الأمم المتحدة.. المسؤولية والدور!

أخبار البلد-

 
الاتصال الهاتفي الذي جرى نهاية الأسبوع الماضي بين وزير الخارجية أيمن الصفدي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يعكس جانبا من الجهود التي بذله الأردن مع جميع الأطراف المؤثرة لتخفيف حدة التوتر التي سادت أرجاء المسجد الأقصى المبارك طوال شهر رمضان الكريم، بما فيها الأمم المتحدة ممثلة بأمينها العام، وبالشرعية التي يفترض أن تمثلها قراراتها المتعلقة بالقضية الفلسطينية والأراضي المحتلة بما فيها القدس الشرقية، التي صدر بشأنها العديد من قرارات مجلس الأمن الدولي، التي تعتبرها جزءا من الأراضي المحتلة منذ عام 1967، والتي ترفض جميع الإجراءات أحادية الجانب.
وفي الوقت الذي أظهر فيه السيد غوتيريش ارتياحه لنجاح الجهود التي شارك فيها شخصيا لتهدئة الأوضاع واستعادة الهدوء في المسجد الأقصى خاصة في العشر الأواخر من الشهر الفضيل فقد أعاد السيد الصفدي التذكير بضرورة احترام إسرائيل الوضع التاريخي والقانوني، وإزالة القيود المفروضة على المصلين، وعلى إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى، والأهم من ذلك هو العمل الفوري على إيجاد أفق سياسي حقيقي، يعيد الأمل والثقة بجدوى عملية السلام، ويحقق تقدما نحو تحقيق السلام العادل على أساس حل الدولتين.
ليست مجرد محادثات هاتفية مع أمين عام الأمم المتحدة، ولكن البيانين الصادرين من عمان ونيويورك يشيران إلى قدر مناسب من الاتفاق بين الجانبين على أن أساس المشكلة ليس منحصرا بالمصادمات والانتهاكات التي يتعرض لها المسجد الأقصى ، ولا بعدم احترام الوصاية الهاشمية على الحرم القدسي والمقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة، وإنما في التغاضي عن قرارات الشرعية الدولية، وحتى عن مرجعيات السلام في الشرق الأوسط، ومحاولة فرض أمر واقع يفهم منه أن ما يجري هو نزاع بين المسلمين واليهود على الحرم القدسي يمكن حله عن طريق التقسيم الزماني والمكاني، وتنظيم مواعيد الصلوات والزيارات!
الأردن الذي هو في اشتباك يومي مع الجانب الإسرائيلي فيما يخص المئة وأربعة وأربعين دونما التي يقوم عليها الحرم القدسي الشريف، وكذلك بقية المقدسات الإسلامية والمسيحية وخاصة كنسية القيامة، سبق وأن أعلن وبشكل واضح أن المسجد الأقصى هو مسجد خالص للمسلمين غير قابل للشراكة أو القسمة، وأنه خط أحمر، بمعنى أن تجاوزه عند نقطة معينة ستكون الخيارات مفتوحة على احتمالات كثيرة.
ويعرف الجميع من قادة العالم، وبالطبع أمين عام الأمم المتحدة الذي تربطه بجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين علاقة شخصية متينة، أن الوصاية الهاشمية ليست مجرد رعاية رمزية، ولكن فيها من المعاني والأبعاد الدينية والتاريخية والقانونية ما يثبت تلك المكانة التي يحظى بها المسجد الأقصى في العقيدة الإسلامية، وبالتالي فإن التمادي في محاولة السيطرة الإسرائيلية عليه من وجهة نظر توراتية سيضع العالم كله أمام نوع من صراع ديني يقلب الأمور رأسا على عقب، ومن المتوقع أن تكون هذه النقطة المحورية محل مراجعة مع الإدارة الأميركية خلال المحادثات المقررة ضمن زيارته الحالية للولايات المتحدة، بما في ذلك الخطأ الفادح الذي ارتكبه الرئيس السابق دونلاد ترامب باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، الأمر الذي يتطلب من إدارة الرئيس بايدن ايجاد مخرج يعيد التفكير في احتمالات المستقبل، وليس في مشكلات الحاضر!
لا بأس في أي دور تلعبه الأمم المتحدة في تهدئة الأوضاع من خلال الضغط على الجانب الإسرائيلي، ولكن المطلوب منها الآن وأكثر من أي وقت مضى أن تقوم بمسؤولياتها في إنفاذ قراراتها، وفي الحفاظ على السلم والأمن الدولي قبل فوات الأوان.