الصبيحي : ستة تساؤلات مهمة حول السيناريو المقتَرَح لتطبيق التأمين الصحي الاجتماعي..

أخبار البلد-

موسى الصبيحي ــ الإعلامي والحقوقي ــ خبير التأمينات والحماية الاجتماعية

معلومة تأمينية قانونية رقم (270) .. (حقك تعرف عن الضمان)

في السيناريو المطروح من مؤسسة الضمان لتطبيق التأمين الصحي الاجتماعي على المؤمّن عليهم الذين لا توفر لهم منشآتهم تأميناً صحياً، سيتم اقتطاع ما نسبته (3%) من أجور المؤمّن عليهم الأردنيين المسجّلة في الضمان و (5%) من أجور المؤمّن عليهم غير الأردنيين لغايات هذا التأمين من ضمنها (1%) تذهب لمركز الحسين للسرطان لغايات علاج مرض السرطان، والثلاثة بالمائة أو الخمسة بالمائة تُضاف إلى نسبة الاقتطاع من المؤمّن عليه عن بقية التأمينات والبالغة (7.5%) أي أن نسبة الاقتطاع الإجمالية التي سيتحمّلها المؤمّن عليه الأردني ستبلغ (10.5%) من أجره، فيما سيتحمل المؤمّن عليه غير الأردني (12.5%) من أجره، وهو ما يشكّل عبئاً كبيراً على المؤمّن عليهم، وقد لا تتحمل الأجور المتدنية التي لا تكاد تفي بالأساسيات المعيشية لأصحابها مثل هذا الاقتطاع الكبير..!

لا بل حتى المؤمّن عليهم الذين لديهم تأمين صحي من خلال منشآتهم في القطاع الخاص سيتم اقتطاع (1%) من أجورهم لغايات مرض السرطان فقط، وبذلك سترتفع عليهم اقتطاعات الضمان لتصبح (8.5%) من أجورهم..!

أسئلة وتساؤلات كثيرة تدور حول هذا السيناريو العجيب الغريب المريب منها:

١) لماذا يتحمل المؤمّن عليه العبء الأكبر لهذا التأمين، ولماذا تم إسقاط ما يجب أن تتحمله المنشآت من كلفة التأمين..؟!

٢) هذا الأمر سيخلق فجوة وتمييز بين المنشآت التي توفر التأمين الصحي لموظفيها على حسابها مع اقتطاعات ربما تكون رمزية من أجورهم وبين المنشآت التي لا توفر لهم ذلك، مما قد يدفع الكثير من المنشآت مستقبلاً إلى التخلي عن دورها في توفير التأمين الصحي والاعتماد على ما يقدمه الضمان..!

٣) إن ارتفاع اقتطاعات الضمان من أجور المؤمّن عليهم سيزيد من حالات التهرب وعدم الامتثال للقانون من قبلهم..!

٤) لماذا تخصيص نسبة (1%) لمرض السرطان، وهو المرض الوحيد الذي يقع عاتق علاج المصابين فيه على الدولة ممثلة بالحكومة بصورة مباشرة، وهل يُقتطَع من أجور العاملين في القطاع العام المدني والعسكري مثل هذه النسبة وتذهب إلى مركز الحسين للسرطان..؟!

٥) أين دور الحكومة ولماذا لا تتحمل جزءاً من كلفة هذا التأمين، فالأصل هو مجانية الطبابة للمواطن، وغالباً ما تكون مساهمته في كلف العلاج والطبابة رمزية فقط، لا سيما وأن الضمان في هذه الحالة يخفف عبء التأمين الصحي عن الحكومة..؟!

٦) لماذا التمييز في نسبة الاقتطاع ما بين مؤمّن عليه أردني ومؤمّن عليه غير أردني، فيما لم نشاهد مثل هذا التمييز في اقتطاعات التأمينات الأخرى النافذة، لا سيما وأن غالبية المؤمّن عليهم غير الأردنيين لا يصطحبون عائلاتهم للإقامة معهم في الأردن، لذا فإن كلفة تأمينهم صحياً أقل بكثير من الأردنيين وعائلاتهم..!

وأقول في النهاية بأن هذا السيناريو الذي يقدم تأمينياً صحياً منتقَصَاً لن يكون مرفوضاً فقط من قبل المنتفعين من مؤمّن عليهم ومتقاعدين، بل سيكون مرفوضاً من قِبل الحكومة أيضاً، ولا أتوقع أبداً أن يقبل وزيرا الصحة والمالية تحديداً بمثل هذا السيناريو الذي ستكون له انعكاسات سلبية على مشهد التأمين الصحي برمته فيما لو تم تطبيقه ليس أقلها زيادة مساحة تشوّه التأمين الصحي وتعقيداته وتشرذمه على مستوى المملكة..!

(سلسلة معلومات تأمينية توعوية مبسّطة بقانون الضمان أقدّمها بصفة شخصية ويبقى القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه هو الأصل - يُسمَح بنقلها ومشاركتها أو الاقتباس منها لأغراض التوعية والمعرفة مع الإشارة للمصدر)