أين العقلاء في مناجم الفوسفات .. نداء قبل الإنفجار ؟!
ما يجري الآن على أبواب وأعتاب شركة مناجم الفوسفات من تجمهر واعتصام للمتقاعدين منذ فترة طويلة يفتح باب التساؤلات والاستفسارات عن وجود حكماء وعقلاء ذوي نظرة ثاقبة وبصيرة نورانية داخل أسوار الشركة قادرين على تخصيص الوقت والجهد لإيجاد حلول جذرية وفورية لأزمة التأمين الصحي التي يشكو منها المتقاعدون قبل أن تتفاقم الأزمة وتتسع دائرتها وتخرج عن السيطرة ، فالذي يقرأ ويتابع المشهد يعلم بأن المتقاعدين لا "يعبثون" في تلك القضية كونها تمثل لهم مسألة حياة أو موت ، لاسيما وأن العبث في تأمينهم الصحي يشكل تهديداً واضحاً وصريحاً وصارخاً على استقرار أوضاعهم الصحية والطبية ولن يتهاونوا أو يتقاعسوا في الدفاع عنها ببكل ما أوتوا من سبل وطرق مشروعة وسلمية .
المتقاعدون لم يبرحوا أرضهم ولم يتخلوا عن اعتصامهم ولا يزالون يقطعون المسافات يومياً على الرغم من كبر سنهم والإرهاق الذي داهم أجسادهم الهرمة ، إلا أنهم تحلوا بروح قتالية عالية وهدف واضح ولا خيار أمامهم إلا تحقيقه واسترداد ما تحاول الشركة سلبهم إياه والتضييق عليهم مرة تلو الأخرى في تأمينهم الصحي وأدوية أمراضهم المزمنة ، وهاهم اليوم يهددون بالتصعيد ورفع مستوى الاعتصام ليصل إلى إغلاق الطرق أمام سيارات الشركة القادمة والخارجة من منجم الشيدية في محاولة أخرى وليست أخيرة للفت انتباه إدارة الشركة ومسؤوليها إلى حقيقة أنهم لن يتنازلوا قيد أنملة عن حقهم في التأمين الصحي مهما دفعوا من ثمن ومهما سالت قطرات العرق من أبدانهم كرمى لذلك الهدف وتلك الغاية .
كل هذا ولا تزال الشركة تغمض الطرف عنهم وترفض النزول إلى الشارع والجلوس والحوار معهم والاستماع لمطالبهم ومحاولة إيجاد حلول فورية تريحهم من وعثاء السفر وكآبة المنظر التي يجدونها كل يوم ذهاباً وإياباً من وإلى مبنى الشركة ، لاسيما وأن غالبية المتواجدين أمام مبنى الشركة من محافظات الجنوب التي تبعد عشرات الكيلو مترات عن العاصمة عمان .
كل هذا ولا تزال الشركة مستمرة في التنغيص عليهم في تأمينهم الصحي على الرغم من توقيعها اتفاقية قبل أشهر معدودات تضمنت بنوداً وشروطاً لم تلتزم بها الشركة تجاه محاربيها القدامى وجيلها الذهبي ، والذين حملوا على أكتافهم الأردنية الأصيلة مسؤولية الإرتقاء بالشركة ورفع اسمها عالياً في سماء عالم الاقتصاد ، ولم نرً طوال حياتنا شركة أو مؤسسة ترد الجميل و"المعروف" لجيلها الذهبي بهذه الطريقة وذاك الأسلوب الذي تحاول من خلاله كتم أنفاس المتقاعدين وتلوين ما تبقى من أيام حياتهم بالأسود والأبيض بدلاً من الأخذ بيدهم نحو تقاعد آمن يشعر من خلاله هؤلاء المجالدون بأن تعبهم ومجهوداتهم لم تذهب هباءً منثوراً وتجعلهم يتأكدون بأن شركتهم الأم لا زالت تحنو عليهم وتحتضنهم كما لو أنهم لا يزالون على ثغورها حراساً لها وجنوداً أوفياء لشعارها البراق .
تساؤلات كثيرة خلقت نفسها وأوجدت لها مكاناً في خلدات العقول وشواغف القلوب حول تأخر الشركة حتى الآن في إنصاف متقاعديها وتقديم يد العون لهم في مسألة التأمين الصحي وحصارهم واضطرارهم للنزول مرات عديدة للشارع والتمدد على الأرصفة في أجواء تنوعت بين حر شديد وبرد قارص ، فأين العقلاء في الفوسفات ؟ ومن ينصف المتقاعدين ويردهم إلى بيوتهم آمنين مطمئنين فرحين بما ستقدمه لهم الشركة التي اعتبروها بيتهم الأول والأخير ، لا سيما وأن الشركة لا تعلم بأن الوقت كالسيف إن لم تقطعه الآن وتنهي تلك الأزمة فوراً فإن المتقاعدين لن يفضلوا الصبر على المواجهة والوقوف أمام الشركة حتى الرمق الأخير لانتزاع حقوقهم والحؤول دون العبث بها مرة أخرى .