القادم أعظم

أخبار البلد-

 

لا أستطيع أن أتخيل أننا سنقف مكتوفي الأيدي والنظر لما يحصل ليس فقط حولنا بل في العالم أجمع ،ونحن على عتبة كارثة حقيقة قد تصل حد المجاعة في بعض الدول وحتماً سيتأثر بها كل سكان المعمورة.
فالقضية ليست قضية حرب دائرة في شرق القارة الاوروبية ، بل هذه الحرب قد أفسحت لنا المجال لنتخيل ما قد يصيب العالم اجمع من نقص في الغذاء وارتفاع في كلف الانتاج ومصائب في سلاسل التوريد.

القيمة ستكون للغذاء وليس للمال

ولكي نكون اكثر موضوعية فلا بد من توضيح أسباب هذا القادم الأليم:
١_إن ما يحدث من تغير للمناخ حول العالم هو أول اسباب تخبط إدارة الحكومات للأمن الغذائي المستدام، فارتفاع درجة حرارة الارض والجفاف والقحط والفيضانات والطقس المتقلب والضرر الذي يلحق بالمزروعات نتيجة الانجماد واختلاف كميات الهطول المطري ، فذلك وليس حصراً من التهديدات الجدية لإنتاج المحاصيل الزراعية.
٢_ إن ارتفاع أسعار مصادر الطاقة وعلى رأسها الغاز والفحم وكما هو الحال هذه الأيام سيؤدي الى تفاقم الازمات حيث أن صناعات الاسمدة تعتمد على الغاز بشكل أساسي وقد تضرر هذا القطاع بالفعل نتيجة الارتفاع الحاد في اسعار الغاز والكهرباء وهناك العديد من المصانع التي اغلقت أبوابها وأخرى لجأت الى خفض كميات الانتاج ورفع اسعار منتجاتها الى أرقام قياسية .
ولارتفاع أسعار الطاقة والمحروقات الاثر الأكبر على القطاع الزراعي إذ أن كلفة المحروقات المستخدمة في عملية البذار والري والحصاد تصل الى ١٠% من قيمة المحاصيل ، ناهيك عن ارتفاع اسعار الاسمدة كما ذكرنا والتي ستساهم بشكل أساسي في وصول اسعار المحاصيل الزراعية الى أرقام صعبة.
إن كلف المنتجات الزراعية مرتبط ارتباطاً طرديا بأسعار الطاقة والاسمدة .
ولإرتفاع أسعار الطاقة الأثر الكبير على سلاسل التوريد والخدمات اللوجستية وبالتالي ارتفاع الكلف والذي سيتحمله المواطن بشكله النهائي.
٣-زيادة الاستهلاك العالمي بسبب النمو السكاني .
٤- تغير النمط الغذائي في العالم وخصوصاً في شبه القارة الهندية له كبير الاثر على الامن الغذائي العالمي.
٥- اتخاذ العديد من الدول المنتجة والمصدرة قرارات بوقف التصدير أو تقنين تصدير المحاصيل الزراعية من خلال فرض رسوم تصدير او تحديد كميات وذلك من أجل المحافظة على المخزون الغذائي الآمن .
٦- إن ارتفاع قيمة وكلف الاعلاف نتيجة لما ذكر اعلاه وليس حصرا سيؤدي بشكل مباشر الى ارتفاع اسعار جميع المنتجات الحيوانية ومشتقاتها.
٧- إن الجائحة التي بدأت قبل سنتين ولم تنتهي ليومنا هذا لها كبير الاثر على الزراعة والصناعة والتجارة بسبب قيودها التي ألحقت الأضرار بنا جميعا.
٨- إن توقف روسيا واوكرانيا عن تصدير الحبوب والزيوت النباتية وبسبب الحرب منذ شهر تقريبا تسبب في ارتفاع اسعار الحبوب ٤٠% وارتفاع اسعار الزيوت النباتية خلال شهر بأكثر من ذلك ،
وإذا ما طال أمد الحرب ستواجه العديد من الدول مشاكل كبيرة في تأمين مخزونها من الحبوب والزيوت وحتما سترتفع اسعار المحاصيل الزراعية بطريقة جنونية بسبب توقف اوكرانيا وروسيا عن التصدير .
إن اوكرانيا من بين اكبر خمسة مصدرين للقمح في العالم وهي كذلك تصدر اكثر من ٤٠% من استهلاك العالم لزيت دوار الشمس بالاضافة الى انتاجها من كافة المحاصيل الزراعية، فإذا ما طال أمد الحرب فإن العالم سيكون امام كارثة حقيقية حيث أن موسم البذار لمحاصيل مثل الذرة الصفراء وبذور عباد الشمس قد بدأ للتو وهناك صعوبة في إتمام عملية البذار بسبب الحرب والأحكام العرفية وعدم توفر المحروقات للأليات والمعدات الزراعية وارتفاع سعرها إن توفرت وبسبب عدم توفر الاسمدة الزراعية بالكميات اللازمة لإتمام عملية التحضير والبذار.
كما أن الحرب الدائرة ستزيد من أزمة الغذاء العالمي اذا ما استمرت وطال امدها، حيث أن موسم حصاد حبوب القمح والشعير بات على الأبواب ولا نعلم حجم التحديات التي ستواجه المزارعين وهل سيكون بإمكانهم تجاوز هذه الصعاب وحصاد محاصيلهم وتخزينها أم أن المشهد سيكون سوداوياً ؟
لم ولن أتطرق لدائرة الحرب القائمة ومدى توسعها خارج اوكرانيا لأنها وبكل بساطة كالنار في الهشيم لا تبقي ولا تذر.
٩- تعتمد العديد من الدول وأهمها البرازيل على الاسمدة الروسية ، حيث أن الاتحاد الروسي يتعبر ثاني أكبر منتج للأسمدة في العالم بعد كندا وقد أوقفت الحرب الدائرة ١٥% من كميات الاسمدة المتداولة عالميا. الأمر الذي سيضع البرازيل ودول أخرى امام معضلة رئيسية جديدة لم تكن بالحسبان .

 
اعتمدت الشعوب العربية نمط الاستهلاك دون التوجه إلى الانتاج، فأصبح الرغيف العربي في أيدي الدول الزراعية المصدرة ، وبتنا تحت رحمة تلك الدول وتحت رحمة الصراع والحروب .