المسيرة تمضي إلى الأمام

أخبار البلد-

 
في الإطار التشريعي يناقش مجلس الأعيان القوانين المحالة إليه من مجلس النواب بعد إقرارها، ولمجلس الأعيان الحق في إجراء التعديلات التي يراها مناسبة، وإعادتها إلى مجلس النواب، وفي حال رفضها من جانب مجلس النواب، تُعقد جلسة مشتركة لمجلس الأمة برئاسة رئيس مجلس الأعيان، ويتم التصويت على القانون موضع الخلاف بأغلبية الثلثين، تماما مثلما هو حاصل بالنسبة لقانون الأحزاب السياسية الجديد الذي أجرى المجلس تعديلات على المواد 10 و31 و40 منه.
نقاط الخلاف في الرأي حول نسبة الشباب والمرأة في الحزب المرخص، لتكون عشرين بالمائة بدلا من عشرة كحد أدنى، أو اشتراط حضور الأغلبية بدلا من ثلث الأعضاء المؤسسين عند انعقاد المؤتمر التأسيسي، أو حول مهلة توفيق أوضاع الأحزاب القائمة حاليا، كلها نقاط ليست جوهرية، ويمكن تسويتها بين المجلسين بيسر وسهولة.
المهم هو أن مسيرة إقرار القوانين الناجمة عن الإرادة السياسية العليا تمضي إلى الأمام منذ أن أوعز جلالة الملك بتشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، مرورا بإقرار التعديلات الدستورية، ذات العلاقة بتلك العملية، وبقانون الأحزاب الذي يقترب من مرحلة الإقرار، وصولا إلى قانون الانتخاب الذي تعكف عليه حاليا اللجنة القانونية النيابية برئاسة البرلماني والقانوني المخضرم المحامي عبدالمنعم العودات.
في الأثناء تواصل الأحزاب القائمة مشاوراتها حول كيفية تسوية أوضاعها، فيما تواصل الأحزاب الناشئة اتصالاتها مع الهيئات الوطنية في مختلف محافظات المملكة، من أجل كسر الحواجز التي كانت تحول بينهم وبين الأحزاب، نتيجة التجارب المريرة أو الفاشلة على مدى فترة طويلة من الزمن، ومن أجل حثهم على الانضمام للعمل السياسي بانخراطهم في أحزاب وطنية برامجية، تعبر إلى مساحة صنع القرار من خلال الانتخابات البرلمانية، سواء على مستوى السلطة التشريعية أو التنفيذية، عندما يتسنى للأغلبية النيابية تشكيل الحكومة أو المشاركة فيها.
خلال الأشهر القليلة الماضية، شهدت الساحة الوطنية نقاشات وحوارات حول هذه المرحلة الجديدة من مراحل التطور السياسي للأردن، الذي يريد أن يدخل إلى مئوية جديدة من مسيرته وهو أكثر قوة وثباتا في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية عن طريق توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، وتطوير آليات ديمقراطية تناسب طبيعته السياسية والاجتماعية، تكون منطلقا لإصلاح وتحديث منظومات أخرى، وخاصة المنظومتين الاقتصادية والإدارية.
من الطبيعي أن يشوب تلك الحوارات الكثير من الظنون، وإن كان «بعض الظن إثم» وأن تنبري بعض الجهات للتشكيك في تلك العملية المتكاملة العناصر، والمراهنة على فشلها قبل أن تضع خطوتها الأولى على الطريق، فذلك هو حال كل المجتمعات عندما يحدث التغيير، أما بالنسبة للمؤمنين بحتمية التغيير والتطوير والتحديث والتحرر من قيود الماضي فإنهم في الحقيقة يملكون من الأسباب ما يكفي لكي تمضي هذه المسيرة إلى الأمام!