الأمن السيبراني وضرورات الواقع

اخبار البلد -

في ظل التطور التكنولوجي الهائل والثورة المعلوماتية الكبيرة التي طالت كافة القطاعات الحياتية، وبرغم ايجابياتها الكثيرة، غير ان لها جانباً سلبياً خطيراً يتمثل بتطويع هذه التقنية لاغراض خبيثة وغير مشروعة يقع ضحيتها الافراد والمؤسسات.

هذه التطورات اظهرت مدى الحاجة الملحة إلى تطوير اجراءات ومنظومة حمائية لحماية المعلومات والبيانات التي تخص الافراد والمؤسسات، والوقوف في وجه اي اختراق او استهداف يطال الدول ومؤسساتها المختلفة.

من هنا ظهر مفهوم الامن السيبراني كضرورة ملحة وعنصر رئيس في منظومة الأمن الوطني للكثير من الدول ومنها الاردن الذي استحدث المركز الوطني للأمن السيبراني وصولا لخط دفاع قوي وحصين في مواجهة مثل هذه الظواهر المقلقة القائمة على القرصنة واستهداف المؤسسات والبيانات والمعلومات الخاصة بها.

ويقوم «الأمن السيبراني» على عدد من الإجراءات المتخذة لحماية الأنظمة والشبكات المعلوماتية والبنى التحتية من حوادث القرصنة، والقدرة على استعادة عملها واستمراريتها سواء أكان الوصول إليها بدون تصريح أو سوء استخدام أو نتيجة الإخفاق في اتباع الإجراءات الأمنية أو التعرض للخداع الذي يؤدي إلى ذلك».

كل هذه الامور تجعل من تعزيز منظومة الامن السيبراني ضرورة ملحة لحماية الدولة ومؤسساتها ومواطنيها، وتسخير كافة الامكانات لدعم عمل هذا النظام، لتجنب أية هجمات تطال مؤسسات الدولة بالعموم والسيادية على وجه الخصوص.

وفي هذا كشف وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال فيصل الشبول خلال مؤتمر صحفي عقد قبل أيام أن الأردن تعرض لـ897 هجمة إلكترونية العام الماضي (27%) منها هجمات سيبرانيَّة، أي نحو (240) هجوماً كانت من نوع الهجمات المعقَدة.

هذه الأرقام تؤشر وبوضوح إلى خطورة الامر المتمثل باستهداف الاردن من قبل دول وتنظيمات ارهابية متطرفة ما يدعونا لمزيد من التحوط والحذر.

وعلى ذات الصعيد أشارت تصريحات رئيس المركز الوطني للأمن السيراني أحمد ملحم إلى أن 4% من الهجمات الإلكترونية على الأردن العام الماضي كانت لأهداف تجسس سياسيا واقتصاديا، وأن «عناوين الإنترنت المرتبطة بالهجمات السيبرانية على الأردن العام الماضي جاءت من ٤٠ دولة حول العالم».

كل هذه الارقام والنسب التي توضح أن القرصنة والاحتيال، والترصد واستهداف البيانات والمعلومات للدول ومؤسساتها من قبل «هاكرز» مختلفين في الغايات والاتجاهات اصبحت سمه وظاهرة طالت دولاً عديدة.

ويتبين عند البحث في طبيعة وشكل الهجمات السيبرانية انها تطال مؤسسات سيادية ومالية بقصد التجسس او تعطيل عمل هذه المؤسسات والسعي للكسب المادي عبر قرصنة الحسابات والبيانات.

وبخصوص الافراد فإن حوادت الاختراق والقرصنة التي تطال هواتف وبيانات الاشخاص تتكرر في كثير من الاحيان بقصد القرصنة والابتزاز ما يتطلب اتخاذ اجراءات احترازية للحسابات والبيانات والهواتف.

المطلوب اليوم القيام بحملة توعية وتثقيف شاملة حول الهجمات الالكترونية وقرصنة البيانات والمعلومات التي تطال الافراد والمؤسسات، وسبل وطرق وتقنيات الحماية وتجنب مثل هذه الهجمات.

إجمالاً.. هذه المعلومات والارقام التي كشف عنها توصلنا لنتيجة مفادها ان الاردن ومؤسساته مستهدفان من قبل الكثير من الاطراف ما يتطلب تطوير منظومة الامن السيبراني ورفد المركز الوطني بالكفاءات والامكانات وتوفير كافة سبل الدعم له للقيام بدوره على أكمل وجه، لأن الواقع المعاش والقائم أثبت بالوجه القاطع أن الأمن السيبراني ضرورة ملحة وركن رئيس في منظومة الأمن الوطني، وليس ترفاً...