الزميل يوسف الطورة يبكي الأردنيين بمقال مؤثر يرثي به طفلته (الرميساء)
أخبار البلد-
في طريقي فجرا إلى المستشفى لأول مرة كنت أرى الطريق طويلة جدا ، عشت أسوء حالاتي ، بدت صفرة الموت على صغيرتي الرميساء ، أمسكت يديك وحضنتك وترجيتك أن لا ترحلي ، ولأنك كما أنت تردين الود بالود والجميل بالجميل وانا ارصد طيفك المسافر كانت أنفاسك الأخيرة في أحضاني.
حبيبتي سأخبرك بكل تفاصيل حياتنا اليومية بعد غيابك ، أمس شقيقتك " منة الله " أعادت ترتيب إدراجك وخزانتك وجميع حاجياتك ، أمس واليوم افتقدت مشاركتك انتقاء ملابسي اليومية ، لم ترافقني اليوم إلى المطعم لإحضار الإفطار ، حتى السوبر ماركت التي كنت دائما تحرصي الذهاب إليها افتقدتك ، شقيقتك أصرت أن نذهب إليها واشترت كل شيء تحبينه.
حبيبتي المنشغلة دائما بكل التفاصيل ، السرير الطوق والعقد حتى الخواتم ، مدخراتك من مصروفك اليومي والعيديات تخرجها لتعدها كلما دق قلبها شوقا بعودة شقيقها عمار الغائب لتقدم باقة الورد في المطار ، كان طريق الموت أسرع من كل أحلامك .
حبيبة القلب ومهجة الروح قرة العين جميلة الوجه لطيفة الحديث أنيقة الخصال ، أمس غافلت والدتك المكلومة وتفقدت فساتينك المزركشة ، ألعابك وكل الأشياء التي كنت تحرصين على انتقائها بعناية ، كنت أنيقة جدا باستثناء غيابك عن المنزل التي غابت عنها كل الحياة.
ابنتي في صدمة الحياة بدونك ، في مفارقة موجعة انا من ألبسك أول فستان في شهورك الأولى غنيتك ورقصتك حينها فرحا ، وأول أمس انا من البسك " الكفن " وجعا ، قبلتك وحملتك أمانة السلام لشقيقك " عبدالله " رحمه الله الذي غادرنا قبل 11 عاما ، وحرصت أن تكوني بجواره في مقبرة العائلة.
حبيبتي اطل النافذة ارتقب المقعد السرير كل الأمكنة ، الطرقات الرصيف الذي ينقل الخطوات قهره غيابك ، صورتك ترسمها يداي المرتجفة يسكنها الانهزام وهي تصافح مقعدك وسريرك الخالي وبقايا الذكريات وصورتك الساكنة في قلبي لتشكل أبجدية الحزن.
موعد القدر مع الفراق لتغمض عيناك بسلام استذكر معها أجمل الذكريات في سنواتك السبع ، تلك الضحكات ومناداتك لي حبيبي ، اسأل طيفك الهارب في الرحيل يا أيتها السماء أسالك بعزة ربي هل لا زالت مبتسمة كعادتها.
الرميساء يا جسدي الصغير يا وهني الكبير ، ويا حلمي الضائع لا ابكيك اعتراضا فكل نفس ذائقة الموت ، ابكيك افتقادا واشتياقا ، فكل شيء يا حبيبتي في أوله جلل ثم يهون إلا الموت وأن بدا هين لا يهون ، ارحلي من ارض لا تسودها العدالة ، ليرتاح جسدك وتحلق روحك طير في الجنان الأبدية ، ستبقى عيناك أرجوحتي وستبقي الحلم والوجد والأبد يا صغيرتي.
رحم الله أرواحا هزمنا فقدهم ، ربي انر قبورهم وارحمهم برحمتك التي وسعت كل شيء ، واجمعنا بهم في جنات النعيم.