هل التعليم في بلدنا العزيز مهنة أم وظيفة؟
أخبار البلد-
لا يخطر على بال أحد في البلدان المتقدمة كما في أوروبا وبخاصة في إسكندنافيا، واليابان، وسنغافورة، والولايات المتحدة… طرح هذا السؤال، لأن التعليم في كل منها مهنة (Profession) ومهنة محترمة، وليس مجرد وظيفة (Occupation) لطالب عمل أو عاطل عنه غير معدٍ له.
المهنة رسالة وخدمة لا يستطيع تأديتهما من لم يعد لهما. أما الوظيفة كما في الإدارة العامة للدولة فخدمة يستطيع الموظف القيام بها – بوجه عام – بقليل من التعليم.
ومع أننا في الأردن نعتبر – للأسف – أميركا قبلتنا وحدها في التعليم بحكم علاقتنا الخاصة بها، إلا أن التعليم العام فيها يعاني، فأميركا إلى اليوم وعلى الرغم من كثرة محاولات إصلاحه عاجزة عن هذا الإصلاح، لأن نظامها التعليمي يختلف عن سائر الأنظمة التربوية في العالم فهو يتكون من أكثر من خمسة عشر ألف نظام فرعي لا تستطيع وزارة التربية والتعليم الفيدرالية التدخل بها بغير الحوافز، وأحياناً بالقوانين. إن كل واحد منها مستقل أو شبه مستقل، وكل ولاية أو حتى ناحية (District) حرّة في تعليم أبنائها وبناتها كما تشاء.
كان حسناً جداً لو تطلعنا إلى جيراننا في أوروبا وبخاصة في الدانمارك وفنلندا لأنهم أقرب إلينا تاريخاً وثقافة. ومع هذا دعوني استخلص لكم بعض المعايير أو المتطلبات اللازمة للمهنة لتكون مهنة:
·فترة ممتدة من الإعداد المتخصص في موضوع المهنة.
·معرفة محددة ومهارات تتجاوز ما يملكه غير المختصين فيها.
·تطبيق النظريات المعتمدة ونتائج البحوث في أثناء الممارسة.
·نقابة أو جمعية أو رابطة تنظم المهنة وتطورها وتحافظ على التزامها وحقوق أعضائها، وتضبط معايير الترخيص والالتحاق بها.
·جمعيات نوعية خاصة بموضوعات التعليم للنهوض بها وندوات ومؤتمرات تعقدها، ونشرات ترويها.
·تحمل المسؤولية عن الأحكام والأفعال والنتائج ذات الصلة بالأداء.
·دستور أخلاقي يوضح المسائل الغامضة ذات العلاقة.
·مستوى عالٍ من الثقة العامة الخاصة بالمهنة.
·مكانة عالية لها في المجتمع.
وبتطبيق هذه المعايير – إذا قبلناها – على التعليم في الأردن – إذا قبلناها – نجد أن التعليم فيه ليس مهنة، أو ليست مهنة مكتملة. إنها شبه مهنة مع أنها ومهنة الأمومة أصعب مهنتين إلى اليوم ومن أقدمهما، ومع هذا فإن معظم الذي يعملون فيهما لا يعدون مسبقاً لها كما في الطب والهندسة والمحاماة… أو إنه يتم بفترة أقصر. كما أنها لا تملك جملة واضحة محددة من المعرفة المهنية المختصة، لأنه لا يوجد اتفاق بين التربويين عليها. وليس هناك احتكار معرفي خاص بها مثل بقية المهن، لأنه غير ممكن أو غير سهل في حالة التعليم التي تتعامل مع الإنسان ككل وليس مع جانبٍ منه أو فيه.
