رسالة إلى جلالة الملك والحكومة والمعارضة لما لا نبدأ من هذه النقاط (الإحدى عشر) لصناعة إصلاح حقيقي وتوافقي
هذا الوطن الجميل - الذي يحاول البعض تقبيح وجهه - يستحق منّا جميعاً أن نحاول أن نبقيه جميلاً ، عفواً ، أن نعيده جميلاً ، من هذا المنطلق منطلق الإيمان بواجبي اتجاه وطني أبعث بهذه الرسالة إلى رأس الهرم السياسي في الأردن جلالة الملك ، و إلى من ائتمنه جلالته على الولاية العامة ، و إلى من وضع الملك في عنقه أمانة أمن الوطن ، قالوا الدين النصيحة ، و لأن حب الأوطان من الدين أقول : )) وكذلك إلى قوى المعارضة، والأحزاب.
لماذا لا نبدأ بالإصلاح بهذه النقاط (( الإحدى عشر )) :
بينما يدخل الوطن العربي في متاهات عديدة، وفوضى لم يعد بإمكاننا أن نصفها ، ما تزال الساحة السياسية الأردنية تراوح مكانها، ليس منذ عام - بعد أن سمح للمسيرات الأسبوعية والاعتصامات التحرك بشكل مفتوح - إنما منذ خمسة سنوات عندما بدأ المواطن يكتشف بأن فساد الحكومات وصل إلى جيبه، وأقصد هنا تحديداً رفع الدعم عن سلع مهمة رئيسية للمواطن.
ولا أريد تكرار ما قيل ويقال عن الأسباب التي أوصلتنا لهذا الحال ، فقد شبع الأردنيون الأحاديث المكررة والمعادة ، ويود الاستماع لمن يخرجنا من عنق الزجاجة ؛ فالندب السياسي لن يحرك ما نعانيه اليوم ، وما حدث كان شراكة من الأغلب ، إن كان بالفساد أو بالولاء الكاذب للحكومات ، والسيطرة على وسائل الإعلام وتصويغها لتجميل القبيح حكومياً ، وسكوتها عن الفساد ، أو الاستفادة الشخصية من أقطاب الفساد ، أو محاربة المواطن لنفسه عبر انشقاقات الهوية الوطنية ، بقدر أننا اليوم بتنا ندرك أن الشارع الأردني بدا يزداد ضياعاً وخوفاً ، وأمام جهاز أمني يتغول على جميع السلطات ، وحكومات تصريف أعمال ، وديوان لا يستطيع حمل هذه الملفات ، ومعارضة منفجرة تريد تحقيق السبق بأنها من حققت هذا ، وخلال عام استطيع القول أن المعارضة الأردنية والموالاة تتفق بنفس الهدف و هو مطالبة جلالة الملك الاستماع لمطالب المواطن ورؤيته للإصلاح ، ووضع إستراتجية لتحسين وضع المواطن اقتصادياً ، والتخفيف من حجم الديون .
وعند إجراء أي استقراء للشارع الأردني بشقيه الاجتماعي والسياسي ، نجد أن مطالب الأغلبية متقاربة ، وما يفسدها إما سوء فهم من بعض الجهات الاجتماعية ، وعدم الثقة بالإطراف الداخلية ، وعدم الاقتناع بأن المواطنة حق للجميع لا يملكها أحد (( و ليست هبة من أحد )) ،(( و كل وطني )) يحق له التحدث باسم الوطن إن كان يمينياً أو يسارياً ، معارضةً أو موالاة .
