رجل في الأخبار -عمران خان.. نجم الكريكيت الذي أصبح رئيس وزراء باكستان يخسر منصبه

أخبار البلد-


أطاح البرلمان برئيس الوزراء الباكستاني عمران خان مساء اليوم السبت (الأحد بالتوقيت المحلي) بعد تصويت بحجب الثقة عنه لينهي، قبل الموعد، ولايته التي خيم عليها تدهور الوضع الاقتصادي ومؤشرات على أنه فقد ثقة الجيش القوي

وعكست انشقاقات بعض الحلفاء من ائتلافه الحاكم الاستياء المتزايد بين الكثير من الباكستانيين بسبب ارتفاع التضخم وعجز الموازنة والتصور بأن خان أخفق في الوفاء بوعوده الانتخابية باستئصال شأفة الفساد

ومع ذلك، من غير المرجح أن يختفي خان من على الساحة السياسية تماما

وبعد أن ألغت المحكمة العليا قراره بحل البرلمان وأمرت المشرعين بالعودة إلى المجلس للتصويت على اقتراح حجب الثقة، وصف أحد حلفائه القرار بأنه انقلاب قضائي وقال خان إنه سيواصل القتال حتى النهاية

وبذلك ينضم خان (69 عاما) إلى قائمة طويلة من رؤساء الحكومات المنتخبين الذين أخفقوا في استكمال فتراتهم في المنصب. ولم يفعل أي منهم ذلك منذ استقلال البلاد عام 1947

في عام 2018 تمكن أسطورة الكريكيت، الذي قاد باكستان لفوزها الوحيد بكأس العالم عام 1992، من حشد بلاده وراء رؤيته لبلد مزدهر خال من الفساد ويحظى بالاحترام على الساحة الدولية

لكن شهرته الواسعة على المستوى القومي وما يتمتع به من كاريزما كل ذلك لم يكن كافيا لإبقائه على قمة السلطة

ومن سخرية القدر أن خان الذي تعرض لانتقادات على أنه يخضع لسطوة المؤسسة العسكرية القوية، جاءت الاطاحة به وسط مؤشرات على تدهور العلاقة بينه وبين قائد الجيش الجنرال قمر جاويد باجوا

وقال الجيش، الذي له دور كبير في باكستان وحكم البلاد لما يقرب من نصف تاريخها ويسيطر على بعض من أكبر المؤسسات الاقتصادية، إنه ما زال يلتزم الحياد في مجال السياسة

وفي تجمع حاشد الشهر الماضي، وعندما كان خان يقاتل من أجل مستقبله السياسي، اعتبر كثيرون أنه كان يشير إلى هذا الدور عندما قال الحيوانات فقط هي التي تبقى على الحياد

وقال زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق شهيد خاقان عباسي إن الجيش لا يريد أن يظهر في صورة الداعم له ثم يتحمل اللوم على إخفاقاته لقد سحبوا دعمهم له

* وعود يصعب تحقيقها

لفت خان، الذي اشتهر بوسامته وجاذبيته، انتباه العالم لأول مرة في أوائل السبعينات من القرن الماضي باعتباره لاعب كريكيت سريع وصاحب مهارات مميزة

وصار أحد أفضل اللاعبين في العالم وبطلا في باكستان المجنونة بالكريكيت. وقاد فريقا من النجوم على نحو غير متوقع إلى النصر في عام 1992، وحث لاعبيه على اللعب بحماس النمور المحاصرة

وبعد اعتزاله لعبة الكريكيت في ذلك العام، اشتهر بعمله الخيري وجمع 25 مليون دولار لافتتاح مستشفى للسرطان تخليدا لذكرى والدته قبل أن يدخل عالم السياسة بتأسيس حزب حركة الإنصاف في عام 1996

وعلى الرغم من شهرته، فقد ظل الحزب غير مؤثر في الحياة السياسية الباكستانية إذ لم يفز بمقعد آخر غير مقعد خان لمدة 17 عاما

تخلل تلك الفترة لحظات درامية. ففي عام 2007، أفلت خان من وضعه رهن الإقامة الجبرية بالقفز من فوق جدار وسط حملة قمع على شخصيات المعارضة من قبل الحاكم العسكري آنذاك الجنرال برويز مشرف