للأسف أو لحسن الحظ تجد أن كل واحد يتكلم في التعليم وينظر فيه وحتى يمكن أن يكون وزيراً له، مع أنه لا يستطيع أو لا يجرؤ أن يتكلم في مهن أخرى إذا لم يكن معداً لها أو مختصاً فيها. ولهذا كانت «مهنة» التعليم ولا تزال أقل المهن استقلالاً. لا يعني الاستقلال المهني الغياب الكلي للنقد لأي مهنة، لكن الوضع في التعليم مختلف، فكثير من غير المعدين للتعليم يعملون في التعليم كوظيفة كما ذكرنا، وكل مواطن/ة يتدخل في التعليم أو يعتقد أن له حقاً في التدخل فيه كأب أو كأم، مروراً بالكتّاب والصحفيين، وانتهاء بالناس العاديين.
وإلى الذين يطالبون بمهننة التعليم نذكرهم – إن كانوا ناسين– أن قانون التربية والتعليم يعتبر التعليم (بالنص) رسالة ومهنة لها قواعدها الخلقية والمهنية، ولكن هذا النص لم يتوقف عنده وزير للتربية والتعليم وحكومة لأعماله.
وفي تفسير التراجع في مكانة «مهنة» التعليم، أدعي أن التعليم في الأردن لم يأخذ أو لم يعط الأولوية على غيره من وظائف الدولة. ويتجلى ذلك في الموازنة السنوية المنخفضة المخصصة للتعليم وفي كثرة الأبنية غير اللائقة للتعليم المستأجرة كمدارس، وفي نظام الفترتين المدرسي الذي يتم في 826 مدرسة يتناوب فيها نحو نصف مليون طفل/ة. (الغد في 15/12/2021).
وزاد الطين بلّة إغلاق دور المعلمين والمعلمات وإزاحة إعدادهم إلى كليات المجتمع المشغولة بكثير غيرهم.
التصحيح يكون بفتح كليات معلمين ومعلمات مستقلة، واحدة في الشمال وأخرى في الوسط وثالثة في الجنوب، وبحيث يتناسب عدد خريجيها وخريجاتها مع عدد الشواغر الناشئة سنوياً عن عدد الأطفال الملتحقين بالرياض والمدارس في المحافظة.
سيكولوجياً سيرى كل ملتحق/ة بالكلية نفسه معلماً/ة وأن مهنته الدائمة في الحياة هي التعليم ما دام اختار ذلك. وليكون الإعداد الأكاديمي والتربوي لهم ناجحاً بشرط استبعاد الطريقة الأميركية الفاشلة في الإعداد القائمة على الالتقاط والساعات والمعتمدة، وإبدالها بالفصول.
المهنة رسالة وخدمة لا يستطيع تأديتهما من لم يعد لهما. أما الوظيفة كما في الإدارة العامة للدولة فخدمة يستطيع الموظف القيام بها – بوجه عام – بقليل من التعليم.
ومع أننا في الأردن نعتبر – للأسف – أميركا قبلتنا وحدها في التعليم بحكم علاقتنا الخاصة بها، إلا أن التعليم العام فيها يعاني، فأميركا إلى اليوم وعلى الرغم من كثرة محاولات إصلاحه عاجزة عن هذا الإصلاح، لأن نظامها التعليمي يختلف عن سائر الأنظمة التربوية في العالم فهو يتكون من أكثر من خمسة عشر ألف نظام فرعي لا تستطيع وزارة التربية والتعليم الفيدرالية التدخل بها بغير الحوافز، وأحياناً بالقوانين. إن كل واحد منها مستقل أو شبه مستقل، وكل ولاية أو حتى ناحية (District) حرّة في تعليم أبنائها وبناتها كما تشاء.
كان حسناً جداً لو تطلعنا إلى جيراننا في أوروبا وبخاصة في الدانمارك وفنلندا لأنهم أقرب إلينا تاريخاً وثقافة. ومع هذا دعوني استخلص لكم بعض المعايير أو المتطلبات اللازمة للمهنة لتكون مهنة:
·فترة ممتدة من الإعداد المتخصص في موضوع المهنة.
·معرفة محددة ومهارات تتجاوز ما يملكه غير المختصين فيها.
·تطبيق النظريات المعتمدة ونتائج البحوث في أثناء الممارسة.
·نقابة أو جمعية أو رابطة تنظم المهنة وتطورها وتحافظ على التزامها وحقوق أعضائها، وتضبط معايير الترخيص والالتحاق بها.
