السعودية تطوي صفحة عبدربه والأحمر

أخبار البلد - استجابت السعودية لمطالب كيانات وشخصيات يمنية متعددة بضرورة دفع الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر إلى التنحي كونهما سبب الأزمة، حيث أعاق وجودهما توحيد مؤسسات الشرعية اليمنية، وحال دون بناء جبهة فعالة سياسية وعسكرية ضد الحوثيين.

وقالت مصادر سياسية يمنية إن السعودية أطاحت بهادي ونائبه بطريقة رشيقة، حيث بدا وكأن الرئيس اليمني هو من تنازل وحده عن منصبه واختار القيادة الجماعية في شكل مجلس رئاسي لتحل محله، مشيرة إلى أن فشل مساعي تنفيذ اتفاق الرياض كان يصطدم دائما بوجود هادي والأحمر ورغبتهما في الحفاظ على وضع الشرعية كما هو لأنه يحقق مصالحهما الشخصية بالنسبة إلى هادي والحزبية بالنسبة إلى الأحمر بصفته قياديا في حزب الإصلاح الإخواني.

وأضافت المصادر أن ضغوط وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد نجحت في إقناع الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وقيادات الأحزاب والمكونات اليمنية باتخاذ قرارات صعبة تمخضت عن تشكيل مجلس قيادة رئاسي نقلت إليه كافة صلاحيات الرئيس هادي، إضافة إلى إقالة نائبة علي محسن الأحمر الذي يحمّله الكثير من الأطراف اليمنية بصفة خاصة مسؤولية تعثر المسار السياسي والعسكري خلال السنوات الماضية.


صورة تهشمت منذ وقت طويل

ووفقا للمصادر فقد جاء الضغط السعودي في أعقاب رفض ممثلي حزب الإصلاح (إخوان مسلمون) في جلسات المحور السياسي في مشاورات الرياض، مقترحا بتعيين نائبين للرئيس واعتبارهم ذلك خطا أحمر لا يمكن السماح بتجاوزه، في تصرف وصفه مراقبون بأنه يندرج في إطار مساعي الإخوان لإفراغ المشاورات من مضامينها والحفاظ على هيمنتهم على قرار الشرعية ومؤسساتها المدنية والعسكرية والقبول بمشاركة شكلية لبقية القوى والمكونات.

وأشارت المصادر إلى أن هناك حالة إجماع غير مسبوقة سواء في إطار المكونات والقوى المناهضة للحوثيين أو ضمن قيادة التحالف العربي على التعامل بجدية وحزم مع كل عوامل وأسباب الإخفاق السياسي والعسكري التي ساهمت في تغول الميليشيات الحوثية وفشل الشرعية كمظلة للقوى المناهضة للحوثي في مواجهة الانقلاب الحوثي وتبعاته التي امتدت إلى دول الجوار.

ولفتت المصادر إلى أن التدخل السعودي جاء لمنع فشل مشاورات الرياض ولقطع الطريق على أجندات حزب الإخوان وبعض القوى المهيمنة على قرار الشرعية التي عملت على الحيلولة دون خروج أيّ قرارات حقيقية وجادة تعيد هيكلة الشرعية وتصلح مؤسساتها.

ويعتقد مراقبون أن قرارات إعادة هيكلة مؤسسات الشرعية ستمهد الطريق أمام مشاركة فاعلة للشرعية في مواجهة استحقاقات السلام أو أعباء الحرب خلال المرحلة المقبلة، وهو الأمر الذي سيترتب وفقا لمواقف الحوثيين من خيارات السلام التي يتبناها المجتمع الدولي والتي كان ضعف الشرعية والصراع بين مكوناتها أحد عوامل التصلب الحوثي.


اقرأ أيضاً: عبدربه منصور هادي رئيس قاوم عشر سنوات ليعجز عن فرض سلطته في اليمن

وبموجب القرارات التي أصدرها الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي تم تشكيل مجلس قيادة رئاسي يتكون من ثمانية أشخاص مناصفة بين الشمال والجنوب، برئاسة مستشار الرئيس ووزير الداخلية الأسبق رشاد العليمي الذي ينتمي إلى حزب المؤتمر ويحظى بدعم من حزب الإصلاح بوصفه شخصية توافقية.