(( مولاي .. و يا من ائتمنهم الملك على الشعب : ))
أجد أن أغلب المطالب - حسب رؤيتي الشخصية (( كأردني يعيش نبض الشعب لحطةً بلحظة )) - تنحصر في أغلبها :
أولاً – أن أي إصلاح يجب أن يبدأ بإشراف جلالة الملك شخصياً ؛ لأن المعارضة لا تثق بنوايا باقي أجهزة الدولة ، لذا نتمنى على الملك أن يعلن عن مؤتمر يجمع أطراف الأحزاب والمعارضة، وحراك المحافظات، وجميع رؤساء الوزراء السابقين، ومدراء المخابرات السابقين ، يتم به الحوار على الملفات موضع الجدل السياسية، والاقتصادية، وعليه تناقش طلبات المعارضة ويوضع برنامج تدريجي يتم فيه بدء العمل الإصلاحي، وتخفيف الحراك بنسبة متبادلة.
ثانياً :على جهاز المخابرات العامة - الذي نفتخر به وبقدراته الواسعة - أن يحدد مهامه الحقيقة داخلياً ، وأن يكف عن دعم شخصيات على حساب أخرى، مثلما كان يحدث دون مرجعية قانونية إنما لأهواء شخصية ، ومن تجد به المخابرات أي مخالفة قانونية فليوجه للمحكمة ، ولكن صار من المعروف أن كل ما حدث من تزوير وإفساد للحياة السياسية تم عبر التدخل من قبل الجهاز ، ولأهواء شخصية من قبل الضباط ومدراء الدوائر في المحافظات ؛ مما زعزع ثقة المواطن في الدائرة ، و أضر بمصلحة الوطن و المواطن ، بينما تم السكوت على الفاسدين واللصوص ، ولم نعد نرضى - حباً في الدائرة - أن ينسب إليها عمليات تزوير الانتخابات ومحاربة رجال الإصلاح.
ثالثاً : إمهال البرلمان الحالي لإنهاء بعض الملفات التي يحقق بها ، وإعداد قانوني مجلس النواب والبلديات و من ثم إجراء انتخابات برلمانية مبكرة ، فلا يجوز بعد عام من الاضطرابات أن يظل مجلس نواب فاقداً للشعبية، ونتاج الدوائر الوهمية ، وإفراز التدخلات الأمنية ، وقوطعت الانتخابات من أكبر أحزاب المعارضة ، ونضرب هنا مثلا مملكة المغرب التي أجرت انتخابات سريعة ومبكرة ، وسارعت إلى معالجة مطالب المعارضة بالرغم من السكون الشعبي بها . ومن ثم تشكل حكومة من مجلس النواب، بحيث ننتهي في جدل تشكيل الحكومات، ويصبح الشعب مسؤلا عمن بمثله.
رابعاً : إجراء انتخابات بلدية ، وذلك لإعادة إدارتها من قبل المنتخبين شعبياً ، فلا يجوز أن نتحدث عن إصلاح ، ونحن نعجز عن إتمام انتخابات بلدية ، وتتعاكس حكومتان في قانون فك و دمج البلديات ، ونؤكد على أن إدارة البلديات يجب أن تكون من قبل المنتخبين، وليس المعينين ، ولتكون نموذج مشرق لأول انتخابات خالية من التدخل والتزوير.
خامساً : حماية الطبقة العاملة من الرواتب المتدنية ، فالراتب الذي يعطى - بعد التعديل بـ 190 دينار - عندما يخصم ما يصرف عل التنقلات والطعام لا يبقى منه سوى 100 دينار ، وهذا سيولد انفجار مجتمعي من طبقة العمال ، والثورة العمالية قادمة لا محالة إن لم نعالجها، وهذا يعود أيضاً على هيكلة الرواتب في الوظائف مع تضخم المصاريف وزيادة أجور البيوت ، وارتفاع الأسعار ، بحيث فقد المواطن قدرته على القيام بأقل المصاريف الحياتية ، وقبل أن تحدث ثورة عمالية ، علينا حماية العمال من التغول الاقتصادي عليهم بحجج توسيع وتشجيع الاستثمار بإقرار قانون الجريمة العمالية.
