إسرائيل وغاز المتوسط: صحوة لأردوغان أم شراء للوقت
أخبار البلد - يجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه في وضع صعب من خلال استقباله للرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتزوغ الأربعاء، فهو يحتاج إلى الوضوح وتفسير ما يجري من تغيير في العلاقة مع إسرائيل وما إذا كانت هناك صحوة فعلية من أردوغان وتراجع عن مرحلة الشعارات التي وتّرت العلاقة بينهما، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون سوى طريقة لشراء الوقت.
وسعى الرئيس التركي خلال الأسابيع الماضية إلى التذكير باستمرار بأهمية زيارة هرتزوغ واعتبارها "تطورا إيجابيا”. ولم يخف حماسه للتقارب مع إسرائيل حتى أنه بادر إلى الاحتفاء بذكرى الهولوكوست. لكن مراقبين أتراكا يقولون إن أردوغان لا يمكن فهمه، فيمكن أن يغير رأيه في أيّ لحظة خاصة إذا لم تقد الزيارة إلى نتائج ذات قيمة.
ويشير المراقبون إلى أن أردوغان يريد أن يحصل من الزيارة على اعتراف إسرائيلي برغبته في أن يحوّل تركيا إلى معبر لغاز شرق المتوسط نحو أوروبا، متسائلين عن المقابل الذي يمكن أن يقدمه الرئيس التركي لإقناع إسرائيل بهذه الخطوة الحيوية بالنسبة إليه.
واستبعد هؤلاء المراقبون أن يقدم الرئيس التركي على خطوة ذات بعد سياسي تمسّ من مصداقية شعاراته القديمة، سواء ما تعلق بدعم صريح للسلام مع إسرائيل أو إصدار موقف ضد الحركات التي تصنفها تل أبيب إرهابية مثل حماس والجهاد أو حزب الله اللبناني، وهي مواقف إن صدرت بشكل واضح ستقود إلى بناء الثقة مع القيادة الإسرائيلية وقد تمهد لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى أنقرة، أو زيارة أردوغان نفسه لتل أبيب.
وقابل الرئيس الإسرائيلي تفاؤل نظيره التركي بشيء من الاحتراز حين قال للصحافيين في مطار بن غوريون متوجها إلى أنقرة "لن نتفق على كل شيء ومن المؤكد أن العلاقة بين إسرائيل وتركيا شهدت تقلبات ولحظات ليست هينة في السنوات الأخيرة”.ولفت هؤلاء إلى أن أردوغان دأب خلال تقاربه الأخير مع دول خليجية أو مع مصر على الفصل بين التعاون الاقتصادي وما سواه، ولم يعلن عن أيّ مواقف تفيد بأنه راجع الأخطاء القاتلة التي قادت إلى عزلة تركيا وخسارة فرص كبيرة للاستثمار، معتبرين أنه سيحاول أن يسلك نفس الأسلوب مع إسرائيل، وهو لأجل هذا يضع الأولوية في حديثه لموضوع الغاز.
وقال أردوغان إنه يعتقد أن زيارة هرتزوغ ستكون نقطة تحول في العلاقات بين البلدين والتي شابها التوتر لفترة طويلة، وإن أنقرة مستعدة للتعاون مع إسرائيل في قطاع الطاقة. وأضاف أن الزيارة ستؤذن "بحقبة جديدة”، وأن البلدين يمكن أن يعملا معا لنقل الغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى أوروبا إحياء لفكرة طرحت في البداية منذ أكثر من 20 عاما.
ويريد الأتراك استثمار الأزمة في أوكرانيا والجدل بشأن أهمية الغاز الروسي لأوروبا والخسائر التي ستحصل فيما لو تم وقفه من أجل إعطاء دفع لفكرة بناء أنبوب جديد لنقل غاز شرق المتوسط عبر تركيا
وقال مسؤول تركي بارز إن التدخل الروسي في أوكرانيا أظهر أن هناك حاجة إلى خطوات ملموسة لتنويع مصادر الطاقة في السوق. وتابع قائلا "من الحيوي للغاية نقل موارد الغاز الإسرائيلي إلى تركيا ومن هناك إلى الأسواق الأوروبية… تركيا مستعدة لاتخاذ الخطوات الضرورية ولعب دورها في هذا الشأن”.
وترك الرئيس التركي حصة بسيطة لموضوع القضية الفلسطينية، وأشار إليها بالعموميات عن حل الدولتين والمكانة التاريخية للقدس، متخليا عن نهج سابق في توجيه الانتقادات العلنية للسياسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.
وقبل أن يصدر الرئيس التركي أيّ تصريح يفهم منه تقارب مع إسرائيل بشأن الملف الفلسطيني، فتحت حركتا حماس والجهاد النار على استقباله للرئيس الإسرائيلي، حيث اعتبرته الجهاد "انحيازا للعدو في مواجهة جهاد الشعب الفلسطيني”، فيما قالت حماس إنها تشعر بقلق من نتائج الزيارة وإنها تجدد "التّأكيد على موقفنا المبدئي برفض أشكال التواصل كافة مع عدوّنا”.
وأفاد أردوغان "كلي ثقة أن الزيارة التاريخية للرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتزوغ ستكون نقطة تحول جديدة في العلاقات بين بلدينا”.
وأضاف أن الهدف المشترك لتركيا وإسرائيل هو إعادة إحياء الحوار السياسي بين البلدين على أساس المصالح المشتركة ومراعاة الحساسيات المتبادلة. وتابع "إحلال السلام والرفاهية والمساهمة في إعادة إحياء ثقافة العيش المشترك بالمنطقة هو أمر بأيدينا”.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين في ديوان الرئيس الإسرائيلي قولهم إنهم ينظرون إلى هذه الزيارة كخطوة رمزية فقط، وإنه قبل وصول هرتزوغ إلى أنقرة لم يتم الاتفاق على مبادرات نية حسنة تركية أو خطوات فعلية من جانب تركيا من أجل تحسين مستوى العلاقات مع إسرائيل.
ودخلت العلاقات التركية مع إسرائيل في حالة من الجمود الشديد بعد مقتل 10 مدنيين في غارة إسرائيلية على أسطول بحري تركي يُدعى مافي مرمرة كان متجها إلى قطاع غزة المحاصر في عام 2010. وتسبب الحدث في أزمة غير مسبوقة في العلاقات التركية – الإسرائيلية، مما أدى إلى استدعاء كلا البلدين سفرائهما.