تخيلوا أن «المركزي» لم يرفع الفائدة.. ماذا سيحصل؟
أخبار البلد-
هناك العديد من القرارات الاقتصادية التي نكون مجبرين على اتخاذها بين الحين والآخر نتيجة للمتغيرات الاقتصادية الكثيرة التي بات العالم يشهدها مؤخراً، والتي لا نستطيع الحياد عنها او تأجيلها أو غض النظر عنها لأي سبب من الأسباب، وكان آخرها قرار البنك المركزي برفع أسعار الفائدة، ومن هنا لا بد من السؤال، ماذا لو لم يُتخذ هذا القرار وبقيت أسعار الفائدة على نفس معدلاتها؟
قرار البنك المركزي برفع أسعار الفائدة ليس الأول بل هو الثاني منذ بداية العام الحالي والذي جاء تماشيا مع قرارات الفدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة ضمن معلومات وتوقعات تشير إلى أنه يتجه إلى رفعها بما يتجاوز الخمس مرات خلال العام الحالي لمواجهة التضخم الكبير في السوق الأميركي جراء ارتفاع أسعار السلع بسبب الحرب الروسية الأوكرانية والتغير المناخي وغيرها من التحديات التي أثرت على سلاسل التوريد في العالم، وهذا يعني أننا أمام العديد من القرارات المشابهة خلال الفترات المقبلة وخاصة إذا ما مضى البنك الفدرالي الأميركي بعمليات رفع أسعار الفائدة فعملتنا الوطنية مرتبطة بعمليات الصرف بالدولار الأميركي واقتصادنا جزء من اقتصاد العالم يتأثر كما أي اقتصاد في المتغيرات التي تحدث هنا وهناك.
حسنا، البنك المركزي قام برفع الفائدة تجاوبا مع قرار الفدرالي الأميركي بما يعادل 0،50 نقطة مئوية ومن هنا علينا أن ندرك خطورة عدم اتخاذ المركزي لقرار رفع الفائدة تزامنا مع قرار الفدرالي الأميركي الذي اتخذ هذا القرار بهدف تقليل السيولة في الأسواق الاميركية لتخفيف معدلات التضخم المرتفعة لديهم، وهذا ما لا نسعى له نحن في الأردن بقدر السعي المستمر في المحافظة على جاذبية الدينار وقوته مقابل الدولار الاميركي، وهذا يعني أن عدم اتخاذ القرار من قبلنا سيؤدي بالتأكيد إلى هز الدينار وإضعاف جاذبيته وهذا ما سيضر في الاقتصاد الوطني بشكل عام وسيؤدي إلى رفع معدلات التضخم إلى مستويات كبيرة وهذا ما لا نريده ونسعى لتجنب حدوثه.
نعم معدلات التضخم لدينا ما زالت ضمن معدلات مقبولة لم تتجاوز 2.2% غير أن كافة التوقعات تشير إلى أن نسب التضخم لدينا مرشحة للارتفاع خلال الفترات المقبلة، بالإضافة الى أن عدم رفع أسعار الفائدة لدينا سيساهم في تعزيز عمليات «الدولرة» التي سيقوم بها المودعون للاستفادة من رفع الفائدة من قبل الفدرالي الأميركي على الدولار وخاصة إذا ما بقيت اسعار الفائدة على الدينار أقل من الدولار وهذا سيساهم في افقاد الدينار لجاذبيته وقوته التي أصبحت مضربا للمثل مقابل الدولار وخاصة أن الدينار يعتبر رابع أقوى عملة في العالم مقابل الدولار.
ختاما، هناك من يقول ان ارتفاع اسعار الفائدة سيضر بالمقترضين وسيزيد الأقساط عليهم وهذا صحيح، غير أن قيمة الزيادة والتي لن تتجاوز 2-3.5 دينار بالشهر لكل مقترض وقسط لا تساوي شيئاً أمام قيمة القرار الذي اتخذه المركزي في حماية اقتصادهم ودينارهم وقيمة ممتلكاتهم التي اقترضوا لأجلها، والتي ستتضرر في حال عدم التجاوب مع رفع سعر الفائدة من قبل الفدرالي، فتخيل اننا لم نفعل حينها سيقوم الجميع في التوجه إلى «الدولرة» أي الدولار وحينها يهتز الدينار، وحينها ماذا ستكون قيمة ما اقترضت لأجله بالإضافة إلى أننا سنصل الى نسبة تضخم كبيرة وهذا ما يستدعي تثمين قرار المركزي من قبل الجميع.