أن المجرم لن يشعر بأنه ارتكب جريمة، وعلى ذلك سيجنح إلى تكرارها دون تحقيق أهداف القانون من حماية وصيانة المجتمع.
وأشارت الجندي في تصريحاتها لـ"العين الإخبارية"، إلى أنها تتفهم الجدل الدائر حول رغبة البعض في إتمام الزواج بعد الاغتصاب، طبقاً لضوابط المجتمع الشرقي الذي نعيش في محيطه، غير أنها أكدت أن الموافقة على الزواج مقابل التصالح يفتح الباب أمام انتشار الجرائم في المجتمع بشكل واسع.
عواقب اجتماعية وخيمة ومن زواية اجتماعية ترى الدكتورة إيمان عبدالله، طبيبة العلاج الأسري، أن مجرد طرح فكرة التصالح يعد بمثابة قتل ثان للمرأة، التي قتلت أول مرة أثناء عملية الاغتصاب، وتقتل للمرة الثانية متى يطلب منها أن تقبل هذا الشرط المجحف لحقها ولشخصيتها.
وتؤكد خبيرة العلاج الأسري لـ"العين الإخبارية" أن تعرض أي أنثى للاغتصاب يترتب عليه آثار نفسية للفتاة المغتصبة، يمكن أن تظل تعالج منها حتى وفاتها، لأنها أكرهت على مواقعة رجل دون رضاها.
وقد يؤدي ذلك إلى اضطرابات أثناء الأكل والنوم، وحتى لو تمت الزيجة سيظل لديها شعور جارف بالأذى جراء ما تعرضت له.
كبيرة من الكبائر وقال الدكتور السيد سليمان أحد علماء الأزهر الشريف في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، إن جريمة الاغتصاب تعد كبيرة من الكبائر في التشريع الإسلامي، وتستأهل تطبيق حد الحرابة في الشريعة الإسلامية.
وأوضح أن حد الحرابة في الإسلام قد تصل العقوبة فيه إلى القتل، جراء ما ارتكبته يد الجاني من جريمة تستوجب العقاب الرادع والقاسي.
وتابع: "الفقهاء يرون أن العقوبة القصوى هي التي تستخدم مع المغتصب، دون النظر له بعين من شفقة أو رحمة في حدود الله".
واختتم سليمان حديثه بأنه يرفض كلياً، فكرة السماح للمغتصب بإتمام الزواج، لأن ذلك سيجعل المجال متاحاً لكل من تسول له نفسه أن يرتكب تلك الجريمة أو من يرغب في إتمام زواجه من سيدة أن يتجه إلى اغتصابها.