نحن وهذه الحرب!
اخبار البلد -
ينشغل العالم كلّه في هذه الأيام بالحرب الدائرة على أرض أوكرانيا، والحديث عن آثارها السلبية على الاقتصاد العالمي يوازي الحديث عن المآسي التي يتعرض لها الشعب الأوكراني نتيجة للعمليات العسكرية الروسية؛ فالعالم مهتمّ كذلك بأسعار النفط التي تجاوزت حاجز المائة دولار، وتواصل ارتفاعها بصورة مقلقة للدول المستوردة، فضلا عن المخاطر المحدقة بإمدادات الغاز إلى أوروبا، التي تزودها روسيا بحوالي أربعين بالمائة من مجمل حاجة دولها للغاز.
ويجمع الخبراء على أن الخسائر والتحديات ستلحق دولا كثيرة، معظمها من الدول النامية، التي ستتأثر نتيجة ارتباك الأسواق العالمية، وارتفاع أسعار السلع الأساسية والمستوردات الصناعية وغيرها، وبخاصة الدول التي تستورد القمح والشعير من روسيا وأوكرانيا، والنتيجة أن هذه الحرب تضرّ القريب والبعيد في الحدود التي هي عليها حتى الآن، وفي تأزم العلاقات الدولية المشوبة بالعقوبات والمناورات العسكرية، فضلا عن التهديد بأسلحة الردع النووية!
لم يعد الوقت مبكرا كي تعرف كل دولة حجم التهديدات التي تتعرض لها بسبب هذه الحرب في ميدانها العالمي الأوسع؛ فقد حان وقت التفكير في آثارها على الاقتصاد المحلي، والاستعداد لما هو أسوأ، وكما يقال: « الاحتياط واجب»، وبالنسبة لنا في الأردن كنا وما نزال نعاني من أثر الحروب والأزمات في محيطنا الإقليمي على مدى سنوات طويلة، وما يزال الوضع في العراق وسورية بشكل خاص يمثل أحد عوامل التأثير السلبي على اقتصادنا الوطني.
ليس هناك ما يقلق بالنسبة للعلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بيننا وبين كل من روسيا وأوكرانيا؛ فصادراتنا السنوية إلى روسيا لا تتجاوز ثلاثة ملايين دولار، مقابل واردات في حدود 207 ملايين دولار، وكذلك الحال بالنسبة لأوكرانيا التي لا يزيد حجم صادراتنا إليها على 14 مليون دولار، مقابل واردات تقدّر بحوالي 184 مليون دولار، أما علاقات التعاون في المجالات العلمية، والثقافية، والقانونية، والزراعية، والاتصالية القائمة مع البلدين؛ فهي انعكاس لسياسة الأردن الخارجية المتوازنة مع جميع الدول.
إذا كانت الدول مطالبة بتحديد موقفها من هذه الأزمة أو الحرب أو « الصراع « بين روسيا والغرب بزعامة الولايات المتحدة الأميركية، فالموقف الثابت في المبادئ السياسية للأردن أنه يرفض بالمطلق استخدام القوة العسكرية في أي نزاع مهما بلغت حدّته، ويؤمن بالمفاوضات السلمية لحلّ النزاعات على أساس المصالح المتبادلة للأطراف المتنازعة، ومصالح الشعوب كلّها في الأمن، والاستقرار، والنماء.
في جميع الأحوال ستكون لهذه الحرب تفاعلات لا حصر لها، وهي مرشحة لتطورات يصعب التكهّن بمدى خطورتها، وهي في هذه الحال ليست بعيدة عن أحد بغض النظر عن البعد الجغرافي، وفي ظني أن وجود خلية أزمة متخصصة لمراقبة هذه الأزمة العالمية الخطيرة، وقياس آثارها علينا – كبرت أو صغرت- أمر يستحق التفكير!