·جمعيات نوعية خاصة بموضوعات التعليم للنهوض بها وندوات ومؤتمرات تعقدها، ونشرات ترويها.
·تحمل المسؤولية عن الأحكام والأفعال والنتائج ذات الصلة بالأداء.
·دستور أخلاقي يوضح المسائل الغامضة ذات العلاقة.
·مستوى عالٍ من الثقة العامة الخاصة بالمهنة.
·مكانة عالية لها في المجتمع.
وبتطبيق هذه المعايير – إذا قبلناها – على التعليم في الأردن – إذا قبلناها – نجد أن التعليم فيه ليس مهنة، أو ليست مهنة مكتملة. إنها شبه مهنة مع أنها ومهنة الأمومة أصعب مهنتين إلى اليوم ومن أقدمهما، ومع هذا فإن معظم الذي يعملون فيهما لا يعدون مسبقاً لها كما في الطب والهندسة والمحاماة… أو إنه يتم بفترة أقصر. كما أنها لا تملك جملة واضحة محددة من المعرفة المهنية المختصة، لأنه لا يوجد اتفاق بين التربويين عليها. وليس هناك احتكار معرفي خاص بها مثل بقية المهن، لأنه غير ممكن أو غير سهل في حالة التعليم التي تتعامل مع الإنسان ككل وليس مع جانبٍ منه أو فيه.
للأسف أو لحسن الحظ تجد أن كل واحد يتكلم في التعليم وينظر فيه وحتى يمكن أن يكون وزيراً له، مع أنه لا يستطيع أو لا يجرؤ أن يتكلم في مهن أخرى إذا لم يكن معداً لها أو مختصاً فيها. ولهذا كانت «مهنة» التعليم ولا تزال أقل المهن استقلالاً. لا يعني الاستقلال المهني الغياب الكلي للنقد لأي مهنة، لكن الوضع في التعليم مختلف، فكثير من غير المعدين للتعليم يعملون في التعليم كوظيفة كما ذكرنا، وكل مواطن/ة يتدخل في التعليم أو يعتقد أن له حقاً في التدخل فيه كأب أو كأم، مروراً بالكتّاب والصحفيين، وانتهاء بالناس العاديين.
وإلى الذين يطالبون بمهننة التعليم نذكرهم – إن كانوا ناسين– أن قانون التربية والتعليم يعتبر التعليم (بالنص) رسالة ومهنة لها قواعدها الخلقية والمهنية، ولكن هذا النص لم يتوقف عنده وزير للتربية والتعليم وحكومة لأعماله.
وفي تفسير التراجع في مكانة «مهنة» التعليم، أدعي أن التعليم في الأردن لم يأخذ أو لم يعط الأولوية على غيره من وظائف الدولة. ويتجلى ذلك في الموازنة السنوية المنخفضة المخصصة للتعليم وفي كثرة الأبنية غير اللائقة للتعليم المستأجرة كمدارس، وفي نظام الفترتين المدرسي الذي يتم في 826 مدرسة يتناوب فيها نحو نصف مليون طفل/ة. (الغد في 15/12/2021).
وزاد الطين بلّة إغلاق دور المعلمين والمعلمات وإزاحة إعدادهم إلى كليات المجتمع المشغولة بكثير غيرهم.
التصحيح يكون بفتح كليات معلمين ومعلمات مستقلة، واحدة في الشمال وأخرى في الوسط وثالثة في الجنوب، وبحيث يتناسب عدد خريجيها وخريجاتها مع عدد الشواغر الناشئة سنوياً عن عدد الأطفال الملتحقين بالرياض والمدارس في المحافظة.
سيكولوجياً سيرى كل ملتحق/ة بالكلية نفسه معلماً/ة وأن مهنته الدائمة في الحياة هي التعليم ما دام اختار ذلك. وليكون الإعداد الأكاديمي والتربوي لهم ناجحاً بشرط استبعاد الطريقة الأميركية الفاشلة في الإعداد القائمة على الالتقاط والساعات والمعتمدة، وإبدالها بالفصول.