مقدسية ولها من الوصف نصيب

أخبـار البـلد - كتب: رامـي المعـادات

هناك أعداد لا حصر لها من بنات المدينة المقدّسة وأبنائها الجديرين بالإطراء والثناء والتنويه، على ما ظلوا يُبلونه من بلاء يجلّ عن كل وصف في الدفاع عن زهرة المدائن، وما يواصلون بذله من تضحياتٍ ثمينةٍ في سبيل الحفاظ على هوية المدينة الباذخة بالرمزيات التاريخية، وما يدفعونه تمسّكاً بعروبة المدينة الفريدة بأسوارها، بقبابها، بعبق أسواقها وأزقتها العتيقة، بهذه البقعة القريبة من باب السماء، وبهذا العناد اللانهائي في صدّ عمليات التهويد والأسرلة المتواصلة، وذلك كله بالصمود والصلاة والتكبير والمقاومة، بقوافل الشهداء والجرحى والأسرى من دون حساب "والشك مفتوح"، وقبل ذلك وبعده، بخوض المواجهات غير المتكافئة بلا تهيّب، لا سيما على بوابات المسجد الأقصى وباب العامود والشيخ جرّاح وغيره.

تطول قائمة من يجدر تسجيل أسمائهم في صفحة الشرف هذه؛ لذلك يقصر الحديث هنا عن قامة اعلامية فذة وجزء لا يتجزء من قضيتنا المحورية "القضية الفلسطينية" وسيدة الصحافة النضالية الميدانية في حرفتنا الممزوجة بالمتاعب والمخاطر، نحن المنخرطين في مهنة الصحافة والإعلام، والكلام عن شهيدة مهنة المتاعب وشهيدة القومية العربية وبوصلتها الأساسية "القضية الفلسطينية" الزميلة والقامة الاعلامية الكبيرة والشهيدة المبجلة شيرين ابو عاقلة التي كللت مسيرتها المهنية بالتتويج بالشهادة في سبيل المبادئ والإمان بالقضية صباح اليوم على يد خنازير العصر هادمي الحضارات وقتلت الانبياء والرسل قطعان المرتزقة الصهيونية.

ابو عاقلة، كانت الاقرب والاصدق في نقل الحدث وقت حدوثه رغم صعوبة الامر ونحن الاعلم بهذه المخاطر ومدى العوائق والتهديدات التي من الممكن ان تثني العاملين بهذه المهنة عن مواصلة تغطيتهم للحدث، ورغم ما سبق، تربعت ابو عاقلة على سلم الترتيب في عملها كمراسلة حربية ميدانية، وربما شهادتها اليوم خير برهان على مدى شغفها للعمل وإيمانها المطلق ان عملها رسالة نبيلة وهادفة، وسترة الصحافة الواقية التي ترتديها لا تقل قيمة ووزن عن البدلة العسكرية في ساحات النضال الوطني.

قطعان الاحتلال تعمدت اطلاق النار صوب الشهيدة ابو عاقلة ورفقائها في الميدان رغم ارتداء السترات الصحفية والتي تعد محمية دوليا ولا يجوز ان يمس الصحفي اي مضايقات تحد من مواصلة عمله، ولم يقتصر الامر على التضيقات بل تم اطلاق الرصاص صوب ابو عاقلة بشكل مباشر ومن مسافة قريبة جدا، وهي جريمة تخترق كل قواعد الانسانية والمواثيق الدولية يجب ان يحاكم عليها رئيس وزاء دولة الاحتلال بشكل مباشر.

ختاما، ربما لم تسعفنِ الكلمات لوصف ابو عاقلة وكريزمتها الخالدة والتي ستضل رمزا للعمل الصحفي وايقونة نسائية نضالية وشهيدة لن ينساها التاريخ، ستبقى المقدسية التي لها من الوصف نصيب، ستبقى امام العيون حتى وأن غابت عن الشاشة وغاب صوتها عن مسامعنا فالراحلة فكرة والفكرة لا تموت.