رجل يشتري سفينة سياحية متقاعدة معروضة للبيع على الإنترنت..ماذا فعل بها؟
أخبار البلد-
ليس كل يوم يمكنك العثور فيه على سفينة رحلات معروضة للبيع عبر الإنترنت، وذلك بالتحديد ما أصاب كريس ويلسون بالذهول عندما عثر على سفينة يبلغ ارتفاعها 293 قدمًا مدرجًة ضمن موقع الإعلانات "Craigslist" في عام 2008.
وكانت السفينة السياحية المتقاعدة، التي بُنيت في ألمانيا، ترسو في دلتا كاليفورنيا بأمريكا في ذلك الوقت، وكان مالكها حينها حريصًا على تفريغها.
وبعد رؤية القائمة المنبثقة على الموقع عدة مرات، قرّر ويلسون، الذي كان يعمل على تطوير جولات الواقع الافتراضي، إجراء بعض البحث.
وقال ويلسون "لقد تقدمت على أنني مشترِ محتمل، رغم أنني لم أكن مهتمًا حقًا بشراء سفينة".
وبمجرد قيامه بالرحلة إلى دلتا النهر الداخلي ومصب النهر في شمال كاليفورنيا بأمريكا وصعوده على متنها، صُدم ويلسون بمدى سوء إهمال السفينة التي يبلغ وزنها 2496 طنًا على مر السنين.
ومع ذلك، عندما بدأ في استكشافها، أدرك أن هناك سفينة رائعة تتكونّ من خمسة مستويات ترزح تحت كل "القمامة" على متنها.
وأضاف ويلسون: "لديها أحد أروع التصميمات لأي سفينة رأيتها تقريبًا".
وأوضح ويلسون أن الأمر كان أشبه بالعثور على سيارة قديمة من الستينيات في المرآب، مضيفًا: "يمكنك أن ترى جودتها، لكنها مهملة للغاية، وتكاد تشعر بالسوء حيالها".
وبعد إجراء بعض البحث عن تاريخ السفينة، اكتشف ويلسون أنها شُيدت من قبل شركة بلوم+فوس الألمانية لبناء السفن في عام 1955، وكانت أول سفينة ركاب مهمة بنتها ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية.
وكلما تعرّف ويلسون على السفينة، التي كانت تُسمى في الأصل "Wappen von Hamburg"، زاد اقتناعه بأن هذا مشروع كان على استعداد لتوليه.
وبعد التفكير بعناية في مدى ضخامة ما يعنيه امتلاك سفينة سياحية صغيرة، وضع ويلسون خطة ترميم وقرّر أن يخوض هذه المغامرة.
وبينما يكره مناقشة المبلغ الذي دفعه، قال ويلسون إنه كان قادرًا على "إبرام صفقة جيدة حقًا مع مالك السفينة".
ولكن بمجرد أن وقع العقد، كان عليه أن يعرف أين سيضع السفينة. ولحسن الحظ، كان ويلسون قادرًا على تأمين عقد إيجار في مدينة ريو فيستا الواقعة على ضفاف نهر كاليفورنيا بأمريكا، ورتب لسحب السفينة إلى هناك.
مشروع طموح
وهكذا بدأت عملية الترميم، إذ كانت الخطوة الأولى هي التخلص من كل القمامة الموجودة على متن السفينة، حيث كان هناك مئات الأكياس من القمامة إلى جانب المراتب والبطانيات القديمة.
وقال ويلسون: "كنت أعلم إنه سيكون مشروعًا طويلاً"، مشيرًا إلى أن حجم السفينة الهائل جعل الأمر أشبه بإعادة بناء 15 منزلاً بنفسك.
وبعد قضاء بضعة أشهر في السفر لمدة ثلاث ساعات تقريبًا من منزله في منطقة سانتا كروز للعمل على متن السفينة، قرّر ويلسون الانتقال على متن السفينة مع شريكه جين لي حتى يتمكن من التركيز بشكل كامل على المشروع، وكذلك الحفاظ عليها آمنة.