ويضمّ المجلس الذي نقل الرئيس السابق صلاحياته إليه بشكل كامل لا رجعة عنه، بحسب البيان الذي تلاه عبدربه منصور هادي فجر الخميس، محافظ مأرب سلطان العرادة (إصلاح)، طارق صالح قائد المقاومة الوطنية في الساحل الغربي، عبدالرحمن أبوزرعة قائد ألوية العمالقة الجنوبية، عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، فرج سالمين البحسني محافظ محافظة حضرموت.

ووفقا لمراقبين يعكس مجلس القيادة الرئاسي المعين واقع القوى الفاعلة على الأرض، وحالة التمثيل والثقل الشعبي للمكونات والقوى السياسية والعسكرية، وهو الأمر الذي يجعل أداء المجلس أكثر قوة وفاعلية على الصعيدين الشعبي والسياسي والعسكري.

وتساءل علي البخيتي، السياسي اليمني والقيادي السابق في الجماعة الحوثية: ما هي صفة عبدربه منصور هادي الجديدة؟ الرئيس السابق أم ماذا؟ محذرا من أنه "إذا لم يطلق الإعلام السعودي عليه صفة الرئيس السابق ويتم التعامل معه على هذا الأساس فما حدث لا فائدة منه”.

ودعا البخيتي في سلسلة تغريدات له على تويتر مجلس النواب إلى إقرار إعلان نقل السلطة ليكون لمجلس القيادة الجديد شرعية دستورية.

وتابع "طال انتظار التغيير كثيرًا، لكنه أتى، والسؤال الأهم والمحوري بالنسبة إليّ: هل سينتقل مجلس القيادة وأعضاء المجالس التي تم إنشاؤها إلى اليمن؟ إذا لم يعودوا خلال شهرين بالكثير واستمروا في فنادق الرياض فلا فائدة من التغيير. فلن يعمل أحد بجد على تحسين الأوضاع الأمنية والاقتصادية إلا إذا كان يعيش ضمنها وأمنه من أمنها”.


وقالت الباحثة في جامعة أكسفورد إليزابيث كيندال إن "الوضع كان في سبات. كان يتوجب أن يتغير أمر كبير لدفع الأطراف المتحاربة على طريق عملية سياسية” معتبرة أن تسليم الصلاحيات الرئاسية "قد يكون ذلك”.

وأضافت كيندال "حكومة هادي كانت ضعيفة وغير كفؤة”، موضحة "كان هناك اعتقاد خاطئ مفاده أن مناهضة الحوثيين تعني موالاة الحكومة. لم يحدث ذلك في عهد هادي”.


وكان الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي قد أعلن فجر الخميس بعد لقاء جمعه بولي العهد السعودي عن نقل السلطة إلى مجلس قيادة رئاسي يتولى استكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، وتفويض هذا المجلس "تفويضاً لا رجعة فيه” بكامل صلاحيات الرئيس وفق الدستور والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.

وتتضمن مهام المجلس بحسب الإعلان الدستوري الذي تلاه الرئيس هادي بنفسه على شاشة التلفزيون، في ظهور نادر له منذ سنوات فيما يتعلق بإلقاء الكلمات في المناسبات الرسمية، إدارة الدولة سياسياً وعسكرياً وأمنياً طوال المرحلة الانتقالية وتيسير ممارسة الحكومة لاختصاصاتها بكامل صلاحياتها طوال المرحلة الانتقالية واعتماد السياسات اللازمة لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب في جميع أنحاء الجمهورية اليمنية.

ونص الإعلان على صلاحيات رئيس المجلس وأعضائه وآلية إدارة المجلس واتخاذ القرارات فيه وشغر المقاعد الخالية.

كما تضمن القرار تشكيل هيئة التشاور والمصالحة والتي ضمت في قوامها خمسين عضوا قابلة للتوسيع إلى مئة عضو وتجمع الهيئة وفقا للإعلان "مختلف المكونات لدعم ومساندة مجلس القيادة الرئاسي والعمل على توحيد وجمع القوى الوطنية بما يعزز جهود مجلس القيادة الرئاسي وتهيئة الظروف المناسبة لوقف الاقتتال والصراعات بين كافة القوى والتوصل إلى سلام يحقق الأمن والاستقرار في كافة أنحاء الجمهورية”.

