اليوم الأخير .. اليوم الأول!
اليوم (أمس بلغة الجريدة!) هو آخر يوم في سنة 2011، وغدا (اليوم) هو اليوم الأول في عام 2012، في الحالة الاعتيادية تكون مشاعري تحديدا محايدة، فلا حزن بوداع عام ولا فرح باستقبال آخر، فقد تساوت الأعوام الخالية بهزائمها ومراراتها وانكساراتها، رغم بقع الضوء المشعة الخافتة هنا وهناك..
العام الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة تحديدا كان عاما مختلفا بكل المقاييس؛ بعضهم سماه عام الثورات أو الربيع العربي، وآخرون رأوه عاما أسود لأنهم تضرروا منه، وأعلن نهاية دكتاتورياتهم، بالنسبة لي ولملايين من أبناء جيلي، نكاد لا نصدق أننا عشنا حتى نشهد هذا العام..
بشيء من التفصيل؛ تفتحت عيناي على هزيمة حرب الأيام أو الساعات الست، كنت أرتدي سروالا قصيرا حينما هِمْتُ وأسرتي ومئات من الناس على وجوهنا في البراري هربا من جنود اليهود، الذين جاءونا من الشرق، وهم يحتلون الضفة الغربية (صار اسمها فيما بعد في قاموسهم يهودا والسامرة!) وعشنا من بعد أيام الاحتلال بكل تفاصيلها، لتأتي فتنة أيلول بكل مراراتها وجراحاتها، ثم تعقبها حرب رمضان لتعيد شيئا يسيرا من كرامة وكبرياء العرب، غير أنها لم تحرر أرضا بالمعنى الحرفي، بل حملت في أحشائها أكثر الكوارث القومية دمارا في تاريخ العرب: السادات في الكنيست ومن ثم اتفاق «السلام» الأسود، وما أعقبها من «سلامات» لم تحمل في أحشائها إلا الموات والاستسلام والهزيمة، ثم تتالت الكوارث القومية: حرب 1982 وحروب أخرى صغيرة وكبيرة، واحتلالات وهزائم وانكسارات، لم تزل حية في الذاكرة الجمعية العربية، مرورا بانتفاضات واحتراب داخلي فلسطيني، لم تثمر إلا مزيدا من الضياع والتيه الفلسطيني والعربي، إلى أن قرر رجل محبط أن يحرق نفسه في بلدة لم نسمع بها أو به قبل في تونس، ولتهب من بعد نسائم الحرية والربيع، بحبوب لقاحه الثورية، وإزهاره المدهش، مع ما شاب هذا الربيع من عواصف ودماء وأمطار غاضبة، ولكن.. في مجمل الصورة، كان هذا العام الأكثر بهاء وإشعاعا وكبرياء في تاريخ العرب المعاصر.. كان عاما ولا كل الأعوام، حين بدأ زلزال الحرية يضرب بعيدا في جذور الدكتاتوريات ليحيل بعضها إلى ركام، فيما تسبب بتشققات ودمار لدكتاتوريات أخرى تنتظر حتفها!
عام 2011 كان عام مولد نهضة العرب، وصحوتهم، من موت سريري خلنا معه أن الأمة على حواف الموت المحقق، وإذ بهذه الشعوب التي طاب للكثيرين تشبيهها بالنعاج، تنتفض على سكين الذبح، ويتحول ضعفها إلى عاصفة تطيح بأنظمة خلنا أنها مخلدة!
بين اليوم الأخير.. واليوم الأول، تنمو براعم وأغصان، وآمال، ستتحول إلى واقع نعيشه بكل أفراحه تاركين وراءنا عشرات السنين من الإحباط والهزائم، فنحن اليوم نعيش أياما مباركة، رغم تشاؤم المتشائمين، وتخاذل المرجفين، وجهود المتآمرين على الثورة، أملا في إجهاضها، وما هم ببالغي أمانيهم، فقد انطلق القطار، ولن يتوقف إلا في القدس الشريف، بعز عزيز أو بذل ذليل!
العام الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة تحديدا كان عاما مختلفا بكل المقاييس؛ بعضهم سماه عام الثورات أو الربيع العربي، وآخرون رأوه عاما أسود لأنهم تضرروا منه، وأعلن نهاية دكتاتورياتهم، بالنسبة لي ولملايين من أبناء جيلي، نكاد لا نصدق أننا عشنا حتى نشهد هذا العام..
بشيء من التفصيل؛ تفتحت عيناي على هزيمة حرب الأيام أو الساعات الست، كنت أرتدي سروالا قصيرا حينما هِمْتُ وأسرتي ومئات من الناس على وجوهنا في البراري هربا من جنود اليهود، الذين جاءونا من الشرق، وهم يحتلون الضفة الغربية (صار اسمها فيما بعد في قاموسهم يهودا والسامرة!) وعشنا من بعد أيام الاحتلال بكل تفاصيلها، لتأتي فتنة أيلول بكل مراراتها وجراحاتها، ثم تعقبها حرب رمضان لتعيد شيئا يسيرا من كرامة وكبرياء العرب، غير أنها لم تحرر أرضا بالمعنى الحرفي، بل حملت في أحشائها أكثر الكوارث القومية دمارا في تاريخ العرب: السادات في الكنيست ومن ثم اتفاق «السلام» الأسود، وما أعقبها من «سلامات» لم تحمل في أحشائها إلا الموات والاستسلام والهزيمة، ثم تتالت الكوارث القومية: حرب 1982 وحروب أخرى صغيرة وكبيرة، واحتلالات وهزائم وانكسارات، لم تزل حية في الذاكرة الجمعية العربية، مرورا بانتفاضات واحتراب داخلي فلسطيني، لم تثمر إلا مزيدا من الضياع والتيه الفلسطيني والعربي، إلى أن قرر رجل محبط أن يحرق نفسه في بلدة لم نسمع بها أو به قبل في تونس، ولتهب من بعد نسائم الحرية والربيع، بحبوب لقاحه الثورية، وإزهاره المدهش، مع ما شاب هذا الربيع من عواصف ودماء وأمطار غاضبة، ولكن.. في مجمل الصورة، كان هذا العام الأكثر بهاء وإشعاعا وكبرياء في تاريخ العرب المعاصر.. كان عاما ولا كل الأعوام، حين بدأ زلزال الحرية يضرب بعيدا في جذور الدكتاتوريات ليحيل بعضها إلى ركام، فيما تسبب بتشققات ودمار لدكتاتوريات أخرى تنتظر حتفها!
عام 2011 كان عام مولد نهضة العرب، وصحوتهم، من موت سريري خلنا معه أن الأمة على حواف الموت المحقق، وإذ بهذه الشعوب التي طاب للكثيرين تشبيهها بالنعاج، تنتفض على سكين الذبح، ويتحول ضعفها إلى عاصفة تطيح بأنظمة خلنا أنها مخلدة!
بين اليوم الأخير.. واليوم الأول، تنمو براعم وأغصان، وآمال، ستتحول إلى واقع نعيشه بكل أفراحه تاركين وراءنا عشرات السنين من الإحباط والهزائم، فنحن اليوم نعيش أياما مباركة، رغم تشاؤم المتشائمين، وتخاذل المرجفين، وجهود المتآمرين على الثورة، أملا في إجهاضها، وما هم ببالغي أمانيهم، فقد انطلق القطار، ولن يتوقف إلا في القدس الشريف، بعز عزيز أو بذل ذليل!