مضيق هرمز والحرب الشامله

 
ليس هنالك من جديد بما يدور الان من اتهامات بين ايران وامريكا فخلال الشهرين الماضين كان هنالك حرب اعلاميه شرسة بين الطرفين هددت فيه ايران بإغلاق مضيق هرمز في حال تعرضها لهجوم امريكي او إسرائيلي على منشاتها النووية. والان صعدت ايران الموقف في حالة تعرضها لاية عقوبات اضافيه جديدة بالتهديد بإغلاق مضيق هرمز وهذا يعكس مدى قلقها من هذه العقوبات .
ما تقوم به ايران الان من تهديد باغلاق مضيق هرمز عبارة عن رسائل غاية الاهميه تستهدف الإرادة السياسية الغربية وخاصة أمريكا لاعادة النظر بعدم استصدار اية عقوبات اخرى على مؤسساتها المالية وخاصة البنك المركزي الايرانى ومنعها من تصدير نفطها واستيراد الغازولين التى هى بحاجة اليه.
تقوم الان ايران باستعراض لقواتها البحريه وأسلحتها البحرية المختلفة خاصة الصورايخ متوسطه وبعيدة المدى ولقد ركزت خلال العقد المنصرم على تطوير هذه القوة وقامت بتنظيم وهيكلة هذه القوات لتتناسب مع أهدافها العسكرية الاستراتجيه في الخليج ولدى ايران الخطط للسيطرة على المضيق واغلاقة باقصر وقت ممكن. وبنفس الوقت لابد ان امريكا وحلفائها لديهم ايضا خطط قد وضعت للتعامل مع السيناريوهات المختلفة في منطقة مضيق هرمز.
بالرغم من جميع البدائل المطروحة لمضيق هرمز لتصدير النفط فلا يوجد بديل حقيقي لهذا المضيق ومن هنا لابد من حمايته ويوصف بأنه العنق الرئيسي للعالم وهو الممر الذي يربط اكبر مستودع نفط عالمي حوالي 40% من احتياجات النفط العالمي حيث يتم تصدير 18 مليون برميل يوميا عبر هذا الممر من النفط وهو أكثر الممرات ازدحما في العالم وبمعدل ناقله كل ستة دقائق في وقت الذروة.
البديل لمضيق هرمز هو رحلة 7000 ميل ولمدة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع للوصول إلى اسيا اوروبا وامريكا وبقدرة 4 ملايين برميل يوميا. ومن المفيد ان نذكر هنا ان مضيق هرمز قانونيا وطبقا لقواعد القانون الدولي ليس من حق اى دوله ان تعترض السفن التى تعبره ضمانه لحرية الملاحة في البحار والممرات الدولية وإغلاقه يعتبر بمثابة اعلان حرب.
التهديد الايرانى له أهمية إستراتجية لا لبس فيه السؤال هنا هل تستطيع إيران ان تغلق المضيق وهل هى قادرة بالفعل على تنفيذ ذلك موقع إيران الجغرافي المثالي واحتلالها للجزر الثلاث طنب الكبرى والصغرى وابو موسى يعطيها القدره على تنفيذ مجموعة من الخيارات والهجمات لتتحكم بشدة مستوى خطر الملاحه في الممر دون ان تخوض حرب شامله وهى ورقة مساومه قويه لديها فهى تستطيع ان تقوم بعمليات اعاقة واستفزاز لمعظم ناقلات النفط العملاقة والسفن المختلفة. ولديها قدرة كبيرة في حرب الألغام الذكية والألغام الطائفه التي تحتاج الى عملية تنظيف طويله يترتب عليها تاخير الملاحه في الخليج والمضيق كما لديها قوة محترفه في حرب العصابات البحريه التى تعتمد على قوارب صغيره محمله بالصورايخ المختلفه ضد السفن الحربيه الكبيره من مدمرات فرقاطات وحاملات طائرات والسفن التجارية من اجل اعاقتها أو تدميرها .

ايران تدرك الخطرالذى يهددها من قبل امريكا وتتخذ عادة الخطوات الضرورية لتجنب اى هجوم امريكى ولذلك نراها تهدد اكثر من مره باغلاق المضيق وهى تقول الهجوم على ايران سيعادل نفط الخليج كاملا واذا لم نتمكن من تصدير نفطنا فلن نسمح لاحد من تصدير نفطه.
احد السيناريوهات المحتملة انه في حالة تضيق الخناق على ايران بعقوبات اضافيه ستقوم بتجاهل هذا وتبدأ بعمليات تاخير واعاقة بعض السفن والناقلات المختلفه من خلال الهجمات الاستفزازية وعمليات اعاقة دون تصعيد مما يربك سوق النفط العالمي ويبدأ تاثيره فى زيادة رسوم التامين على السفن وزيادة اسعار النفط للتجاوز 200 دولار للبرميل الواحد والتى سوف تتأثر به خاصه دول اسيا وكل من أوروبا وأمريكا المعتمدة حياتها وصناعاتها على استمرار تدفق هذا النفط وحتى الدول الخليجية سوف تتأثر صادراتها واستيرادها من العالم .
أمريكا وأوربا تعرف خياراتها جيدا وتدرك مدى تأثير عملية العقوبات والحصار فايران كانت تقوم بتصريف نفطها بطريقه او اخرى من عمليات التهريب مما سيؤدى الى فشل الحصار اما بالنسبة للخيار العسكري الحرب فهي غير مناسبة حاليا" لأوضاع المنطقة والاقتصاد العالمي بشكل عام والعواقب الكارثيه التى سوف تترتب على مثل هذه الحرب الاقرب لمثل هذه الحاله الحرب العراقيه الايرانيه عندما هاجم كل جانب الملاحه في الخليج في محاولة لقطع صادرات النفط.
ان تامين المضيق ومنع ايران من اغلاقة هو احد الاهداف الاستراتجية الامريكيه وعليه اذا تم اختيار الخيار العسكري لفتح المضيق ستركز البحرية الامريكيه على تدمير البحرييه الايرانيه ودفاعاتها الساحلية وستقوم ايران بالرد على الهجوم الامريكى بالمثل وسوف يتكبد الجانبيان خسائر فادحة فكلاهما يحضران لمثل هذا السيناريو ولفترة طويلة من الزمن. من المحتمل ان تستمر هذه الاشتباكات المحدوده دون تطويرها لمدة اسبوعين لحين احتمالية تدخل طرف ثالث لاحتواء الازمه يرضى الطرفين من خلال بعض الاتفاقيات الجانبيه . موقف روسيا والصين التى تعارض اية عقوبات اضافيه على ايران سيكون ضعيفا" من خلال الضغوط الدوليه عليهما واقناعهم بأن هذه المنطقه تحتاج ان تكون امنه .
امريكا واوروبا ستكون حذره جدا" في اختيار القرار الافضل لها وليس لدول المنطقه من المحتمل ان تخرج الازمه عن السيطرة خلال هذه الاشتباكات المحدوده لحرب شامله من نوعية اخرى حيث لم نشاهدها من قبل ومن الصعب التكهن كيف ستنتهى. لكن حاليا لا اعتقد ان امريكا راغبة في الاستمرار في هذه الازمه لانها ستسبب كارثه اقتصاديه اجتماعية عالمية شبيهة بازمة الكساد العظيم.

مامون ابونوار
الكاتب لواء طيار متقاعد