«المخابرات» يا رأس الدولة .
حين قرر الملك في نفس التوقيت، تكليف عون الخصاونة برئاسة الحكومة وتعيين فيصل الشوبكي على رأس جهاز المخابرات، ظن الجميع أنّ روح الفريق المنسجم ستسود بين الحكومة والمخابرات وأنّ الخصاونة سيأخذ جرعته اللازمة من الولاية العامة.
لكن ما جرى كان مخالفا لكل ذلك، فالخصاونة يدفع باتجاه الإصلاح ضمن المتاح له، وعلى ما يبدو أنّ المخابرات تدفع العربة بالاتجاه المعاكس.
من أمثلة ذلك الواضحة، سياسة عون الخصاونة بعدم التوتير مع الحركة الإسلامية، في مقابل ذلك، تقوم صحف الحكومة بضرب الحركة من تحت الحزام، رامية من وراء ذلك إلى التحريض غير الأخلاقي عليها.
كما قامت الأجهزة الأمنية بالتواطؤ وغض البصر عن الاعتداء على مسيرة ومقرات الحركة الإسلامية في المفرق، رغم أنّ الحكومة ممثّلة برئيسها ووزير داخليتها قدموا التعهد بحماية المسيرة والفعالية.
هنا يأتي السؤال عن الجهات التي تريد التوتير مع الحركة وتشويه سمعتها وإنهاء خيال مفترض عن تفاهم حكومي إسلامي.
إذا كانت الحكومة لا تريد ما يكتب في صحفها الرسمية، فمن هو الذي يعطي الأوامر لمثل هذه الكتابات التي تحمل التحريض والتهويل والأكاذيب والافتراءات.
أسئلة لا بد أن تطرح على الوعي الأردني بسرعة وقوة ولا بد لها من إجابات، فلا يعقل أن تتواصل مأساة حكومات الظل إلى هذا الحد المكشوف والمرعب، فالخصاونة صحيح تائه، لكنه لا يغطي حكومات الظل، ومن هنا تكشفت الحقائق وبدا المشهد مؤلما.
كلنا سمع من مصادر كثيرة أنّ مدير المخابرات الحالي اللواء فيصل الشوبكي لم يكن متحمسا لمصطلح ومفهوم الإصلاح في سابق خدمته أيام مديره القديم محمد الذهبي، لكننا ظننا أنّ المرحلة ستكون أقوى من أن تسمح لعودة تلك الأفكار إلى رأس المدير الجديد، وقد خابت ظنوننا، فالجهاز يرفض إرخاء قبضته لصالح الحكومة، والمشكلة أنّه يلعب سياسة بطريقة قديمة لا تصلح مع تغييرات اليوم.
رأس الدولة "الملك"، وحده هو القادر في هذا التوقيت على شكم تدخلات الجهاز في ما لا يقره له الدستور، وعليه نتمنّى على الملك أن يتدخَّل سريعا لضبط إيقاع الصلاحيات في الدولة قبل أن تنفلت الأمور إلى سياقات غير محمودة.