قضايا مستحدثة في جائحة كورونا

اخبار البلد -
 

القضايا المستحدثة التي عرضت على القضاء كانت من أبرز ما رافق جائحة كورونا عبر العالم. هذه القضايا تشكل مساحة لشواغل شهدها العالم لم تطرق سابقا، والمفيد أنها أسست لمبادئ وسوابق قضائية، أو على أقل تقدير تمّ فتح النقاش حول قضايا تتعلق بحقوق الانسان وسبل انفاذها على أرض الواقع في ظل الأزمات وحالات الطوارئ.
من القضايا التي طرحت خلال جائحة كورونا على القضاء والتي تتطلب التفكير مليًا بأبعادها وتطبيقات حقوق الانسان من خلالها الآتي:
أولًا: طعن احد الأفراد في دولة الكويت بأن التعليم عن بعد لا يحقق فكرة مجانية التعليم الذي يعدّ مبدأ دستوريًا؛ ذلك أن مستلزمات التعلم عن بعد من أجهزة إلكترونية واستخدام الشبكة العالمية للمعلومات(الانترنت) وغير ذلك تعد أعباء تترتب على العملية التعليمية يتحملها ذوو هؤلاء الاطفال، مما يعني أن التعلم ليس مجانيا بهذه الطريقة.
هذه القضية على بساطتها تثير جدلية عانى منها افراد كثيرون في العالم أجمع تتمثل في إمكانية الوصول الى الحقوق، والتفاوت البائن بين طبقات المجتمع في توفير مستلزمات التمتع بهذه الحقوق وبشكل خاص الحق في التعليم، وقصور التشريعات الحالية الناظمة عن مواكبة المستجدات التي قد تطرأ في العالم وليس في دولة بعينها فحسب.
ثانيًا: في الثامن عشر من آذار تم إقرار منعا للتجول من قبل رئيس الجمهورية التونسية الشقيقة وقد صدر في حينه عدة احكام بالحبس بحق مخالفين. وفي هذا الاطار أصدرت إحدى المحاكم بتاريخ 31 آذار حكما ينص على ان القاضي الجزائي قاضي شرعية؛ أي أنه ملزم بالتحقق في شرعية النص التجريمي المستند إليه فلا يطبق إلا النص الصادر عن الجهة المخولة دستوريا ضبط الجرائم والعقوبات. ونبهت الى أن الاحكام الجزائية الواردة في الامر الرئاسي الذي يتعلق بتنظيم حالة الطوارئ مشوب بعيب عدم الشرعية لاتخاذها من رئيس الجمهورية خارج حدود السلطة الترتيبية المخولة بالدستور وفي تدخل صارخ في الميدان الحصري للقوانين بما يستوجب استبعادهم وعدم اعتمادهم للتجريم والعقاب؛ اعتبارا للدور الموكول للقاضي كحام للحقوق والحريات. وقررت المحكمة بناء عليه عدم سماع الدعوى في تلك التهمة في حق من أحيلوا إليها لغياب ركنها الشرعي.
وفي حكم آخر صادر عن إحدى المحاكم في إحدى مقاطعات دولة كندا حكم القاضي لصالح إحدى الأمهات المطلقات التي تقدمت بطلب لعودة ابنها الذي يبلغ من العمر تسعة اعوام الى المدرسة ليتلقى تعليمه عن قرب وذلك رغم رفض والد الطفل، حيث اشارت والدة الطفل في الدعوى المقدمة من قبلها الى صعوبة حصول الطفل على التعليم اللازم من خلال التعليم عن بعد، بالإضافة الى ان الطفل أصبح يعاني من العزلة الاجتماعية. وقد صدر الحكم مشيرا إلى أنه في الوقت الذي يجمع فيه المختصون على أنه ليس من الآمن تماما وبشكل مطلق العودة الى الصفوف الدراسية إلا أنه تتم موازنة هذه المخاطر مع احتياجات الأطفال النفسية والاجتماعية والدراسية في آن واحد، كما أشار الحكم الى أنه لا تلوح في الأفق نهاية واضحة لهذا الوباء وعليه لا يوجد دليل على الوقت الذي ستكون فيه عودة الأطفال آمنة بصورة كاملة.
هذه القضايا تثبت لنا يوميا ان جائحة كورونا احدثت وستحدث تغييرات ممتدة في القانون وتطبيقاته الواقعية والقضائية وفي فهم العديد من مجالات حقوق الانسان، تماما كما احدثت تغييرات في شكل العلاقات البشرية وفي الجوانب الاقتصادية والثقافية والصحية وغيرها.