هل تشهد برامج الترفيه المصرية مضاربات حول الفنانين

اخبار البلد - بررت نقابة المهن التمثيلية في مصر قرار منع ظهور الفنانين في البرامج التي تستضيفهم دون حصولهم على عائد مالي بأنه يأتي بعد الأزمات التي تم وضع الفنانين فيها خلال الفترة الماضية مع مصلحة الضرائب المصرية، فيما قال أشرف زكي نقيب الممثلين "إن قرار منع الفنانين من الذهاب إلى البرامج التي لا تدفع مقابلا ماديا يأتي في مصلحتهم حتى لا يصطدموا مع ضرائب القيمة المضافة لأنها تفرض عليهم مالا نتيجة الظهور الإعلامي لكنهم لا يحصلون عليه فعليا”.

وتبرر مصلحة الضرائب المصرية حصولها على ضرائب من الفنانين نظير الظهور الإعلامي، بأنهم يخرجون على القنوات لتلميع أنفسهم والترويج لأعمالهم الفنية وهذا في حدّ ذاته ينطوي على مكسب شخصي لهم، ومن الضروري أن يدفعوا ما عليهم من مستحقات للدولة سواء حصلوا على مال مقابل ذلك من الإعلام أو لم يحصلوا وخرجوا في البرامج بلا عائد مادي.

وبدأ بعض الفنانين تطبيق القرار وأعلنوا عدم ظهورهم إعلاميا دون الحصول على راتب، بينهم آيتن عامر التي بادرت بالحديث عن الأزمة عندما كتبت على صفحتها الخاصة على فيسبوك معتذرة عن عدم موافقتها على الظهور في أي برنامج تلفزيوني قبل الحصول على مقابل مادي بسبب القيود التي تفرضها مصلحة الضرائب، وخرج زملاء لها لتبني نفس الموقف، مثل نجلاء بدر ونشوى مصطفى.

وجاء قرار النقابة في وقت حرج، حيث موسم مسلسلات رمضان على الأبواب، ورواج البرامج الترفيهية والاجتماعية، وحتى البرامج الحوارية (التوك شو) تسعى إلى استقطاب أكبر عدد ممكن من النجوم للحديث عن أعمالهم الفنية والحصول على سبق إعلامي باستضافة كبار النجوم بشكل يعزز جماهيرية هذه البرامج في رمضان، وتجني من ورائها عوائد إعلانية.

أصبحت الكثير من المحطات في ورطة حقيقية إذ كان يقوم العديد من الفنانين بالظهور الإعلامي دون الحصول على مقابل مادي لعلاقات صداقة مع المذيعين أو معدّي البرامج الفنية، أو لأن القناة نفسها تقوم ببث العمل الفني حصريا على شاشاتها ليظهر عليها أبطال المسلسل وهم يتحدثون عن الكواليس، ما يحقق لبرامجها معدلات مشاهدة عالية.

ولأن هناك نسبة كبيرة من مقدمي البرامج الاجتماعية والفنية والترفيهية من فئة الممثلين ولديهم قاعدة علاقات في الوسط الفني فكانوا يستعينون بنجوم من الصف الأول والثاني للظهور معهم في برامجهم من باب المنفعة المتبادلة، فالمذيع يحقق مراده بخروج فنان كبير معه، والثاني يروّج لأعماله دون الحصول على مال.

ونادرا ما تخصص البرامج ميزانية مالية للضيوف الذين يظهرون عليها إلا لكبار النجوم، جراء الشح المالي الذي تعاني منه القنوات، ما يمهد لأزمة حقيقية مرتبطة أيضا بالإدلاء بتصريحات تلفزيونية أو صحافية مرتبطة بالشق الفني والترفيهي، لأن كل فنان سيكون مطالبا بالحصول على أكبر عائد مادي كي لا تحاسبه مصلحة الضرائب بنسبة تضاعف ما تحصل عليه.

قال المنتصر بالله حمدي، وهو صحافي فني ومعد برامج اجتماعية لـ”العرب”، إن "المعضلة الأكبر تتعلق باللقاءات الحوارية التي تجريها الصحف والمجلات مع الفنانين بشكل دوري، فإذا طبق عليها قرار نقابة الممثلين، فهذا يعني تأثر الكثير من الإصدارات الصحافية والإلكترونية عبر أبوابها الفنية لعدم قدرتها على دفع المقابل المادي للنجم، ومن ثم تخسر قاعدة جماهيرية كبيرة”.

