محمد.. بين دراسة متقطعة ومهنة شاقة

أخبار البلد  75 الف  طفلاً في الأردن، أو ما نسبته 1.9% من مجموع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و17 سنة، منخرطون في سوق ‏العمل، سواء بأجر أو من دونه، بحسب المسح الوطني لعمل الأطفال، الصادر في العام 2016. ويقدر أن نحو 70,000 من ‏هؤلاء ينطبق عليهم وصف عمالة أطفال، أي إنهم "يشاركون في أعمال غير صالحة لصفتهم كأطفال" أو "قد تضر بصحتهم أو ‏تعليمهم أو التنمية الأخلاقية". الغالبية العظمى من هؤلاء من الذكور، ينشطون في قطاعات الزراعة والصناعة والبناء وتجارة ‏الجملة والتجزئة.‏

‎ ‎
ورغم أن الأردن صادق على أغلب الاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بمكافحة عمالة الأطفال، إلا أن من شبه المؤكد ارتفاع ‏حجم الظاهرة نتيجة التداعيات الاقتصادية لتفشي وباء كورونا "كوفيد-19"، والتي عمقت الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد ‏أصلاً منذ سنوات، وفاقمتها الاضطرابات الإقليمية، بما في ذلك تدفق مئات آلاف اللاجئين السوريين. وكان بيت العمال، وهو ‏منظمة أردنية غير حكومية، توقع في حزيران/يونيو 2021 ارتفاع "عدد الأطفال العاملين في المملكة بنسبة 25% عما كانت ‏عليه" في مسح العام 2016، أو ما مجموعه 100 ألف طفل.‏
أيضاً، فيما يحظر قانون العمل الأردني تشغيل من "لم يكمل الثامنة عشرة من عمره في الأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة ‏بالصحة"، قدر مسح العام 2016 اشتغال 32% من الأطفال العاملين، أو ما مجموعه قرابة 45,000 طفلاً، في أعمال خطرة، ‏كما هو حال الطفل محمد من مدينة الزرقاء. ‏
محمد البالغ من العمر حالياً 17 سنة، والمنتمي لعائلة مكونة من ثمانية أولاد إضافة إلى الوالدين، كان قد تنقل بين أكثر من عمل، ‏من بينها ورش الدهان وأكشاك بيع القهوة، إلى أن انتهى به المطاف، قبل قرابة سنة، في ورشة لتصليح السيارات.‏
‎ ‎
وهو إذ قد يبدو أوفر حظاً من كثير من أقرانه من الأطفال العاملين، كونه ما يزال يرتاد المدرسة. لكن ذلك يعني في الواقع تقسيم ‏محمد أيامه بين أسبوع يخصصه للذهاب للمدرسة المهنية القريبة من منزله، وأسبوع آخر للعمل في الورشة الواقعة في العاصمة ‏عمان، والتي يستغرق الوصول إليها باستخدام المواصلات العامة ما بين ساعة وساعة ونصف الساعة. كذلك، فيما تشكل ‏المدرسة فرصة للقاء أصدقاء، وينتهي دوامه فيها قرابة الساعة الثانية عشرة ظهراً، فإن عمل هذا الطفل في الورشة ينتهي حوالي ‏الساعة السابعة مساء، بعد يوم عمل يقترب من عشر ساعات، يبدأ في التاسعة والنصف صباحاً على الأكثر، مع استراحة غداء ‏في كفتيريا قريبة من المكان. ‏
‏"بس أروّح من الشغل بروّح كثير تعبان... ما بكون إلي نفس أحكي مع حدا... بس بقعد شوي وبفوت برتاح... على التسعة، ‏على العشرة بكون نايم"، يقول أحمد الذي تظهر على يديه ووجهه في الورشة آثار عمله اليومي الطويل، وما يتضمنه من تعرض ‏للزيوت والعوادم، إضافة إلى الضجيج.‏
‎ ‎
محمد يؤكد أن الدراسة قد أفادته كثيراً في عمله في مجال الميكانيك. مع ذلك، فإن إمكانية متابعة دراسته عقب المرحلة المدرسية لا ‏تبدو مسألة محسومة، كون ذلك قد يتعارض مع عمله، كما يرى. "إذا كملت دراسة رح أضلّ دراسة... ما رح أرجع أشتغل لأنه ‏رح يصير صعب عليّ".‏
هذا العمل من انتاج شركة ويش بوكس ميديا بدعم من برنامج قريب وهو برنامج إقليمي تنفذه الوكالة الفرنسية للتنمية الإعلامية ‏‏(‏CFI‏)، وتموله الوكالة الفرنسية للتنمية (‏AFD‏).‏