معادلة: “سجل انا عربي”

اخبار البلد - 
 

لماذا تأخر تقرير منظمة العفو الدولية "أمنستي” كل هذه السنين من ان اسرائيل دولة فصل عنصري ؟ هل لم يكن لديهم مندوب لينظر في الجرائم التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني ، أم تراه قد تم تحييده وتجنيده ليرى العنزة عنزة ولو طارت ، وأن اسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط التي زرعتها "الامم المتحدة” ، ثم في غضون أقل من ثلاثين سنة ، اعتمدتها الامم المتحدة ذاتها حركة عنصرية ، و عندما كانوا يقرنونها بدولة جنوب افريقيا ، كان البعض الحقوقي منهم "اسرائيل شاحاك” يقول اننا بذلك نسيء لجنوب افريقيا ، لكن سرعان ما رفعت "اللطخة” عنهم بمبادرة فلسطينية هذه المرة ، قبيل مؤتمر مدريد خريف 1991 عندما استجاب ياسر عرفات لمطالب دولية وعربية كبادرة حسن نية ، وبذلك اصبحت حركة تحرر ، وتحتفل اسرائيل "باستقلالها” في ايار من كل عام، – استقلال ممن و عمن ؟ – هو نفس اليوم الذي يحييه الشعب الفلسطيني كيوم نكبته . ثم جاء دور الانظمة العربية صريح الوضاعة والحقارة في الاعتراف بهذه الدولة الصديقة والعظيمة والوفية والسخية والقوية ، حتى مستوطناتها – حجر العثرة في طريق السلام – طالها من الحب العربي جانب بل جوانب ، واصبحت منتجاتها تدخل اسواقهم بدون اية عوائق او مصاعب.

كل من يظن ان اسرائيل تعامل الشعب الفلسطيني في المحتل الثاني من ارضه ، الضفة والقطاع ، على انه شعب او جزء من شعب يتم معاملته معاملة سيئة من الدرجة الثانية او الثالثة او العاشرة ، على اساس ابرتهايدي "فصل عنصري” ، فهو مخطيء ، بمن في ذلك "امنستي” نفسها ، انها تتعامل معنا على اساس ابادتنا واقتلاعنا ، قتلا ونفيا وسجنا وهدما ومصادرة واستيطانا ، كل يوم تقريبا على مدار خمس وخمسين سنة ، و لم يتغير شيء تقريبا بعد حلول السلام واقامة السلطة الوطنية ، بل ان البعض يرى ان هذه الممارسات الاحلالية قد زادت ، وزاد معها ترهيب الناس وتفقيرهم وتيئيسهم ، مقدمة لاخضاعهم لقبول المرحلة القادمة ؛ ترحيلهم وتجنيسهم في دول اخرى قريبة وبعيدة ، او في احسن الاحوال تأبيد حكمهم الذاتي او كنفدرالية مع مصر والاردن ، لكن الارض تبقى اسرائيلية صهيونية يهودية . ولذلك لم تأت أمنستي في تقريرها الايجابي على كلمة واحدة من أن اسرائيل دولة احتلال ، بل أبرتهايد ، الامر الذي ينفي عنها ما هو أخطر بكثير من الابرتهايد والفصل العنصري.

كان يمكن ان يكون هذا التصنيف شافيا ووافيا بحق مليوني فلسطيني في الداخل حصلوا على الجنسية الاسرائيلية ، و مورست بحقهم كل انواع العقوبات والتفرقة العنصرية ، بما في ذلك الحكم العسكري ومنع التجول والتعليم في الجامعات والعمل في سوق المصانع ، يوم قال سميح القاسم : ربما افقد ما شئت معاشي / ربما أعرض للبيع ثيابي وفراشي / ربما اعمل حجارا وعتالا وكناس شوارع / ربما اخمد عريانا و جائع / يا عدو الشمس لكن لن اساوم / والى آخر نبض في عروقي سأقاوم . أما محمود درويش فقد وثق ذلك يوم قال : سجل انا عربي / ورقم بطاقتي خمسون ألف / وأطفالي ثمانية ، وتاسعهم سيأتي بعد صيف.