صحيح أن هناك مالا تدفعه بعض البرامج لضيوف من الفنانين، لكنها تختلف حسب طبيعة المنبر الإعلامي نفسه، فالبرنامج القائم على الألعاب والمسابقات يدفع أكثر من نظيره الحواري أو الترفيهي والاجتماعي العادي، كما يختلف الأمر حسب سياسة البرنامج نفسه، إن كان مسجلا أو يبث على الهواء ويعدّ طول الفقرة من عوامل تحديد القيمة المالية.

Thumbnail
تظل برامج المقالب الأبرز في رصد ميزانية ضخمة لضيوفها من الفنانين والنجوم، وأبرزهم برنامج رامز جلال الذي يعرض سنويا على قناة "أم.بي.سي مصر”، لكنه في المقابل يضم فقرات إعلانية تسمح للمحطة بتحقيق عوائد مالية تغطي تكلفة الإنفاق.

ترتبط الإشكالية بأن العديد من القنوات حددت خارطة البرامج في الفترة الأخيرة واعتمدت بشكل أكبر على الفنية والاجتماعية والترفيهية منها، وخفضت عدد السياسية والاقتصادية، لأن الجمهور نفسه يملّ من القضايا المرتبطة بالسياسة، وصارت القنوات تسعى إلى استقطاب شريحة يستهويها الترفيه وجمهور شبكات التواصل عموما.

ويواجه العديد من معدّي البرامج تحديات مضاعفة لإقناع النجوم بالظهور في برامجهم، لأن الفنانين بمختلف فئاتهم وجماهيريتهم يطلبون الحصول على مال، وأزمة أيّ برنامج أنه سيكون مطالبا بتخصيص ميزانية يتحرك من خلالها فريق الإعداد ولن يستطيع الخروج عنها، وهنا تأتي أزمة البرامج التي تشتري الهواء من القناة نظير مقابل مادي محدد سلفا.

تقوم فكرة هذه النوعية من البرامج على قيام نجم أو مذيع بعينه بشراء وقت محدد من القناة لعمل برنامج فني أو ترفيهي ليتولى وحده مسؤولية الإنفاق عليه وتحديد الضيوف وجلب الإعلانات، ويعتمد مقدم البرنامج على قاعدة علاقاته الشخصية وقوة فريق الإعداد لاستضافة النجوم، ويعني تعميم العائد المادي على كل الضيوف وقف هذه البرامج.

وتوقع حسن علي الخبير الإعلامي ورئيس جمعية حماية المشاهد المصري أن يتسبب القرار في زيادة الاستقطاب بين القنوات على استضافة النجوم، لتكون هناك مضاربات حول المقابل المالي الذي يتحصل عليه كل منهم، لأن هناك محطات لديها مقدرة مالية عالية وأخرى تعاني من أزمة مالية طاحنة دفعتها إلى التقشف وتسريح العديد من موظفيها.

وقال لـ”العرب” إن "المضاربات التي ستحدث بين القنوات لن تكون في صالح الجمهور، لأنه سيجد ما يرغب فيه عبر منابر إعلامية محددة مقابل ضعف أخرى ماديا ومن هنا ستكون المنافسة قائمة على القدرة المالية وليس جودة البرنامج، فتحل المهنية والموضوعية في مرتبة لاحقة، الأمر الذي يتعارض مع الأعراف الإعلامية، ما يتطلب رقابة على أوجه الإنفاق لتحقيق منافسة نزيهة بين القنوات”.

وثمة إشكالية أخرى مرتبطة بأن الكثير من المعلنين هجروا الإعلام التقليدي وذهبوا خلف الجمهور من خلال منصات التواصل والتطبيقات الاجتماعية التي نجحت في استقطاب شرائح كبيرة أمام تراجع المصداقية والمهنية الإعلامية، أيّ أن العديد من القنوات والبرامج الترفيهية وإن تحملت رواتب الضيوف ستعاني من أزمة جلب إعلانات تغطي تكلفة النفقات الباهظة مستقبلا.