عندك بحرية....
أخبار البلد-
هناك عبارة يكررها الجميع ولا يعمل بها أحد وهي منسوبة للفيلسوف الفرنسي فولتير وتقول: « قد اختلف معك في الرأي، لكني مستعد أن أدفع دمي مقابل حقك في التعبير عن رأيك».
اعتقد أننا في العالم العربي نستخدم هذه العبارة كثيرا، رغم أننا أقل البشر قدرة على التعبير عن آرائنا، لا بل أننا نقلب عبارة فولتير بكل راحة ضمير لنقول: « قد اختلف معك في الرأي، وأنا مستعد لأهدر دمك إذا اختلفت معي في أي شيء».
كل من ينوي التعبير عن رأيه بصراحة في العالم العربي، سوف يعاني من القمع المزدوج من المجتمعات العربية ذاتها، حيث أن كل واحد فينا يحمل ديكتاتورا في داخله، مما يجعل من مجتمعاتنا وحوشا عملاقة تحاول افتراس بعضها.
بدون حرية التعبير عن الرأي، فإننا نتحول إلى ديكتاتوريات متكلسة، لا تمتلك فرصة في التقدم الى الأمام، وتتحول مجتمعاتنا إلى مستنقعات تنشر جميع أنواع الأمراض والأوبئة، وعلى رأسها التطرف والتعصب الأعمى.لذلك فإن أول شرط من شروط تقدمنا ومحاولة إيقاف تراجعنا الحضاري والإنساني، هو النضال من أجل الحصول على حقنا في التعبير عن آرائنا بحرية.
يعلمنا التاريخ بأن المجتمعات التي تتكلس وتلغي حرية التعبير بين مواطنيها، تنهار من داخلها وتتراجع أخلاقيا وإنسانيا وعلميا.
النضال من أجل حقنا في التعبير عن آرائنا، هو ما ينبغي أن نمنحه لأوطاننا، وهو نضال لا بل صراع صعب، لأن قوى الشد العكسي لا تتخلى عن مواقعها بسهولة. لكنه صراع لا يمكن تجنبه، إذا رغبنا أن نتقدم إلى الأمام، ونمارس إنسانيتنا الحقة، أو على الأقل إذا أردنا إيقاف تقهقرنا.
طبعا حرية التعبير هي المقدمة الأولى ونقطة البداية فقط، وليست الهدف النهائي الذي نسعى اليه .... لكن بدون الحرية والديمقراطية، لا يمكن أن تنطلق قدرات الإنسان الخلاقة من أجل بناء مجتمع أفضل وأكثر حرية وديمقراطية وعدالة .... مجتمع يجعل الحياة جميلة وتستحق أن تعاش.