واعترف ويلسون قائلاً: "عندما انتقلت لأول مرة على متن السفينة، كان العديد من أصدقائي وعائلتي في حالة من الصدمة"، متابعًا:"لقد كان تغييرًا كبيرًا إلى حد ما في نمط الحياة".
وعندما بدأ بالتعمق أكثر في تاريخ السفينة، قال ويلسون إنه علم أن السفينة لم تكن مصدر إلهام للمسلسل التلفزيوني الشهير "The Love Boat" فحسب، بل كانت أيضًا موقع التصوير لمقر منظمة "Specter" الإجرامية في فيلم جيمس بوند عام 1963 "من روسيا مع الحب".
وقد عملت السفينة بشكل سياحي لنحو عقدين من الزمن، حسبنا ذكره ويلسون، ومرّت عبر العديد من المالكين المختلفين، قبل أن ترسو في مدينة فانكوفر بكندا.
وبعد المزيد من التغييرات في الملكية والأسماء، سُحبت السفينة إلى مدينة ألاميدا بولاية كاليفورنيا الأمريكية، في عام 2005.
وقد وُضعت الخطط لتحويل السفينة إلى يخت فاخر، إلا أنها باءت بالفشل.
وبقيت السفينة في ألاميدا لعدة سنوات حتى اشتراها رجل أعمال وانتقلت إلى دلتا كاليفورنيا.
وكان يُعتقد أن السفينة كانت على وشك أن تُصبح أنقاضًا، عندما وجد ويلسون إعلانها على موقع "Craiglist" في عام 2008.
سفينة تاريخية
وشرح ويلسون: "كلما عرفت المزيد عن تاريخها، كنت أفكر في أنها يمكن أن تصبح معلم جذب إلى جانب الشاطئ، نوعًا ما مثل سفينة كوين ماري [سفينة المحيط المتقاعدة الراسية في لونغ بيتش، والتي أصبحت الآن منطقة جذب سياحي شهيرة]".
وتابع: "أود أن أجعل منها متحفًا للسماح للناس بالقيام بجولات على متنها".
ويقدّرويلسون أن تكلفةتحويل السفينة إلى نقطة جذب ساحلية، ستبلغ حوالي 3 ملايين دولار.
وأمضى ويلسون، الذي لم يكن لديه خبرة سابقة في العمل على متن السفن، حوالي 14 عامًا في تجديد السفينة بمساعدة متطوعين.
وأعادتسمية السفينة إلى "Aurora"، أي الشفق القطبي، بعد أن أمضى ليلته الأولى على متنها. وشرح سبب اختياره لذلك الإسم قائلًا إنه استيقظ على أحد أروع مشاهد شروق الشمس التي رأها على الإطلاق.
وتابع: "شكّل المشهد تأثيرًا مشابهًا للشفق القطبي، عندما امتزجت ألوان السحب مع المياه"، مضيفًا: "أتذكر أنني كنت أعتقد في ذلك الوقت أن Aurora كان اسمًا مناسبًا".
وبمساعدة المتطوعين، وشريكه لي، أكمل ويلسون التجديدات في بعض الممرات، بالإضافة إلى الصالة وعدد من المقصورات.
وأشار ويلسون إلى أن أكبرإنجاز لهم تمثل في إزالة الخشب القديم من على الأسطح، مضيفًا: "قضينا قدرًا هائلاً من الوقت في اللحام بألواح فولاذية جديدة لإغلاق الأسطح تمامًا".
وبعد بضع سنوات في ريو فيستا، عُرض على ويلسون نقل سفينته إلى رصيف 38 في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية. ومع ذلك، لم تسر الأمور كما كان متوقعًا، وطُلب منه لاحقًا العثور على منزل جديد للسفينة.
