الرقمنة والاقتصاد الرقمي.. أين وصلنا؟

اخبار البلد -
 

في عصر التكنولوجيا المتسارعة، يتقدم العالم في كافة الاتجاهات لحظياً، فالتسارع في هذا القطاع يشهد تنافساً بين الدول والشركات الكبرى على حدٍ سواء، فبينما تتسابق الدول لمواكبة تطورات التكنولوجيا لتعزيز قدراتها الفنية وخدماتها للأفراد والمؤسسات، تعمل شركات تكنولوجيا المعلومات الكبرى لتقديم حلول رقمية متطورة لخدمة البشرية.

الرقمنة والاقتصاد الرقمي في مسيرة تطور الدول أصبحت معيار تقدم يعتمد عليه لتقييم هذه وتلك من الدول على المستوى العالمي، حيث أصبحت التنافسية بين الدول تقوم على ما تقدمه من خدمات وتطوير لبنيتها التحتية الرقمية؛ فمعيار استخدام الإنترنت ومدى سرعته بالتزامن مع جيل 5G، ومدى استخدام المواطنين للمدفوعات الإلكترونية، وحجم الخدمات الإلكترونية التي تقدمها الحكومات للسكان من خلال مشاريع الحكومة الإلكترونية؛ ومدى تجاوبها مع مؤشرات الأمم المتحدة، ومدى جودة وتقدم تلك الخدمات على المستوى العالمي، ومدى قوة التجارة الإلكترونية في البلد.

وكذلك معيار جاهزية البلد للتعليم الإلكتروني من حيث البنية التحتية وجاهزية البرامج التعليمية، واستخدام التطبيقات الإلكترونية، وتفاعل السكان على وسائل التواصل الاجتماعي، ومدى الاهتمام بالألعاب والرياضات الإلكترونية، وقوة وسائل الإعلام على الشبكة العنكبوتية، ومدى التقدم في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات... وهذه المعايير جميعها وغيرها يعتمد عليها لتقييم مدى تقدم الدول في مجال الرقمنة والاقتصاد الرقمي.

التطور في استخدام الرقمنة وتكنولوجيا المعلومات في أي دولة هو معيار لمدى تطور ومواكبة تلك الدولة لما يجري في هذا المجال عالمياً، والدول تتنافس في ذلك من أجل الارتقاء بشعوبها، ومن أجل تعزيز مكانتها العالمية في هذا المجال الحيوي، وقد تكون مؤشرات نمو التجارة الإلكترونية، والحاجة للتعليم عن بُعد، ومستوى الخدمات الإلكترونية الحكومية، من أكثر المؤشرات التي ظهرت خلال جائحة كورونا؛ والتي تدل على مدى جاهزية الدول ومواكبتها للرقمنة في مسيرتها التنموية والاقتصادية.

على مستوى الأردن يمكننا القول أننا لم نكن جاهزين بالمستوى المطلوب في هذه المجالات كما ينبغي؛ رغم التطور الكبير الذي يشهده قطاع تكنولوجيا المعلومات الأردني على مستوى المنطقة والعالم، فالحكومات المتعاقبة وضعت الخطط والبرامج للتوسع في خدماتها الإلكترونية المقدمة للمواطنين، ولكنها كانت بطيئة في التنفيذ على أرض الواقع، وقد تكون الأسباب الرئيسية لذلك هي عدم وجود مؤسسية في العمل، ومرجعية موحدة لتنظيم وتنسيق الجهود المبذولة في هذا الاتجاه؛ رغم وجود وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة!

الرقمنة والاقتصاد الرقمي أصبحتا لغة العالم الأولى، ومن لم يتابعهما بشكل حثيث ويومي سيفوته القطار، وعلى حكوماتنا أن تكون جادة وعملية وواضحة في خططها وبرامجها لتعزيز الرقمنة في حياتنا اليومية؛ وذلك لما لها من آثار اقتصادية كبيرة على الفرد والمجتمع والحكومات، وحركة التجارة والمال والأعمال والصناعة والخدمات وتوفر الفرص الوظيفية ستشهد نمواً مستمراً إذا ما أحسنا استثمار الاقتصاد الرقمي لخدمة وطننا ومواطننا، فالعالم يتقدم بسرعة كبيرة في هذا المجال، ولا ينقصنا شيء حتى نتقدمه!