قصة "ملك الموت" تفتح شهية الروائيين الأجانب

أخبار البلد-

 
من أكثر القصص التي اقتبست من التراث العربي وتصرف بها أكثر من روائي وقاص عالمي الحكاية التي تقول: إن ملك الموت دخل إلى النبي سليمان فجعل ينظر إلى رجل من جلسائه، ويديم النظر إليه، فلما خرج، قال الرجل: من هذا؟ قال سليمان: هذا ملك الموت. قال: رأيته ينظر إلي كأنه يريدني، قال سليمان : فما تريد؟ قال: أريد أن تحملني على الريح حتى تلقيني بالهند، فدعا الريح فحمله عليها، فألقته في الهند، ثم أتى ملك الموت سليمان فسأله نبي الله: إنك كنت تديم النظر إلى رجل من جلسائي، قال: كنتُ أعجب منه، أُمرت أن أقبضه بالهند وهو عندك.

تقول القصة القصيرة للروائي والكاتب المسرحي الإنجليزي سومرست موم "موعد في سامراء" التالي:
كان ثمة تاجر في بغداد قد أرسل خادمه إلى السوق لشراء بعض لوازمه، لكن الخادم سرعان ما عاد، شاحبا ومرتعدا، ليقول: سيدي في الوقت الذي كنت في السوق زاحمتني امرأة وسط الجموع وعندما التفت اكتشفت أنها كانت الموت الذي زاحمني. نظرت إلي وأشارت بحركة تهديد. والآن أعرني حصانك، لأهرب من هذه المدينة وأتجنب مصيري. أريد الذهاب إلى سامراء حيث لا يمكن للموت أن يجدني. أعاره التاجر حصانه، فامتطاه الخادم ونخسه بمهمازه في خاصرته فانطلق يعدو به سريعا.

ثم إن التاجر قصد السوق فرآني واقفة في الزحام فجاءني وقال: لماذا أشرت إلى خادمي بحركة تهديد عندما رأيتِه هذا الصباح؟ لم تكن حركة تهديد، قلت فقط: كانت مفاجأة إذ كنت مندهشة لرؤيته في بغداد، لأن لدي موعدًا معه الليلة في سامراء.

نفس القصة كما يرويها الروائي غابرييل غارسيا ماركيز "موت في سامراء":
وصل الخادم مرعوبا إلى بيت سيده.
ـ سيدي، قال: لقد رأيت الموت في السوق، وأشار إلي إشارة تهديد. أعطاه السيد فرسا ومالا وقال له: اهرب إلى سامراء. هرب الخادم.

في بدايات المساء، التقى السيد الموت في السوق، وقال له: أشرت هذا الصباح إلى خادمي بإشارة تهديد..."لم تكن إشارة تهديد"، رد الموت. بل إشارة اندهاش، لأنني رأيته هنا بينما كان علي أن آخذه هناك بسامراء هذا المساء بالذات.

وايضا تحولت إلى رواية حملت اسم "موعد في سامراء" للروائي الأمريكي جون أوهارا، واستثمرها أيضا الروائي الأرجنتيني خورخي بوكاي بتصرف أكبر.

هل اطلع "سومرست موم" على الحكاية العربية من مصادر أجنبية، أم بنى قصته بناء على الآية الكريمة: "قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه مُلاقيكم"، وآية: "أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة "، أم أنه بنى قصته الخاصة به دون تأثر، وهل كتب ماركيز قصته تأثرا بـ"موم"، أم أنه اطلع على النص العربي؟

هناك الكثير من الحكايات الفلسفية في التراث العربي التي من الممكن أن يزاح الغبار عنها لتصبح فيما بعد رواية أو قصة قصيرة أو حتى فيلما سينمائيا أو نصا مسرحيا.

مشكلتنا في الوطن العربي أننا نعاني من شح في الكتابة رغم كثرة الكتاب، أصبحنا نستسهل كل شيء، حتى الكتابة التي هي في الأصل نحت في الكلام لا يتقنه إلا رجل/ سيدة، متفتح صبور تحيره الفاصلة أين يضعها في الجملة.