وقد نُقلت "Aurora" مرة أخرى إلى دلتا كاليفورنيا في عام 2012، حيث رست في مرسى في "Little Potato Slough"، الذي يقع على بعد حوالي 24 كيلومترًا من مدينة ستوكتون بولاية كاليفورنيا الأمريكية.
وتتمركز Aurora "في المياه العذبة الضحلة" منذ ذلك الحين، ويبدو أنها ستبقى هناك في المستقبل القريب.
ورغم من أن السفينة غير قادرة على الإبحار، إلا أن ويلسون أكدّ أنها تتمتع بقاع صلب، وبعد التشاور مع عدد من المهندسين البحريين، فإنه واثق من أنه "مع الصيانة والإشراف المناسبين"، يمكن أن تبقى بأمان حيث هي.
وبالإضافة إلى بعض التبرعات الصغيرة، قام ويلسون بتمويل الجزء الأكبر من أعمال التجديد بنفسه حتى الآن.
وكان قادرًا على جمع الأموال عن طريق شراء سلع من أسواق السلع المستعملة وإعادة بيعها عبر مواقع المزادات عبر الإنترنت، بالإضافة إلى العمل كمستشار في مشاريع السفن التاريخية الأخرى.
ولكن بينما حافظ هذا الدخل على استمرار المشروع حتى الآن، فمن المؤكد أنه لا يكفي لتمويل الترميم الكامل، في ظل تصميم ويلسون على إنهاء ما بدأه.
وأطلق ويلسون مشروع ترميم "Aurora" في فبراير/ شباط الماضي عبر منصة "يوتيوب"، واكتسبت القناة نحو 70 ألف مشترك.
وقال إنه منذ الإعلان عن مشروعه عبر "يوتيوب"، تلقى المئات والمئات من رغبات التطوع.
ويأمل ويلسون أن يساعد نجاح المنصة في تسريع الأمور، قائلًا إنه يشهد بالفعل نتائج ذلك.
ورغم من أنه لا يزال أمام السفينة طريقًا طويلًا لتقطعه، إلا أن ويلسون يقترب ببطء من هدفه المتمثل في تحويل "Aurora" إلى متحف.
وبينما كان يفكر أيضًا في تحويل السفينة إلى نزل، أو حتى مكان لإقامة حفلات الزفاف، إلا أنه يشعر أن المتحف هو الخيار الأكثر "واقعية".
وهناك بالتأكيد الكثير لمشاهدته على متن "Aurora".
وتحتوي السفينة على 85 كابينة، بالإضافة إلى صالة علوية ذات سطح أمامي كبير خاص بها، ومسبح، وصالة طعام كبيرة، ومسرح.
وأوضح ويلسون: "لقد أعدنا ترميم عددًا صغيرًا من الكبائن على متن السفينة، لكن يتبقى لدينا الكثير لنرممه، وسنوفر قريبًا الفرصة للجمهور لرعاية ترميم الكبائن".
ويعمل ويلسون وفريقه من المتطوعين حاليًا على الجزء الخلفي من السفينة، ويهدفون إلى ترميم المطبخ ومنطقة تناول الطعام بالكامل طوال الفترة المتبقية من عام 2022.
وخلال السنوات الأخيرة، تلقى ويلسون أثاثًا من سفن تاريخية أخرى لاستخدامها على متن "Aurora".
وفي الوقت الحالي، يستمتع ويلسون بالعمل والعيش على متن السفينة، ويتطلع إلى اليوم الذي سيتمكن فيه من فتحها للجمهور.
وأضاف: "لا يوجد شيء أكثر إثارة حقًا من القدرة على العمل والعيش على شيء فريد من نوعه".
لكن هل لديه أي أمل في أن تبحر هذه السفينة الرائعة مرة أخرى في يوم من الأيام؟
وأكدّ ويلسون: "إذا توفر الدخل، يمكن أن نجعلها قادرة على الإبحار مرة أخرى. وإذا لم يتوفر، فيمكنها أن تصبح متحفًا رائعًا".