خامساً : فتح ملفات الفساد الكبرى الواضحة للعيان، أياً كان المتهم بها ، فالتضحية بمن خان الوطن وجيره (( لحسابه )) سوف يهدئ من المسيرات ، و من غضب المواطن المغبون وإعطاء ثقة سياسية بأن الحكومة تريد تغيير نهج الشخصيات الفاسدة ، ووضع الوطن وممتلكاته بين أيديهم ، و فتح ملفات الخصخصة كاملة ، ومحاسبة طرق بيعها ، وإنهاء العقود (( التي يثبت تلوثها بالفساد ))، أو وجود صفقات خفية ، وذلك لما أضرته للميزانية والشعب وذلك لزيادة مليارات وملايين الفاسدين .
سادساً : لا يحق لأي جهة جغرافية أو سياسية ، أن تحاسب جهة أخرى ، أو تنصب نفسها سلطة تشريعية ، أو تمنع مسيرة ، أو تحرض على إيذاء شخص أو جماعة ، بل هذا من سلطة الدولة ، ولا يجوز أن يطبق القانون بعنف على مسيرات مثل 14/اذار ، أو مسيرات التيار السلفي ، ويلقى بهم في السجون بينما يسكت على بعض مسيرات من يدعون الموالاة وحملهم لأسلحة بيضاء ورشاشات فليس هناك فرق بين مواطن واخر!
سابعاً : وضع قانون يمنع الاعتداء على الأشخاص دون أي تهاون بمحاسبتهم ، إن كان عبر العنف الجامعي ، أو مسيرات الموالاة الذين ينصبون أنفسهم حماة الديار ، أو ردود فعل جرائم القتل وما ينتج عنها من ردود فعل تطال الأبرياء ، لذا مع هذا العدد الهائل من الأجهزة الأمنية في الأردن لا يمكن تقبل وجود العنف بدون رد ومحاسبة.
ثامناً : السماح لأية مسيرة أو اعتصام بالتعبير السلمي بشرط إذا ثبت أنه تابع التدرج القانوني للحصول على حقوقه ، وألا يتسبب بالضرر لشارع بعينه أو مكان بعينه ، حتى لا تتحول المسيرات إلى ظاهرة عامة يقصد منها التجمهر فقط . وعلى ألا تسبب ضرر للمكان المقام به والابتعاد عن أماكن التجمع الديني أو التجاري .
تاسعا : فتح جدل الهوية الوطنية قبل وبعد فك الارتباط ، وعليه لا يجوز التفرقة بين الأردنيين ، سيما الموافقة الأمنية التي كانت تحجب عن أغلب الأردنيين من الأصول الفلسطينية عند تقدمهم للوظيفة في جهة أمنية ، وهم يتعطشون للخدمة العسكرية ، وخدمت نسبة ضخمة جدا منهم قبل عام 1980، وهنا يتم حسم ملف الهوية على أساس أن يكون المواطن أردنياً أو غير أردني ، ومنه توضع لجنة لمحاربة التجنيس لمواجهة الوطن البديل، وكذلك منع سحب الجنسية لمن حصل عليها بشكل قانوني .
عاشراً : تحرير الإعلام الورقي اليومي من التدخل الأمني ،حتى يستعيد ثقة المواطن، كمرجع إعلامي مؤسسي، وعدم التضييق على الإعلام الالكتروني ، في مقابل هذا تخصيص محكمة إعلامية تبحث بالقضايا التي يتم بها اغتيال شخصي بدون وجود أدلة ، حتى لا تتحول المنابر الإعلامية إلى تصفية حسابات، وتسرع في نشر أخبار غير مؤكدة ، مع إيجاد حق كشف المعلومات لوسائل الإعلام الرسمية .
حادي عشر : وضع خطة حقيقية للوصول إلى حكومة منتخبة خلال 8 – 12 عام أي خلال دورتين إلى ثلاثة دورات برلمانية ، يتم خلال هذه الفترة المناسبة تهيئة الحياة السياسية و الحزبية و الشعبية للوصول إلى النضوج الكافي لدى الشعب بكافة ألوانه لتشكيل الحكومة من الحزب الفائز بالأغلبية البرلمانية أو القائمة الفائزة بتلك الأغلبية.