كما تعمل "على توحيد رؤى وأهداف القوى والمكونات الوطنية المختلفة، بما يساهم في استعادة مؤسسات الدولة، وترسيخ انتماء اليمن إلى حاضنته العربية”.


إليزابيث كيندال: حكومة هادي كانت ضعيفة وغير كفؤة

وبموجب القرار تم تشكيل فريق قانوني يتكون من عشرة أعضاء ويتولى صياغة مسودة القواعد المنظمة لأعمال مجلس القيادة الرئاسي وهيئة التشاور والمصالحة والفريق القانوني والفريق الاقتصادي المشكلين بموجب هذا الإعلان، ورفعها خلال 45 يوماً من تاريخ الإعلان إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي لاعتمادها وتصدر بقانون.

وتضمّن الإعلان كذلك تشكيل فريق اقتصادي يضم 15 عضوا ويتولى تقديم النصح والمشورة للحكومة والبنك المركزي فيما يخص الإصلاحات العاجلة في المجالات الاقتصادية والتنموية والمالية والنقدية، بالإضافة إلى العمل على تعزيز الفعالية والشفافية والنزاهة في الأجهزة الحكومية، ودراسة التحديات الاقتصادية والعمل على إرساء أسس التنمية المستدامة ورسم الخطط اللازمة للتنمية الاقتصادية وطرح الحلول التحفيزية للنمو الاقتصادي، والعمل على زيادة إيرادات الدولة ورفع كفاءة التحصيل، وتنويع القاعدة الاقتصادية، ويقدم هذا الفريق رأيه ودراساته لمجلس القيادة الرئاسي في شأن الموضوعات الاقتصادية والمالية العامة للدولة.

وفي إشارة إلى أبرز مهام مجلس القيادة الرئاسي، نص الإعلان على أن المجلس سيتولى التفاوض مع (أنصارالله) الحوثيين لوقف إطلاق نار دائم في كافة أنحاء الجمهورية والجلوس إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل يتضمن مرحلة انتقالية تنقل اليمن من حالة الحرب إلى حالة السلام.

وعلى صعيد ردود الأفعال، رحبت السعودية بقرار الرئيس اليمني نقل السلطة إلى مجلس القيادة الرئاسي وأكدت دعمها الكامل لمجلس القيادة الرئاسي والكيانات المساندة له لتمكينه من ممارسة مهامه في تنفيذ سياسات ومبادرات فعالة من شأنها تحقيق الأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية وإنهاء الأزمة اليمنية.

كما أعلنت الحكومة السعودية عن تقديم دعم عاجل للاقتصاد اليمني بمبلغ 3 مليارات دولار أميركي؛ 2 مليار دولار أميركي مناصفة بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، دعماً للبنك المركزي اليمني، ومليار دولار أميركي من المملكة منها 600 مليون دولار لصندوق دعم شراء المشتقات النفطية و400 مليون دولار لمشاريع ومبادرات تنموية.

وحثت السعودية مجلس القيادة الرئاسي بالبدء في التفاوض مع الحوثيين تحت إشراف الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل يتضمن فترة انتقالية تنقل اليمن إلى السلام والتنمية ولينعم الشعب اليمني بالأمن والاستقرار.

وفور الإعلان عن تشكيل مجلس قيادة رئاسي استقبل ولي العهد السعودي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني وأعضاء المجلس.

ووفقا لوكالة الأنباء السعودية فقد عبر الأمير محمد بن سلمان عن "دعم المملكة لمجلس القيادة الرئاسي اليمني وتطلعه في أن يسهم تأسيسه في بداية صفحة جديدة في اليمن تنقله من الحرب إلى السلام والتنمية، متأملاً بأن تكون المرحلة القادمة مختلفة، منوهاً بما لمسه من عزم وتفاؤل لدى الجميع”.