وفي عام 2011، بدأ خان في جذب حشود ضخمة من الشبان الباكستانيين الذين أصيبوا بخيبة أمل من الفساد المستشري وانقطاعات الكهرباء المزمنة وأزمات التعليم والبطالة

وحصل على دعم أكبر في السنوات التالية بعد أن ترك مغتربون باكستانيون متعلمون وظائفهم للعمل في حزبه كما انضم إلى حملته الانتخابية مشاهير من فناني البوب ??والممثلين

وقال خان أمام حشد من مئات الآلاف من المؤيدين في عام 2018 إن هدفه هو تحويل باكستان من دولة بها مجموعة صغيرة من الأثرياء وبحر من الفقراء إلى مثال لنظام إنساني، نظام عادل، من أجل العالم، ومثال لما يمكن أن تكون عليه دولة الرفاهة الإسلامية

في ذلك العام، انتصر أخيرا مسجلا صعودا نادرا لبطل رياضي إلى قمة السياسة. ومع ذلك، حذر المراقبون من أن خطابه هو أكبر أعدائه إذ تسبب في رفع سقف توقعات مؤيديه إلى مستويات عالية

* من مستهتر إلى مصلح

وُلد عمران أحمد خان نيازي عام 1952، وهو ابن لمهندس مدني، ووصف نفسه بأنه طفل خجول نشأ مع أربع شقيقات في أسرة حضرية ثرية من البشتون في لاهور، ثاني أكبر مدن باكستان

وبعد حصوله على تعليم متميز في لاهور، ظهرت خلاله مهاراته في لعبة الكريكيت، انتقل إلى جامعة أكسفورد التي تخرج منها بدرجة علمية في الفلسفة والسياسة والاقتصاد

ومع سطوع نجمه في لعبة الكريكيت، اشتهر في لندن في أواخر السبعينات بصورة الفتى المستهر

وفي عام 1995، تزوج جيميما جولدسميث ابنة رجل الأعمال جيمس جولدسميث. وانفصل الزوجان في عام 2004 بعد أن أنجبا ولدين. كما انتهى زواج قصير ثان من الصحفية التلفزيونية ريهام نيار خان بالطلاق

غير أن زواجه الثالث من بشرى بيبي، الزعيمة الروحية التي عرفها خان خلال زياراته لضريح يعود للقرن الثالث عشر في باكستان، عكس اهتمامه العميق بالصوفية

وبمجرد وصوله إلى السلطة، شرع خان في خطته لبناء دولة رفاهة على غرار ما قال إنه نظام مثالي يعود تاريخه إلى العصور الأولى للعالم الإسلامي قبل حوالي 14 قرنا

وعينت حكومته عددا من المسؤولين في مناصب رئيسية على أساس المؤهلات وليس المصالح السياسية، وسعت إلى إصلاح التوظيف في الجهاز الحكومي ونظام الخدمة المدنية

وشملت الإجراءات الأخرى التيسير على المواطنين في تقديم الشكاوى وإدخال الرعاية الصحية الشاملة للفقراء في مقاطعة واحدة مع خطط لتوسيع البرنامج على الصعيد الوطني. وبدأت الحكومة أيضا مشروعا لزراعة عشرة مليارات شجرة لمواجهة عمليات إزالة الغابات على مدى عقود سابقة

ولدعم الاقتصاد المُصاب بالشلل، أجرى خان تحولا كبيرا في السياسة وحصل على خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي لباكستان ووضع أهدافا طموحة، وإن لم تتحقق، لتوسيع نطاق تحصيل الضرائب

لكن حملته لمكافحة الفساد تعرضت لانتقادات شديدة باعتبارها أداة لتهميش المعارضين السياسيين الذين سُجن الكثير منهم بتهمة الكسب غير المشروع

كما حافظ الجنرالات في باكستان على قوتهم نفوذهم وتم تكليف ضباط عسكريين من المتقاعدين والعاملين بتولي مسؤولية ما يزيد على 12 مؤسسة مدنية.