فازت الحكومة وخسر النواب

اخبار البلد - 
 

قدّم سبعة نواب من أعضاء لجنة الصحة والبيئة قبل أيام استقالاتهم الجماعية، بالتالي أصبحت اللجنة منحلة حكما عملا بأحكام المادة (54/هـ) من النظام الداخلي لمجلس النواب، التي تنص على أنه إذا فقدت أي لجنة نيابية الحد الأدنى من عدد أعضائها المحدد بخمسة أعضاء فإنها تعتبر منحلة حكما، ويجب أن يعاد تشكيلها إما بالتوافق أو بالانتخاب من قبل أعضاء مجلس النواب.

وقد برر بعض الأعضاء السابقين في اللجنة استقالاتهم بالخلاف مع رئيس اللجنة حول إدارة الجلسات، والتباين في وجهات النظر بشأن الاتفاقية التي أبرمتها وزارة الصحة مؤخرا مع مستشفيات القطاع الخاص لغايات التوسع في التأمين الصحي لموظفي الدولة.

ورداً على هذه الأسباب، نبدي بأن عمل اللجان النيابية محكوم بنصوص واضحة في النظام الداخلي لمجلس النواب تحدد صلاحيات الرئيس بشكل صريح لا لُبس فيه. فالمادة (58) من النظام الداخلي تعطي رئيس اللجنة النيابية الحق في تنظيم أعمالها وتحديد اجتماعاتها، والدفاع عن قراراتها أمام مجلس النواب. كما يعتبر مقرر اللجنة المسؤول عن وضع التقارير المتعلقة بالقضايا المنظورة أمام اللجنة، وعن شرحها والدفاع عنها عند مناقشتها أمام مجلس النواب.

كما تتضمن المادة (59) من النظام الداخلي أحكاما إجرائية تتعلق بكيفية الدعوة لاجتماعات اللجان ونصاب اتخاذ القرارات فيها. فاللجنة النيابية تجتمع بدعوة من رئيسها أو نائبه في حال غيابه، أو بناء على طلب من رئيس المجلس. كما تجتمع بناء على طلب يُقدم إلى رئيس المجلس من ثلث أعضائها على الأقل عند تعذر انعقادها. وتعتبر اجتماعات اللجنة قانونية بحضور الأغلبية المطلقة من أعضائها، على أن يكون من بينهم الرئيس أو نائبه أو المقرر. وتصدر قرارات اللجنة النيابية بأكثرية الأعضاء الحاضرين، وعند تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي صوّت معه رئيس الجلسة.

ويتعين على كل لجنة أن تعد محضراً تفصيلياً لكل اجتماع تعقده، تُدّون فيه أسماء الأعضاء الذين حضروا الاجتماع أو غابوا عنه ووقائعه، وما اتخذ فيه من قرارات. ويوقع المحضر كل من رئيس الجلسة ومقررها وأمين سرها.

وعليه، فإن وضوح القواعد الناظمة لعمل اللجان النيابية يثير تساؤلات حول جدية الأسباب التي دفعت أعضاء لجنة الصحة والبيئة لتقديم استقالاتهم. فالاختلاف في المواقف بين أعضاء اللجنة من قبول أو رفض لاتفاقية وزارة الصحة مع المستشفيات الخاصة لا يكفي بحد ذاته لتبرير الاستقالات الجماعية، والتي أدت إلى اعتبار اللجنة منحلة حكما بموجب النظام الداخلي.

فإن كانت هناك شبهات بأن القطاع الصحي في طريقه إلى الخصخصة كما يتمسك بذلك بعض أعضاء اللجنة ويعارضه البعض، فإن الهروب من هذا الواقع من خلال الاستقالات الجماعية قد حرم مجلس النواب من أن يتعاطى مع هذه القضية الوطنية بشكل دستوري سليم، وبناء على توصيات واضحة من اللجنة النيابية المختصة.

واليوم، وفي ضوء حل لجنة الصحة والبيئة، تكون الحكومة ممثلة بوزارة الصحة قد نجحت في تمرير مشروعها القائم على أساس التعاقد مع مستشفيات القطاع الخاص لتأمين الموظفين العموميين الذين يحملون بطاقات تأمين صحي من الدرجتين الثانية والثالثة، وذلك بدلا من إيجاد تأمين صحي شامل كما يطالب البعض من أعضاء اللجنة.

وإلى حين انتخاب لجنة صحة وبيئة جديدة واختيار رئيسها ومقررها ومباشرتها العمل على هذا الموضوع تكون الدورة العادية قد شارفت على الانتهاء وبدأت دورة استثنائية تمتاز بأن الصلاحية الرقابية فيها محدودة. وبعدها، يجب أن يعاد انتخاب اللجنة مع بدء الدورة العادية الثانية مطلع تشرين أول القادم، وبين هذه اللجان التي سيعاد تشكيلها أكثر من مرة في وقت قصير، يكون ملف التأمين الصحي لموظفي الحكومة قد أغلق، وبذلك تكون الحكومة قد فازت وخسر النواب.