بالخوف وحده قد يحيا الإنسان

من واقع تجربتي المتواضعة في الحياة أقول بأن من يرغب في فهم نمط تفكير مجتمع عليه أن يعرف كيف يفكر الأطفال فيه، فالطفل يعبر بطريقة عفوية عما نعبئه نحن به، نحن الأسرة، نحن الشارع، والرفقاء ورياض الأطفال والمدارس.
سألني صغيري:»يوم القيامة مطول؟» فأجبته: نعم، كي لا أثير فيه الرعب لأنني أدرك بأن لديه معرفة مشوهة عن الآخرة، فقال: «بدي أضل أكذب كتييير عشان مطول»، حينها لم أعرف ماذا أقول له وكل ما حاولت تغييره من أفكار هو أن الله لا يضع الصغار في النار، فقال: إذن أنتم للنار وأتى بأدلة كثيرة منها أن والده تأخر بإحضار السيارة من التصليح ليوم، ومنها أنني وعدته بنزهة ولم أف بوعدي، ولذا نحن من وجهة نظره سنكون في النار، لا ضير، ما دام هو اقتنع بأن الصغار لا يدخلون النار وما دمت قد حاولت أن أفهمه بأن الصدق مطلوب كي يحترمه الآخرون وكي يكون محبوبا ولأن الصادق إنسان مميز ومحبوب وبعيد عن عقاب النار.
هذا الطفل هو أنا وأنت وأنتم ونحن جميعا، نحن الذين أتخمنا بمفاهيم العقاب والخوف وأصبحت دوافعنا تجاه أي فعل إما رغبة في مكافأة أو خوفا من عقاب، وفقدنا الدافعية الذاتية وانعكس ذلك على أدائنا لأعمالنا وعلى تعاملنا مع ذواتنا ومع من حولنا، أصبح كل واحد منا»يحمل في الداخل ضده» يصدق متى يشاء ويكذب متى يشاء وما دام العقاب الدنيوي مؤجلا أو غير محتمل فالكذب أو الإنحراف عن المعايير يكون واردا، أما في العمل والوظائف فنحن لا نتقن فن الإخلاص الظاهري إلا تحت سلطة الإدارة، بالخوف نحيا وبالخوف نعمل وهذه فعليا حقيقة مخيفة، وقد تكون أحد أسباب تأخرنا كمجتمعات وأحد أسباب استمراريتنا أيضا..!

maisa_rose@yahoo.com